شهدت مدينة كوباني السورية الكردية أمس معارك طاحنة، حيث يحاول "داعش" السيطرة عليها وسط استماتة المقاتلين الأكراد في الدفاع عنها، مع عجز الغارات التي يشنها الائتلاف الدولي عن وقف مقاتلي "داعش"، ورفض تركيا التي تتمركز دباباتها على بعد أمتار قليلة من ساحة المعركة التدخل.  

Ad

تواصلت أمس المعارك الطاحنة في مدينة كوباني الكردية السورية الحدودية مع تركيا بعد ساعات من سقوط مربعها الأمني في ايدي عناصر تنظيم "الدولة الإسلامية" المعروف بـ"داعش"، في حين صد المقاتلون الأكراد "هجوما كبيرا" في جنوبها.

وقال المرصد السوري لحقوق الانسان: "دارت اشتباكات متقطعة في شرق وجنوب وجنوب غرب عين العرب (كوباني)"، مضيفاً أن مجموعات من "وحدات حماية الشعب" الكردية التي تستميت في الدفاع عن المدينة تشن في مقابل ذلك "عمليات نوعية تشمل عمليات تسلل في شرق عين العرب لقتل عناصر من تنظيم الدولة الاسلامية والعودة الى مواقعها بعد ذلك". وأكد المرصد أن "هناك محاولات متواصلة من تنظيم الدولة الاسلامية للتقدم نحو وسط المدينة".

ونفذت طائرات الائتلاف الدولي العربي بعيد منتصف ليل الجمعة - السبت غارتين جديدتين على مواقع "الدولة الاسلامية" في شرق وجنوب المدينة، كما شن الائتلاف أمس سلسلة من الغارات على مواقع "داعش" داخل كوباني وفي محيطها.

اجتماع عسكري

ويعقد القادة العسكريون في الدول المشاركة في الائتلاف الدولي ضد "داعش" وعددها 21، اجتماعا في واشنطن الاسبوع المقبل.  

وقال مسؤول في وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) إن رئيس هيئة الأركان المشتركة للجيوش الأميركية الجنرال مارتن ديمبسي "دعا الى اجتماع يحضره اكثر من عشرين من القادة العسكريين الاسبوع المقبل في واشنطن لبحث جهود التحالف الدولي في الحملة المستمرة ضد الدولة الاسلامية".

وسيعقد الاجتماع الاستثنائي بد غد الثلاثاء في قاعدة اندروز الجوية قرب واشنطن. وسيقدم قائد القيادة الوسطى للجيش الأميركي الجنرال لويد اوستن تقريرا حول الضربات التي شنت في العراق وسورية بصفته المشرف على الحملة الجوية.

التباين الأميركي - التركي

وجاءت الدعوة الى هذا الاجتماع مع استمرار الخلاف بين واشنطن وأنقرة، رغم اعلان وزارة الخارجية الأميركية مساء أمس الأول احراز تقدم مع تركيا حول تدريب معارضين سوريين معتدلين.

وأكدت المتحدثة باسم وزارة الخارجية ماري هارف ان المحادثات الاميركية مع رئيس الوزراء التركي احمد داود اوغلو ومسؤولين عسكريين حققت "تقدما". مضيفة أن "تركيا وافقت على دعم الجهود الرامية الى تدريب وتجهيز المعارضة السورية المعتدلة".

واختتم قائد قوات التحالف الجنرال الاميركي المتقاعد جون آلن ومساعده بريت ماكغورك زيارة حساسة استمرت يومين لتركيا التي ترفض حتى الآن التدخل في كوباني، حيث تتمركز دباباتها على بعد امتار من المدينة التي تتعرض لهجوم كاسح من "داعش".

وتشترط أنقرة إقامة منطقة عازلة تتضمن حظرا جويا على حدودها مع سورية كما تطالب بالتوصل الى حل متكامل للأزمة السورية برحيل نظام الرئيس بشار الأسد. ويربط مراقبون بين التردد التركي في انقاذ كوباني وحساسيتها تجاه دعم عدوها اللدود حزب "العمال الكردستاني" المقرب جدا من "وحدات حماية الشعب الكردي" التي تدافع عن المدينة والتي تطالب بحكم ذاتي في شمال سورية قد يؤثر مستقبلا على أكراد تركيا الذين تسكن غالبيتهم في جنوب البلاد بمحاذاة الحدود مع سورية.

وفي واشنطن اجرى مدير المخابرات التركي حقان فيدان محادثات مع نائب وزير الخارجية الاميركي وليام بيرنز أمس الأول. والتقى فيدان كبيرة مستشاري الرئيس الاميركي باراك اوباما لشؤون مكافحة الارهاب ليزا موناكو لـ"مناقشة وسائل تعزيز التعاون الوثيق اصلا في مكافحة الارهاب وتحقيق دمج اكبر للقدرات الفريدة لتركيا في التحالف الدولي ضد تنظيم الدولة الاسلامية".

وقال البيت الابيض في بيان ان موناكو "عبرت عن تقديرها" لدعم تركيا، وأكدت "اهمية تسريع المساعدة التركية"، مشددة على "الحاجة الى بناء قدرات قوات الامن العراقية والمعارضة السورية المعتدلة بسرعة اكبر". ويتوجه فريق عسكري أميركي الى أنقرة خلال أيام لمتابعة المباحثات.

التظاهرات وأردوغان

وسارت بعض التظاهرات المحدودة المؤيدة للأكراد ليل الجمعة - السبت في تركيا بعد خمسة ايام من موجة العنف التي اوقعت اكثر من 30 قتيلا ومئات المصابين وخسائر مادية جسيمة. في دياربكر (جنوب شرق)، ذات الغالبية الكردية، نزلت مجموعات صغيرة من المحتجين الى الشوارع لكن دون الاشارة الى أي حوادث تذكر مع قوات الشرطة. وكان الحزب "الديمقراطي الشعبي" (مؤيد للأكراد)، الذي كان وراء هذه التظاهرات، دعا مساء أمس الأول الى "تجنب العنف... لتخفيف حدة التوتر".

إلا أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان شن هجوما لاذعا على المتظاهرين امس، وقال في كلمة وجهها الى الشعب التركي: "أعرف أنكم حزينون، كما أعرف أنكم واقفون بكل صبر ومتانة أمام هذا التعنت والجحود. ونحن كأمة لن نتنازل عن مواقفنا الثابتة. هؤلاء الذين يصولون ويجولون في الشوارع، أولئك الإرهابيون والمخربون واللصوص، يريدون أن يثيروا غضب الأمة ويطفحوا كيلها، ويدفعوا الشعب نحو النزول إلى الشارع لمواجهتهم، هذا هو مبتغاهم".

وأضاف أردوغان ان "البيادق التي نزلت إلى الشوارع، وأسيادها الذين يحركونها، يريدون إرجاع ‫‏تركيا‬ إلى التسعينيات، لذلك يقومون بالحرق، والتدمير، إن تركيا لن تعود إلى التسعينيات".

وفي ألمانيا، نظم اكثر من 20 ألف كردي تظاهرة سلمية في شوارع دوسلدورف، غرب ألمانيا، ضد تنظيم "داعش" وأيضا ضد السياسات التركية.

ووقعت حوادث الثلاثاء والاربعاء في هامبورغ (شمال) خصوصا، أسفرت عن عدد من الجرحى بعد صدامات بين ناشطين اسلاميين معظمهم من الأتراك وأكراد كانوا يتظاهرون.

(أنقرة، القامشلي، واشنطن - أ ف ب، رويترز،

د ب أ، يو بي آي)