مشاهد تحطيم الآثار مصطنعة يراد بها لفت الانتباه، وليس للمسألة الوثنية أصل فيما يجري رغم استخدام مفردات «عهد الأصنام» لتبرير حرق وثائق أو مراقد أو كنائس، ودليلي على ما أقول أن ازدهار التنظيمات المتطرفة والإرهابية في الدول التي يدين معظم سكانها بالدين الإسلامي، ما هو إلا انعكاس للتطرف الفكري الضيق الذي لا صلة له بالدين تماما.

Ad

أول العمود:

 ما شكل التعاون بين دول مجلس التعاون الخليجي حين نتمعن في مسألة إنتاج النفط التي تعثرت في المنطقة المقسومة بين الكويت والسعودية؟

***

بحسب وكيل جامع الأزهر الشريف الدكتور عباس شومان فإن أمام الأزهر الشيخ أحمد الطيب قدم وعداً لمدير اليونيسكو بدعم جهودها الخاصة بالحفاظ على الآثار باعتبارها إرثا إنسانيا، ودعاه لزيارة مدينة الأقصر الزاخرة بالتاريخ، وكان الطيب قد أكد في تصريح طال انتظاره أن ما تقوم به التنظيمات الإرهابية من تحطيم لآثار الحضارات البائدة لا يقره الإسلام، هذا بعد ما جرى من جرائم في عواصم العراق وسورية وليببا وتونس!!

تخيلوا معي لو أن علماء الشريعة في أكثر من بلد عربي قد أطلقوا مثل هذه المواقف منذ تفجير تمثال "بوذا باميان" من متطرفي تنظيم طالبان في مارس 2001، لكن السكوت كما يقال "علامة رضا".

يبدو لي أن مشاهد تحطيم الآثار مصطنعة يراد بها لفت الانتباه، وليس للمسألة الوثنية أصل فيما يجري رغم استخدام مفردات "عهد الأصنام" لتبرير حرق وثائق تاريخية في تومبكتو مثلا، أو مراقد في تونس وليبيا، أو كنائس في سورية والموصل، ودليلي على ما أقول أن ازدهار التنظيمات المتطرفة والإرهابية في الدول التي يدين معظم سكانها بالدين الإسلامي ما هو إلا انعكاس للتطرف الفكري الضيق الذي لا صلة له بالدين تماما، ولذلك يكون من الخطأ وسمها بـ"الإسلامية".

وأيضا أقول وأسأل: لماذا لم يقم "السلف الأكثر صلاحا" من الصالح الذي يعيش بيننا اليوم بتحطيم هذه الآثار وتطهير بلاد الإسلام من "الأصنام" التي وصفها إمام الأزهر الشريف بـ"الإرث الإنساني"؟ إذاً نحن أمام فهم وذهنية وتعريفات ونظرة فكرية لما هو حولنا وتحتنا من تاريخ وحضارات مدنية عريقة، كانت ولا تزال منبعا ومعينا للتراث المعاصر المتمثل بالمسرح والقصة والرواية والشعر.

مسألة أخرى طريفة تستحق الإشارة إليها، وهي كيف يمكن فهم سلوك التنظيمات الإرهابية تجاه "أصنام" يزورها ويعجب بها ملايين من السياح المسلمين، فمن منا لا يحب أن يرى أبو الهول أو يزور متاحف بغداد؟ أوليس الأجدر قتل هؤلاء السياح لأنهم يمجدون "أوثاناً"؟! لتكف هذه التنظيمات عن التدليس والكذب فمثل هذه الأفعال البربرية ما هو إلا سلوك للفت الأنظار أو لترهيب السكان في مناطقهم، أو لفرض واقع تفاوضي على الأرض لأزمات سياسية وصراعات مصلحية... يعني المسألة كلها سياسة في سياسة.