انتقى المؤلّف فاروق مردم بك {مطبخ زرياب} عنواناً لكتابه تيمّناً بزرياب، وهو أبو الحسن علي بن نافع، موسيقي ومطرب عذب الصوت من بلاد الرافدين من العصر العباسي، كانت له إسهامات كبيرة وبارزة في الموسيقى العربية والشرقية. لُقِّب بـزرياب لعذوبة صوته ولون بشرته القاتم الداكن، وهو اسم طائر أسود اللون عذب الصوت يعرف بالشحرور. غادر {الطائر الأسود} موطنه العراق نحو عام 820 ليستقرّ في قرطبة. ويوحي اسمه بالكياسة والأناقة، فضلاً عن التجدّد الدائم. يُنسب إلى الموسيقيّ العبقريّ تأسيس المدرسة الأندلسية وإضافة الوتر الخامس إلى العود. والشاعر الذي كان يحفظ عن ظهر قلبٍ كلمات عشرة آلاف أغنية وألحانها، اهتمّ أيضاً بالجغرافيا وعلم الفلك.
كذلك اهتم بالمطبخ، فأدخل إلى إسبانيا الهليون، وطوّر المطبخ الراقي وأصلح فنون المائدة. وربّما كانت هذه هي المرّة الأولى التي يتطرّق فيها كاتبٌ إلى ثقافة الطعام العربية بمجملها، في المشرق والمغرب على السواء، وذلك من خلال مراجع علميّة، وشواهد أدبيّة، ونوادر تاريخية، وانطباعات سفر ووصفات مطبخيّة، تسهم كلّها في تسليط الضوء على التلاقح الثقافيّ الذي كان الإسلام مُسوّغه الأبرز في حوض البحر المتوسّط طَوال عشرة قرون على الأقلّ.و{مطبـخ زريـاب} الذي ترجمه إلى العربية عن الفرنسيّة د. جان ماجد جبّور من لبنان، وراجع ترجمته كاظم جهاد والمؤلّف، حظي بشهرة واسعة في فرنسا عند صدوره، وتُرجم إلى لغات أوروبيّة عدّة، وهو يضمّ نصوصاً ووصفـات طبخ دأب مردم بك على نشرها في مجلة {قنطرة} تحت اسم مستـعار، هو {زرياب}.{فلافل}والمؤلف الذي تساوي الفلافل كل همبرغر العالم بالنسة إليه، كما يذكر في الكتاب، ولد في دمشق سنة 1944، وتخرّج في كلية الحقوق في الجامعة السورية في العام 1965. هو مؤرّخ مختصّ بالتاريخ الاجتماعيّ والسياسيّ، عمل مديراً لـِ {مجلة الدراسات الفلسطينية} في طبعتها الفرنسيّة (1986-2008) ومستشاراً لمعهد العالم العربي في باريس (1989-2008)، ويشرف، منذ سنة 1995، في دار نشر {آكت سود} (Actes Sud)، على سلسلة {سندباد} التي تعنى بالدرجة الأولى بترجمة الأدب العربي إلى اللغة الفرنسية.كذلك نشر بالفرنسية، بالاشتراك مع سمير قصير، كتاباً بعنوان {مسالك بين باريس والقدس، فرنسا والصراع العربي-الإسرائيلي} (1992-1993 )، وبالاشتراك مع الياس صنبر، {أن تـكون عربياً} (2007)، ومعه ومع إدفي بلينيل، {فرنسانا} (2011). ترجم أيضاً إلى الفرنسية أعمالاً لمحمود درويش وسعدي يوسف ووليد الخالدي. ولما اهتمّ بالطبخ باعتباره سمة ثقافية، فأصدر بالفرنسية بالاشتراك مع روبير بيستولفي {المطوّل في الحِمّص} (1998)، إلى جانب {مطبخ زرياب}. وهو يقيم ويعمل في باريس.أمّا المترجم جان جبّور فحائز دكتوراه في الأدب المقارن من جامعة السوربون في باريس، وأستاذ في الجامعة اللبنانية- قسم اللغة الفرنسية وآدابها. له مؤلفات عدّة، من بينها {الشرق في مرآة الرسم الفرنسي من القرن التاسع عشر حتّى مطلع القرن العشرين} (1992) و}النظرة إلى الآخر في الخطاب الغربيّ} (2001) ومعجم {المنجد الفرنسي-العربي الكبير} 2008. وله كثير من الكتب المترجمة، من بينها: {بانتظار بدر البدور} لبطرس بطرس غالي (2004)، و}القيم إلى أين؟} (مداولات القرن الحادي والعشرين- بإشراف جيروم بندي 2005)، و«الهوية والديمقراطية في عالم شمولي} لرينيه عتيّق (2009)، و«الخوف من البرابرة} لتزفيتان تودوروف (2010)، و}اللقاء المعقّد بين الغرب المتعدّد والإسلام المتنوّع} لفيليس داسّيتو (2010).وكان مشروع {كلمة} للترجمة التابع لهيئة أبوظبي للسياحة والثقافة نظّم لقاءً مع فاروق مردم بك، بمناسبة إصدار النسخة العربية، تضمن حواراً مع المؤلف أداره الشاعر والأكاديميّ العراقي المقيم بباريس كاظم جهاد، وعقبه توقيع المؤّلف لكتابه {مطبخ زرياب}.
توابل - ثقافات
{مطبخ زرياب}... مفاكهة الأصدقاء بكلام عن الطعام
18-05-2015