قبل عقد من الزمن كان الفحم مصدر الوقود بالنسبة إلى نصف طاقة توليد الكهرباء في الولايات المتحدة، وهبطت النسبة بعد ذلك إلى 37%، ولم يكن مفاجئاً أن تراجع الطلب أفضى إلى تحطيم العديد من شركات التعدين، وسيزداد الوضع سوءاً.
قد تكون صناعة تعدين الفحم الأميركية تعمل عبر أجهزة إنعاش ولكنها لم تمت بعد. وفي اتفاق لافت أعلن الأسبوع الماضي اندماج قطبين من أقطابها البارزين للقيام بمهمة ملحة للغاية، ففي مقابل 1.4 مليار دولار نقداً باع الملياردير كريس كلاين (57 سنة) 50 في المئة من شركة فورسايت إنرجي Foresight Energy و80 في المئة من حصة شريكها العام.وكان المشتري شركة موراي إنرجي Murray Energy وهي الأكبر في صناعة تعدين الفحم في البلاد ويسيطر عليها روبرت موراي وعمره 75 سنة، والذي عرف بعدائه لوقوف إدارة الملك أوباما إلى جانب أنصار حماية البيئة بغية تدمير صناعة الفحم.قبل عقد من الزمن كان الفحم مصدر الوقود بالنسبة الى نصف طاقة توليد الكهرباء في الولايات المتحدة، وهبطت النسبة بعد ذلك الى 37 في المئة، ولم يكن مفاجئاً أن تراجع الطلب أفضى الى تحطيم العديد من شركات التعدين، وسيزداد الوضع سوءاً، وقالت شركة وود ماكنزي الاستشارية في تقرير لها أخيراً ان 17 في المئة من انتاج الفحم في الولايات المتحدة في هذه السنة (حوالي 160 مليون طن) ليس اقتصادياً عند أسعار السوق الحالية.وصمم كلاين وموراي على الصمود حتى النهاية، إذ قال في بيان له: "هذا يوم رائع لصناعة الفحم الأميركية، وقد بدأت أنا وبوب موراي العمل كعمال مناجم، ونحن نعرف كيف ندير عمليات تعدين آمنة وفعالة ومتدنية التكلفة، ونحن نظن أننا سنقوم بأداء أفضل معاً من خلال مشاطرة أفضل الممارسات والاستفادة من جوانب التكلفة، ونحن معاً سنتقدم في جهودنا لتقديم طاقة كهربائية موثوقة ومتدنية التكلفة الى المعامل والمدارس والمستشفيات والمنازل في الولايات المتحدة".وستشكل الشركتان مصدر إنتاج مهيمن متدني التكلفة في حوض أبالاش الشمالي (حيث تعمل موراي) وفي حوض ايلينوى (حيث تعمل فورسايت)، وسيكون لديهما أكثر من 9 مليارات طن من احتياطي الفحم، وما يدعوه المحلل دانييل سكوت لدى كاون and كومباني cowen and Company " واحداً من أفضل الأساطيل كفاءة في العالم" مع 17 منجماً وشبكة نقل للفحم.وعلى الرغم من أن سكوت يرى أن الاتفاق ينطوي على حوالي 36 في المئة كقسط من سعر اغلاق يوم الجمعة قبل الماضي لشركة فورسايت إنرجي فقد ارتفعت وحداتها بنسبة 1.5 في المئة فقط في تداولات صباح يوم الاثنين. ويعتبر نقص الحماس مفهوماً نظراً لأن كلاين وحدها ستبيع وحداتها فيما تظل الـ13 في المئة من شركة فورسايت من دون تغيير اضافة الى 22.5 في المئة من الحصة في الشريك العام.ويقول سكوت إن حملة الوحدات في فورسايت إنرجي يجب أن يسعدهم هذا الاتفاق بسبب امكانية النمو التي ينطوي عليها، وكشراكة محدودة تقوم فورسايت بتوزيع تدفقاتها النقدية على حملة الوحدات من دون ضرائب، وتبلغ أرباح التوزيع عند قيمة الوحدة الراهنة 9 في المئة سنوياً – وقبل هذا الاتفاق كان مصدر نمو توزيعات شركة فورسايت هو قيام كلاين بفتح مناجم جديدة، وبعد الاتفاق يتعين أن تكون التوزيعات المتزايدة أكثر سهولة، لأن شركة موراي ستتمكن من بيع "أو ضم" أصول التعدين القائمة في الشركة.