من شأن بقاء النفط عند 70 دولارا للبرميل مدة عام أن يحرم دول الخليج دخلا بعشرات المليارات من الدولارات، لكنها لن تواجه بالضرورة تباطؤا حادا في النمو الاقتصادي وأرباح الشركات.

Ad

يظهر أحدث مسح تجريه «رويترز» لآراء مديري الأصول في المنطقة ان مديري صناديق الشرق الأوسط يتوقعون استئناف ضخ الأموال بأسواق الأسهم الخليجية في الأشهر المقبلة فور تلاشي صدمة انحدار أسعار النفط.

وأحدث تراجع خام برنت إلى 70 دولارا للبرميل الأسبوع الماضي من حوالي 115 دولارا في يونيو تحولا في التوقعات الاقتصادية لدول الخليج المصدرة للنفط، وأدى ذلك إلى تدهور أداء الأسهم الخليجية بعد أداء قوي على مدار عامين.

وهوى المؤشر العام السعودي 19 في المئة من ذروته المسجلة في سبتمبر متخليا بذلك عن معظم مكاسب السنة. ونزل مؤشر دبي 17 في المئة مقارنة مع أعلى مستوى للعام.

وفي المقابل فإن مؤشر «ام.اس.سي.آي» للأسواق الناشئة انخفض بنسبة تسعة في المئة فقط عن أعلى مستوياته هذا العام.

وفي استطلاع شمل 15 من مديري الاستثمار في الشرق الأوسط أجري على مدى الأيام العشرة الأخيرة قال كثيرون إن أسواق الأسهم الخليجية قد تتراجع بدرجة أكبر في المدى القصير إذا ظلت أسعار النفط ضعيفة.

وقال العضو المنتدب لشركة أبوظبي الوطني للأوراق المالية محمد علي ياسين: «التراجع الحاد في أسعار النفط وعدم التيقن بشأن اتجاه الأسعار في المدى المتوسط يؤديان إلى استمرار العزوف عن الشراء حتى تتضح الصورة».

غياب المحفزات

واضاف ياسين: «في غياب الأحداث المحفزة خلال ديسمبر وبدون أي أخبار للشركات من المتوقع أن تواصل السوق اتجاهاتها الراهنة أو ربما تنخفض انخفاضا طفيفا حيث ستكون ضعيفة في مواجهة أي عمليات بيع أو جني أرباح قبل نهاية العام».

لكنه وآخرين قالوا إن توقعات المدى الطويل للأسهم الخليجية ليست نزولية وإن التقييمات قد تنخفض مما سيسمح بعودة تدفقات كبيرة من الصناديق أوائل العام المبل.

وخلص المسح إلى أن 53 في المئة من مديري الصناديق يتوقعون زيادة مخصصاتهم لأسهم الشرق الأوسط على مدى الأشهر الثلاثة المقبلة بينما يتوقع 27 في المئة تقليصها.

ولا يختلف ذلك كثيرا عن نتائج مسح الشهر الماضي عندما كان برنت قرب 85 دولارا حيث أبدى 47 في المئة من المديرين عزما على زيادة المخصصات لأسهم الشرق الأوسط وقال 20 في المئة إنهم سيخفضونها.

وأظهر أحدث مسح أن 53 في المئة من الصناديق تتوقع زيادة مخصصات الأسهم السعودية على مدى الأشهر الثلاثة المقبلة رغم الاعتماد الكثيف للاقتصاد السعودي على النفط والوزن الضخم لشركات البتروكيماويات - الثلث تقريبا - في سوق الأسهم المحلية. وتوقع 20 في المئة تقليص المخصصات السعودية.

وفي الإمارات العربية المتحدة حيث توجد في البورصات قلة من الأسهم المرتبطة ارتباطا مباشرا بالنفط وينصب التركيز بدلا من ذلك على البنوك والشركات العقارية توقع 47 في المئة زيادة مخصصات الأسهم وقال 20 في المئة إنهم سيخفضونها.

لا انهيار

من شأن بقاء النفط عند 70 دولارا للبرميل لمدة عام أن يحرم دول الخليج من دخل بعشرات المليارات من الدولارات. لكنها لن تواجه بالضرورة تباطؤا حادا في النمو الاقتصادي وأرباح الشركات. ويرجع ذلك إلى أن الثروة النفطية تصب في خزائن الحكومات الخليجية.

وفي ظل سعر سعر يبلغ 70 دولارا من المرجح أن تبدأ ميزانيات السعودية والإمارات العربية المتحدة في تسجيل عجز لكن الدولتين قادرتان على مواصلة الإنفاق بمعدلات كبيرة عن طريق السحب من الاحتياطيات المالية الضخمة أو إصدارات الديون. وهذا ما يتوقعه معظم مديري الصناديق والمحللين.

