هل أصبحنا دولة بوليسية؟
كنا دائماً نفخر بأن الكويت هي الدولة العربية الوحيدة التي لا تعرف «زوار الليل»، وليس فيها سجناء رأي، فالحجة تُقارع بالحجة، والرأي يقابله الرأي الآخر، والقوانين رادعة لمن أساء واستعمل كلاما بذيئاً. إني لأحزن لما آراه الآن من تصرُّفات شاذة، بحق كل مَن لديه رأي مخالف... صرنا هدف المداهمات الليلية والاعتقالات... لا، بل حتى التعذيب، ووقاحة البعض بالتباهي بامتلاك أحدث وسائل التجسس الحديثة، لمراقبة الناس في بيوتهم.هل المطلوب التنافس مع أنظمة صدام والأسد؟
ها قد أصبح عندنا سجناء رأي!كنا ملاذاً للأحرار، نوفر لهم الحماية والإقامة الكريمة، رغم أننا تحت الحماية البريطانية، فاستفدنا من ثقافتهم الدينية السمحة، وتأكيدهم على أهمية التعليم لتطوُّر المجتمعات.فشّلتونا.. احنا غير.الغاز للكويت أصبح لغزاً محيراًذكرت الصحف الكويتية الأسبوع الماضي، أن وفداً رسمياً أخذ يجوب العالم، يفتش عن غاز تحتاج إليه الكويت.. لماذا هذا والغاز على الباب في قطر، أي على «حذفة عصا»، كما يقول المثل؟!زاد التعجب لديَّ، عندما علمت بالسبب الحقيقي... بالطبع لا أستطيع البوح به، فهو «دودوه»، وفق قوانين المحبة التعاونية الخليجية الرسمية، والويل لمَن يتجرأ ويبوح بالسر... يعيش النفاق!الحقيقة في مأساة تونس شخصان اثنان قتلا «السياح»، فدمّرا اقتصاد تونس، المعتمد على السياحة بالدرجة الأولى، بعد انتصار الربيع العربي بالإطاحة بنظام فاسد، وبدأ المسيرة لبناء نظام ديمقراطي حقيقي.من السهل أن نقول إن ذلك سببه تنظيمات دينية متطرفة، إلا أننا في الحقيقة لم نقرأ معنى الربيع العربي جيداً، فالكرامة هي العنوان الصحيح لهذه الثورة، وهي رفض الذل والهيمنة والجوع... وهذه كلها كانت عند البوعزيزي، ودفعته للانتحار حرقاً.لم نكن نعرف أن 3 آلاف تونسي انضموا لـ «داعش» في العراق وسورية، وغيرهم أيضاً تسلل للدول المجاورة، للانضمام لهذا التنظيم.هذا يحدث، لأن النظام الفاسد لا يرحم المحرومين، ولا يوفر لهم الحد الأدنى من المعيشة الكريمة... بطالة عامة قاتلة، فأصبحت الحياة بالنسبة لهؤلاء عذاباً يومياً، ما دفعهم إلى الانتقام من هذه الأنظمة. هذا ما يحدث في المجتمعات التي يموت البعض فيها من الجوع، ويموت الآخرون من التخمة... حين تكون الثروة للقلة المتنفذة فقط. فهل يستطيع بعض المسؤولين العرب استيعاب هذا الدرس؟لا أعتقد.. والله يستر!مَن هو المجرم الذي اقتحم مجلس الأمة؟ثارت ضجة كبيرة، عندما لجأ بعض الشباب إلى مجلس الأمة، بعد منعهم من مسيرة باتجاه منزل رئيس مجلس الوزراء السابق، وقد اعتُبر ذلك اقتحاماً للمجلس، وكأنهم دخلوه عنوة، بعد أن حطموا أسواره وأبوابه، وأحرقوا محتوياته، وطالبت السلطة والمغرر بهم بمعاقبة هؤلاء الشبان، وإحالتهم للمحاكم.ولكن عندما قام مسؤولون بإرسال قوات الأمن لاحتلال المجلس، وحظروا دخوله على النواب، بل وقاموا بتهديد حرسه الخاص، إن قام بواجبه في حمايته - وفق ما نص عليه الدستور- ومنع قوات الأمن من الاقتراب منه، وهو ما حصل في عامي 1976 و1986 عند حُل المجلس، لم يعد هذا الأمر اقتحاماً.هؤلاء المسؤولون هم الذين خالفوا القانون والدستور، هؤلاء هم الذين يستحقون الإحالة للمحاكمة، لارتكابهم هذه الجريمة، وليس أبناء الشعب المسالمون الذين لجأوا إلى مجلس الأمة، بيتهم الرسمي.