منذ فجر أمس بدأت حسابات "داعش" والجيش العراقي على مواقع التواصل، تتحدث عن بدء معركة كبيرة في تكريت مسقط رأس الدكتاتور العراقي السابق صدام حسين، وهي سادس محاولة لطرد المتشددين يقوم بها الجيش مدعوماً بالمتطوعين الشيعة من "الحشد الشعبي" وبعض مقاتلي القبائل السنية.

Ad

والفرق بين هذه العمليات وما سبقتها، ما رافقها من تعبئة إعلامية عن "حرب فاصلة" تمهِّد لعملية الموصل التي لا أحد يعرف متى وكيف ستبدأ. وتمثل تكريت مفارقة واضحة، فهي مدينة صدام حسين وكبار معاونيه، لكنها لم تنخرط إلا بشكل طفيف في "المقاومة" التي انطلقت منذ 2004 ضد الجيش الأميركي سواء في الأنبار أو نينوى، فقد بقيت تكريت "الأكثر براغماتية" مع الوضع الجديد. ومن منظور سياسي، فقد كانت أول مدينة سنية تدعو إلى اعتماد الفدرالية كحل للشكوك بين الطوائف.

وبعد انهيار نينوى بساعات تفككت الدفاعات في تكريت أيضاً مع فارقَين؛ الأول أن الغالبية العظمى من أهل تكريت غادروها على وجه السرعة، على عكس غالبية أهل الموصل الذين ظلّوا في منازلهم وصار بقاؤهم هناك عائقاً أمام تكثيف القصف الجوي على "داعش".

والأمر الآخر أن الجيش العراقي خرج "سالماً" من الموصل وكان انسحابه بلا خسائر، بينما نجح "داعش" في اعتقال 1700 متطوع شيعي وذبحهم فيما عرف بـ"مجزرة قاعدة سبايكر"!.

ولذلك يتقدم الجيش اليوم حاملاً شعاراً غير رسمي هو "الثأر لضحايا سبايكر" من قبائل سنية متهمة بالتورط في ذلك، والأمر يثير انفعالاً غير مسبوق في التراشق الطائفي الذي يمكن لـ"داعش" أن يستفيد منه، في تعبئة المزيد من الشباب، تحت شعار أن "الميليشيات الشيعية جاءت لتثأر من السنة"!.

وفي حين يعجز الجيش حتى الآن عن التقدم نحو نينوى، يحاول خلال معركة تكريت، أن يختبر فاعلية التنسيق بين كل الفصائل المناهضة لـ"داعش"، وغرفة عمليات البنتاغون، والأخطر هو اختبار مدى قدرة الحكومة على عدم تحويل أبرز اجتياح لمدينة سنية، إلى فعل بنتائج طائفية قد يعقد المرحلة اللاحقة عسكرياً وسياسياً.