فنمو الإنفاق الحكومي للاقتصادات الخليجية الكبيرة قد يتباطأ لكن من المستبعد أن يتراجع. وتعاني البحرين وسلطنة عمان من أوضاع مالية أضعف وقد تضطران إلى إجراء تخفيضات أشد لكن اقتصاديهما صغيران.

وفي أسوأ الحالات فإن نمو العام القادم للاقتصادات الخليجية الكبيرة قد لا يصل إلى مستويات تزيد على 4 في المئة التي كان المحللون يتوقعونها قبل بضعة أشهر لكن من المرجح أن يظل قويا بمعايير معظم باقي أنحاء العالم.

امتصاص الصدمة

وقال جيسون توفي، خبير اقتصاد الشرق الأوسط لدى «كابيتال إيكونومكس» في لندن: «النقطة المحورية هي أن المنطقة في وضع قوي يسمح لها بامتصاص صدمة الدخل. ينبغي الإقرار بأن الميزانيات في عدد من الدول قد تكون الآن في حالة عجز. لكن هذا يسهل تمويله عن طريق إصدارات الديون أو السحب من المدخرات الضخمة. علاوة على ذلك لن يتحول فائض ميزان المعاملات الجارية الإجمالي للمنطقة إلى عجز إلا إذا حدث مزيد من التراجع في أسعار النفط».

وأضاف: «النتيجة أن فترة من أسعار النفط المنخفضة لن تتسبب على الأرجح في انهيار النمو بأنحاء المنطقة».

وستكون أرباح منتجي البتروكيماويات هي الأكثر تضررا بسعر 70 دولارا للنفط. فسيفقد المنتجون الخليجيون ميزتهم التنافسية قياسا إلى الشركات الأجنبية من انخفاض أسعار المواد الخام وسيواجهون خسائر تقييم في مخزوناتهم.

وقلص المحللون بالفعل متوسط توقعاتهم لأرباح قطاع البتروكيماويات السعودي هذا العام إلى 13 في المئة من 25 في المئة وفقا لبيانات «تومسون رويترز».

وفي ضوء قوة القطاع الخاص السعودي فإن التأثير على الصناعات الأخرى سيكون كبيرا لكن ليس بنفس الدرجة.

فمن المتوقع الآن نمو الأرباح في سوق الأسهم السعودية بأسرها 12 في المئة هذا العام بدلا من 17 في المئة في تقديرات منتصف سبتمبر.

وستشهد أسواق الأسهم الخليجية الكبيرة الأخرى الأقل انكشافا على أرباح البتروكيماويات تأثيرات أضعف.

مصر وتركيا

وأظهر مسح «رويترز» اهتماما بين مديري صناديق الشرق الأوسط بأسواق الأسهم التي قد تستفيد من انخفاض أسعار النفط.

ومن شأن تراجع تكاليف الطاقة العالمية أن يعطي دفعة لمصر عن طريق تقليص العجز الخارجي وتخفيف الضغوط على الوضع المالي للدولة من جراء دعم الطاقة وسيسهل مهمة معالجة نقص الكهرباء.

وتوقع ثلث مديري الصناديق زيادة مخصصاتهم للأسهم المصرية على مدى الأشهر الثلاثة المقبلة بينما توقع 13 في المئة تقليصها.

وقد تكون أكبر دفعة في نظر المستثمرين لتركيا التي واجهت مصاعب على مدى العام المنصرم في ظل تقلبات سعر الصرف ونزوح رؤوس الأموال بسبب العجز الخارجي الكبير والمتفاقم بفعل واردات الطاقة.

وأظهر أحدث مسح أن 20 في المئة من مديري الصناديق يتوقعون زيادة مخصصاتهم للأسهم التركية وسبعة في المئة يتوقعون تقليصها في نظرة هي الأكثر تفاؤلا منذ بدء إجراء المسح في سبتمبر 2013.

المشاركون في المسح

المؤسسات التي شاركت في المسح هي: صندوق أبوظبي للتنمية والبنك الأهلي العماني والريان للاستثمار والمال كابيتال وأموال قطر وأرقام كابيتال وبنك الإمارات دبي الوطني وبيت الاستثمار العالمي (غلوبل) وبنك المشرق وبنك أبوظبي الوطني وان.بي.كيه كابيتال وبنك رسملة الاستثماري وشرودرز الشرق الأوسط وشركة الأوراق المالية والاستثمار (سيكو) البحرينية وبنك الاتحاد الوطني.

(رويترز)