في السابع من يوليو من عام 2013، كتب رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير مقالاً في صحيفة الأوبزرفر البريطانية، واتخذ فيه موقفاً مؤيداً لتدخل الجيش المصري للوقوف بجانب الشعب في الإطاحة بالإخوان، لم يكن كل شخص في بريطانيا يتفق مع ما قاله وقتها في المقالة، وتم توجيه انتقادات إليه من الكثيرين من وسائل الإعلام وسياسيين بريطانيين وغربيين.
لم يثن هذا الهجوم الرجل عن الاستمرار في موقفه، بل تجاوز ذلك إلى القيام بزيارات للقاهرة، بعضها لم يعلن عنها، ليترجم موقفه المؤيد من كلام إلى فعل، وبسبب هذا الموقف تعرّض بلير للعديد من حملات الهجوم والتشكيك، وغني عن البيان الإشارة إلى أنه يتمتع بشخصية مثيرة للجدل، فليس هو السياسي المفضل لدى قطاعات من الرأي العام البريطاني، في المقابل من الواضح تماماً أن الرجل ظل يحتفظ بحضوره على الساحة الدولية، ولا يوجد سياسي بريطاني معاصر نجح في الاستمرار في دائرة الضوء والجدل والتأثير كما بلير. عرفت توني، كما يناديه من حوله، عن قرب خلال الفترة التالية لإسقاط الإخوان، وفي آخر مرة تحدثنا فيها توقف أمام السبب الذي دفعه إلى اتخاذ موقف ضد التيار: «أعتقد أن بعضنا ممن دعموا ثورة يونيو يشعر بأننا اتخذنا القرار الصحيح، فمصر كانت في حالة أزمة، وأعتقد أنها كانت تنزلق إلى الهاوية، ولابد من نزول ملايين الناس إلى الشوارع، لأنهم عرفوا ما الإجراءات التي يجب اتخاذها حيال هذا الوضع، ورغم وجود الكثير من التحديات، فإنني أعتقد أن الدولة الآن في طريقها إلى المستقبل».وأضاف «اعتدت على هذا النقد من الإعلام، خاصة إذا كنت تتمتع بخبرة عريضة، فيجب عليك استخدام هذه الخبرة لتقول للناس ما الذي تفعله، وقد يكون ما تقول يراه البعض ليس الحكمة الأصيلة، وبالنسبة لي كنت أرى وأشعر بما يحدث في مصر، وأرى هذا الاستحواذ المنظم على كل المؤسسات من قِبَل الإخوان كوسيلة للوصول إلى غاية لا ممارسة الديمقراطية، ومهمتي أن أقول للناس احذروا ذلك، واستيقظوا، فليس سهلاً أن يستمر هذا الوضع». يعتقد توني أن المشكلة هي أن الغرب يجهل تماماً ما يحدث في الشرق الأوسط، وهو لا يستثني نفسه من هذا الجهل، لكن بعد مغادرته عمله في الحكومة، وانشغاله بعملية السلام في الشرق الأوسط، أصبح أكثر قدرة على فهم أفضل لطبيعة المنطقة وتعقيداتها، لعل من أهم المفاهيم المعدلة بعد تصحيح سوء الفهم الأصيل أن الاعتقاد لدى الغرب بأن «الإخوان» مثلهم مثل الحزب الديمقراطي المسيحي في ألمانيا مثلاً، هو اعتقاد يدعو إلى السخرية، إنها منظمة تختلف تماماً، والغرب فشل في رؤية ذلك، فهناك فجوة بين حقيقة ما يحدث في الشرق الأوسط وما يفهمه الغرب.توني، الذي يعتبر نفسه داعماً لمصر وللرئيس السيسي، يعتقد أنه لا خيار أمام الجميع إلا أن ينجح، ويقول في هذا الصدد: «ما أستطيع أن أقدمه لمصر وأقوله للناس في الغرب: إنه من الضروري لأمننا أن تنجح مصر، فإذا نظرتَ إلى المنطقة، سواء كان إلى القضية الفلسطينية - الإسرائيلية، أو ما يمارسه تنظيم داعش، أو للأزمتين الليبية واليمنية، فستجد أنه لا يمكن لأي من هذه المشاكل والأزمات أن تتحسن إذا لم يكن السيسي موجوداً، وكان الإخوان موجودين، والأساس في أمننا أن تنجح مصر، إن نجاح مصر ضروري لتحقيق أمن الدول الغربية، نظراً لأهمية دور القاهرة في الأزمات التي تشهدها بعض دول منطقة الشرق الأوسط». سيظل علينا العمل دوماً لكسب أصدقاء جدد والدفاع عنهم ودعمهم، لقد أصبحت الأصوات الصديقة المؤثرة صعب الحصول عليها في هذه المرحلة التي نمر بها ومع ما تشهده المنطقة من أحداث ودماء.
أخر كلام
توني بلير... رؤية مختلفة للمنطقة
14-03-2015