الارقام التي تظهرها الودائع بالعملات الاجنبية منها او بالدينار تكشف عن قناعات المستثمرين افرادا وشركات بواقع السوق المحلي، خصوصا في ظل ضعف العائد على الودائع، مما يعني ان المستثمرين لم يجدوا اي فرصة مجدية لاستثمار اموالهم، خصوصا في غياب اجراءات التحفيز او انعاش الاقتصاد.
كان لافتاً في بيانات بنك الكويت المركزي النمو القياسي في قيمة ودائع القطاع الخاص بالعملات الاجنبية، بما يعادل 31.6 في المئة في الربع الاول من هذا العام، مقابل نمو طفيف لودائع القطاع الخاص بالدينار، بما يعادل 0.98 في المئة فقط لنفس الفترة المقارنة.وحسب البيانات، فإن ودائع القطاع الخاص بالعملات الاجنبية قفزت بواقع 915 مليون دينار خلال 3 اشهر الى ما يعادل 3.806 مليارات دينار، في حين ارتفعت ودائع القطاع ذاته بالدينار بواقع 290 مليون دينار خلال نفس الفترة الى 29.737 مليار دينار، ليبلغ اجمالي الودائع بالدينار والعملات الاجنبية للقطاع الخاص وحده 33.543 مليار دينار.نقطتانبالطبع، هذه الأرقام تعكس نقطتين اساسيتين في محور ودائع القطاع الخاص، اولاهما: استمرار النمو المتوالي في اجمالي الودائع منذ بداية تأثر السوق الكويتي بالازمة المالية العالمية من 16.5 مليار دينار إلى الرقم الحالي 33.543 ملياراً، اي ما يفوق الضعف، والأخرى أن هناك حالة من الرغبة باتجاه الايداع بالعملات الاجنبية برزت خلال الاشهر الاخيرة.ومن الجدير بالمقارنة في هذا المجال أن ودائع القطاع الخاص بالدينار لدى البنوك المحلية كانت قد زادت خلال عام 2014 كله بنسبة 4.2 في المئة فقط، حيث بلغت 29.447 ملياراً مقارنة بـ28.264 ملياراً في ديسمبر 2013، وتمثل هذه النسبة انخفاضا عند مقارنتها بنسبة الزيادة في هذه الودائع في عام 2013 والتي بلغت 7 في المئة.بينما بلغ ارتفاع مجموع ودائع القطاع الخاص، أي ودائع الدينار مضافا اليها ودائع العملات الأجنبية نسبة 3 في المئة، أي أن ودائع العملات الأجنبية لم تحقق ارتفاعا في سنة 2014، حيث وصل اجمالي الودائع الى 32.338 مليون دينار في 2014، في مقابل 31.385 مليوناً في 2013.وتطرح هذه المقارنة مزيدا من التساؤلات عن سبب القفزة المفاجئة في قيمة ودائع العملات الأجنبية في الكويت في الربع الأول من هذه السنة، وبدرجة أكبر في مارس، وهو الشهر الأخير الذي يوفر البنك المركزي بيانات حوله.تفسير النموإن بيانات الودائع التي ينشرها البنك المركزي في احصائيته الشهرية لا تحدد اسباب النمو او الانخفاض في مكونات الودائع المصرفية، الا انه يمكن تفسير النمو الكبير في ودائع العملات الاجنبية بأنه قد يكون ناتجا عن الرغبة في الاستفادة من تراجع قيمة صرف الدينار مقابل العملات العالمية الرئيسية، او حتى غير الرئيسية، خصوصا في ظل تعاظم اسعار الفائدة على ودائع عدد كبير من العملات، حيث تصل فوائد الليرة التركية او الروبية الهندية مثلا الى ما يعادل 7.5 في المئة، وبالنسبة الى الدولار الاسترالي 2 في المئة والدولار النيوزيلندي 3.5 في المئة، فضلا عن الرهان على ارتفاع قيمة العملة الاجنبية مقابل الدينار بما يحقق مكاسب على صعيدي القيمة وسعرالفائدة، في حين ان سعر فائدة الدينار لا يتجاوز 1 في المئة للفترات من سنة الى سنتين ولمبالغ قد تصل الى ربع مليون دينار في معظم البنوك الكويتية.تضاعف الودائعوعلى صعيد إجمالي، فإن نمو قيمة ودائع القطاع الخاص بما يعادل الضعف الى 33.543 مليار دينار خلال 7 سنوات في ظل معدلات سعر فائدة منخفضة يعكس عدم وجود بيئة استثمارية سليمة تحفز هذه الاموال على الخروج من كنف الودائع الى العمل التجاري والاستثماري، وهي امور تستوجب العمل على تطوير مزيد من الادوات في سوق المال وتنظيم العقار وتوفير أراض مخصصة للصناعة، والاسراع في المشاريع الصغيرة والمتوسطة، إضافة إلى تطوير بيئة الاعمال وتوفير مناخ جيد لاستقطاب الاموال من الخارج.خمول البيئة الاستثماريةولكي نعرف جانبا من خمول البيئة الاستثمارية في الكويت علينا فقط ان نذكر أن قيمة تعاقدات الكويت لمشاريع البنية التحتية لعام 2014 بلغت 3.45 مليارات دولار من اصل 86 ملياراً. وبالنظر الى حجم التعاقدات الجديدة لمشاريع البنية التحتية في دول الخليج خلال نفس العام، حسب مؤسسة "فنتشرز أُنسايت" البحثية فإن تعاقدات الكويت مع انها تشكل 10 اضعاف تعاقدات عام 2013 فانها ايضا لا توازي اكثر من 4 في المئة من اجمالي الانفاق الخليجي على مشاريع البنية التحتية.والارقام التي تظهرها الودائع بالعملات الاجنبية منها او بالدينار تكشف عن قناعات المستثمرين، افرادا وشركات، بواقع السوق المحلي، خصوصا في ظل ضعف العائد على الودائع، مما يعني ان المستثمرين لم يجدوا اي فرصة مجدية لاستثمار اموالهم، خصوصا في غياب اجراءات التحفيز او انعاش الاقتصاد.دور «المركزي»ولكن لماذا نواصل البحث عن أسباب مقنعة لقفزة ودائع العملات الأجنبية في الكويت؟ أليس من واجب البنك المركزي أن يوضح هذه الأسباب؟ ان البنك المركزي مطالب بمزيد من الشفافية، وعليه من خلال وكالة الانباء الكويتية (كونا) التي خصها دون غيرها بإحصائيته عن شهر مارس أو من خلال غيرها، أن يشير الى سبب أو أسباب هذه القفزة الكبيرة في ودائع العملات الأجنبية، وألا يكتفي بنشر هذه البيانات التي يمكن ان تفسر بطريقة مقلقة ما لم يكن هناك توضيح أو إفصاح.
آخر الأخبار
تقرير اقتصادي: «ودائع العملات الأجنبية»... نمو لافت واقتناص لفرص خارج الدينار
21-05-2015