شبكات الضياع الاجتماعي
![طالب الرفاعي](/theme_aljarida/images/authorDefault.png)
شبكات التواصل الاجتماعي فرضت على البشر واقعاً اجتماعياً جديداً، وهذا الواقع أفرز أمراضه، ولأنها أمراض فتّاكة وجب التصدي لها، خشية التورط فيها. فمن المفترض ألا يقوم أحدنا بإضافة شخص لحسابه الخاص في "فيس بوك" أو "تويتر" أو "انستغرام"، بينما الآخر يتخفى وراء نعت غريب، وصورة لممثل أو ممثلة أو منظر طبيعي أو وردة! لا أدري كيف يتورط أشخاص بالدخول في علاقات افتراضية مع أشباح! يفتحون لهم قلوبهم، ويمررون لهم أسرار حياتهم؟ كيف يثق إنسان بآخر، وهذا الآخر يقدم نفسه بشكل كاذب ومفضوح؟ كيف يمكن لفتاة أو امرأة أن تصادق رجلاً ينعت نفسه بـ"البحر الهائج، وديك الميدان، وعنفوان المعركة، ولون الحب، وطير الجبل"، وقائمة لا تنتهي من الصفات المضحكة؟! ولا أتصور قيام رجل عاقل بالدخول في علاقة عاطفية مع فتاة أو امرأة تضع صورة ممثلة أو وردة، بينما هي أبعد ما تكون عن ملامح تلك الممثلة وصفات الوردة!شبكات التواصل الاجتماعي، جاءت في أساسها لتعوّض البعض شيئاً من فقر علاقاتهم الاجتماعية الحقيقية، ولتخلق نوعاً من السلوى والمتعة لبعض آخر، ولذا على من ينوي الدخول إلى عالم هذه الشبكات أن يكون مدركاً لحقيقة كونه بحاجة الى التواصل مع شخص يحمل صفات البشر، أكثر من تخفيه وراء صفات الأشباح. كما عليه ألا ينخدع بعدد المتابعين لأي اسم أو نعت، فالأمر مكشوف بقيام دكاكين كثيرة ببيع المتابعين، وهي لا تستحي من الإعلان عن عملها، ولا تشعر بخزي فعلتها!مجتمعات الدول العربية، تمرّ منذ اندلاع ما عاد يُعرف بـ"ثورات الربيع العربي"، بظروف استثنائية، وبعضها يعيش لحظات مخاض وحشية ومخيفة ولا يمكن، بأي حال من الأحوال، التنبّؤ بما ستحمل الأيام والسنون القادمة. وهذا يدفع بكثيرين الى الهرب من جحيم الواقع الحقيقي إلى جنة الواقع الافتراضي. لكن لأن أي هروب له ضريبة، فإن البعض يستجير من الرمضاء بالنار.