نساء مجدولات بالملح والسكّر، مغزولات بالحليب والعسل وحبات الكرز، مغلفات "بسولفان" الفتنة والرغبات المتّقدة، إلا أن سلوك بعضهن يثير الاستغراب... هذا البعض يفضّل الدخول في دائرة الحب من خلال باب ضيق، باب لا يجرح أنوثتهن فقط وإنما إنسانيتهن أيضاً!

Ad

باب لا يتّسع لدخولهن وكرامتهن معاً! نساءٌ يعتمدن لعبة مثيرة للوصول إلى ما تصوّره لهن ظنونهن بأنه الحب، إلاّ أن المفارقة الغريبة في سلوكهن هذا أنهن يصبحن ناقمات لو اكتشفن في هذه اللعبة أنهن دُمى!

والحقيقة التي لا يردن الاعتراف بها هي أنهن من جعلن أنفسهن دمى مغرية للشهوات، وأحياناً لنزعة التحدي من خلال تلك اللعبة التي اعتمدنها شرطاً لمن يريد الوصول إلى قلوبهن، أقصد لعبة الطريدة والصياد!

غالبية النساء لا يرغبن أن يكنّ ضحية لأي عابر هوى، وهذا حق مشروع لإنسانيتهن، إلاّ أن البعض منهن يخطئ السبيل إلى تلك الغاية، عندما يرفع شعار "لسنا صيداً سهلاً"!

فهنّ يسوّرن حدائق قلوبهن بالأسلاك الشائكة، ويلغّمن الحقول المؤدية إليها بالألغام، ويضعن البوابات المكهربة، والسواتر الحديدية، وماء السبيل المسموم، وكل ما لا يخطر في البال من العقبات، وتبدأ لعبة التحدي من هنا.. إذ ليس بالضرورة أن يفوز بالقلب الأمين عليه، وإنما من يتجاوز كل تلك الموانع للوصول إليه!

لا يصبح القلب في هذه اللعبة هو الدليل إلى الحب والهادي إليه، وإنما مجرد حلوى ومكافأة الفوز للرجل الذي صبر أكثر في سباق التحمّل!

بعض الرجال لا يشارك في لعبة الطريدة والصياد إيماناً بأن جنة دنياه معلقة بتلك الطريدة، ولا من منطلق يقين تام بأنه لا حياة له من دونها، وإنما يشارك في هذه اللعبة عشقاً للتحدّي، وإشباعاً لغرور رجولته بإطعامها التفاحة المحرمة، وربما من باب "يا مدوّر الهين ترى الكايد أحلى".. ليس إلاّ!

إن شعار "لست صيداً سهلاً" في لعبة الطريدة والصياد هو إقرار بحد ذاته من حامله بأنه فريسة!

وكل ما تحاول الفريسة فعله من خلال هذا الشعار هو رفع ثمن افتراسها ليس أكثر، هذا الشعار لا يستحق التباهي به ولا الفخر، فهو ليس سوى اعتراف ضمني بالعجز المحزن، ومحدودية الخيارات المتاحة، وقلة الحيلة، فالفريسة تعترف من خلاله بأنها لا تستطيع أن تغيّر من حقيقة كونها فريسة، وإنما فقط تستطيع أن تغيّر من كلفة اصطيادها!

ومن ناحية ثانية، إن لعبة الطريدة والصياد تعتمد في جوهرها على استفزاز شهوة الصياد ومحاولة الطريدة للنجاة منها، وهذا يتنافى تماماً وطبيعة الحب. في الحب الطرفان طريدة والحب فقط هو الصياد، وإن محاولة أي من الحبيبين لعب دور الطريدة أو الصياد في مقابل الطرف الآخر يبطل روعة الحب، ويفسد جماله، ويخرجه من سياقه السليم. ففي الحب تتحد الطريدتان في غاية واحدة هي البقاء في شباك الصياد وليس الخلاص منها، وفي الحب لا الطريدة ترغب في الفرار ولا الصياد يحرص على اقتفاء أثر الطريدة عند الفرار، والأهم من ذلك كله أن ما يربط الطريدة بالصياد في الحب ليس حالة الاشتهاء وإنما حاجة الانتماء!