وحققت شركة موراي اطفاءات محاسبية بقيمة 713 مليون دولار في السنة الماضية وبغية الدفع لمناجم موراي فإن من المحتمل أن تقوم موراي ببيع وحدات جديدة في اكتتاب عام، ويقول سكوت إن ذلك لن يخفف من حملة الوحدات الحالية ما دامت الأسعار التي تدفع لتلك المناجم عادلة، وعلى العكس من ذلك فإن اضافة وحدات جديدة سيساعد على تحسين السيولة.وبالنسبة الى عائلة موراي التي تعيش في اوهايو فإن هذا الاتفاق يمثل قدراً من التخطيط العائلي، ويعتقد ان موراي وزوجته وأولاده يملكون كل أسهم الشركة التي قدرت عوائدها في السنة الماضية بـ 3.6 مليارات دولار. ومن أجل الحصول على البعض من السيولة الشخصية فإن في وسع موراي – من الناحية النظرية – محاولة طرح شركته في اكتتاب عام أولي ولكن لا توجد شهية لذلك في وول ستريت نظراً لطريقة انهيار أسهم عمالقة الفحم مع تعرض شركات مثل آرش كول Arch coal وألفا ناتشيرال ريسورسزAlpha Natural Resources وبيبودي إنرجي Peabody Energy الى هبوط بنسبة 96 في المئة و98 في المئة و89 في المئة على التوالي خلال خمس سنوات، ثم من يعلم، على اي حال، كم تساوي قيمة أسهم موراي انرجي؟ وقد تأثرت الشركة بشدة بعد أن دفعت في الماضي 3.25 مليارات دولار في سنة 2013 من أجل الحصول على مناجم في غرب فيرجينيا من شركة كونسول انرجي Consol Energy، وبغية تحقيق صفقة فورسايت سيعيد موراي تمويل الدين الحالي عن طريق قرض جديد بمبلغ 1.6 مليار دولار وسيبيع حوالي 900 مليون دولار في سندات جديدة.ومن جهته، برز كلاين مثل ضوء مشع في السنوات الأخيرة وسط ركود صناعة الفحم، وقد نشأ كلاين في غرب فيرجينيا وكان والده يدفع له، خلال شبابه، بنساً لكل حقيبة من الأوساخ التي يزيلها من تحت الشرفة الأمامية، وعندما انهارت الشرفة تعلم درساً قيماً حول أهمية الهندسة التي طبقها في ما بعد في سقوف المناجم.وفي تسعينيات القرن الماضي كانت لدى كلاين البصيرة لشراء احتياطيات فحم في حوض ايلينوى واستحوذ على مناجم من شركات مثل يو اس ستيل واكسون، ولم يعد أحد يريد الفحم بعد صدور تعديلات سنة 1992 لقانون الهواء النظيف لأن الفحم يحتوي على نسبة عالية من الكبريت، وينتج كمية كبيرة من ثاني أكسيد الكبريت عند احتراقة لتوليد الكهرباء.ولكن كلاين كان يعتقد أن الابتكارات وتقنية التحكم بالتلوث ستمكن الفحم من تحقيق عودة، ونظراً لتجاهل الفحم العالي الكبريت لفترة طويلة غدت طبقاته أكثر سماكة وليس كما في مواقع عميقة في باطن الأرض، وبالتالي أصبح تعدينه أسهل وأكثر رخصاً، ونتيجة لذلك غدت تكلفته التي تقارب 22 دولاراً للطن أقل كثيراً من الخمسين دولاراً للطن في المناجم المتوسطة في شرق الميسيسيبي. وكانت التكلفة المتدنية تعني أن كلاين يستطيع التفوق في المنافسة على أصحاب المناجم الآخرين كما كان وضع فورسايت قوياً بما يكفي بحيث تمكن من جعل شركة ام ا ل بي عامة في سنة 2014.وفي شهر فبراير اشترى كلاين حصة فورسايت عبر ريفرستون القابضة مقابل مبلغ يقدر بـ500 مليون دولار، وسوف يعيد اتفاقه مع موراي كل ذلك النقد مع قدر من الربح.لدى كلاين البعض من الأهداف بشأن تلك المبالغ النقدية، وهو يكافح ضد قبائل أميركا الأصلية من أجل الحصول على موافقة لبناء منجم خام الحديد في ويسكونسن، وقد استحوذ في السنة الماضية على منجم للفحم في نوفا سكوتيا من شركة غلنكور Glencore. وأعقب ذلك في الشهر الفائت بالاستحواذ على كولسبر Coalspur التي تملك احتياطيات فحم في غرب كندا.
اقتصاد
اندماج أقطاب صناعة الفحم في مواجهة الملك «أوباما»
21-03-2015