فجر يوم جديد: {المهرجان المأسوف على شبابه}!

نشر في 15-05-2015
آخر تحديث 15-05-2015 | 00:01
 مجدي الطيب  أوجعني البيان الذي أصدرته هيئة المنطقة الإعلامية أبوظبي، وأعلنت من خلاله {إيقاف مهرجان أبوظبي السينمائي، والاكتفاء بالمبادرات الداعمة لصانعي السينما المحليين والعرب، واستقطاب المزيد من الأفلام والأعمال التلفزيونية، التي تُنتج في أبوظبي، سعياً وراء استكمال ونضوج صناعة السينما في العاصمة}، ولم تنس إدارة المهرجان توجيه الشكر لجميع الذين شاركوا في الدورات الثماني الماضية، آملة أن يواصلوا دعمهم لصناعة الأفلام في أبوظبي.

أصابني البيان بمشاعر هي مزيج من الحزن والإحباط والإحساس الغامض بأن ثمة خطراً تهدد السينما العربية، فإلغاء مهرجان بلغت حجم المشاركة فيه، في إحدى دوراته، نحو مئة فيلم من بينها أفلام قدمت في عروضها العالمية الأولى بينما تخطى عدد الحضور الثلاثين ألفاً، على رأسهم نجوم مثل: ديمي مور، وفريدا بينتو، وهيلاري سوانك، وناعومي واتس، وإيفا منديس وأورلاندو بلوم، وما يقرب من ثمانين مخرجاً سينمائياً، وثلاثمئة من محترفي صناعة السينما وخمسمائة صحافي، لهو أمر يستدعي القلق بالفعل، مهما قيل عن «استمرار هيئة المنطقة الإعلامية في مواصلة جهود دعم صانعي الأفلام الإماراتيين والعرب من خلال (صندوق سند)، الذي يوفر الدعم للمشاريع السينمائية في مرحلة تطوير السيناريو ومراحل الإنتاج النهائية، بما يتيح لهم تطوير أفلامهم الروائية والوثائقية الطويلة أو استكمالها»!

 عاصرت مهرجان أبو ظبي السينمائي منذ اللحظة التي انطلق فيها، وأزعم أنني كنت رأس الحربة التي أجهضت مؤامرة إشراك فيلم إسرائيلي في دورته الأولى، التي أعلن عن افتتاحها في منتصف أكتوبر من العام 2007، عندما فضحت أسرار وكواليس الرسالة التي بعثت بها إدارة المهرجان إلى الشركة المنتجة للفيلم الإسرائيلي «زيارة الفرقة الموسيقية» تدعوها فيها للمشاركة في الدورة الأولى، وتساءلت عما إذا كان الإصرار على أن يحمل المهرجان اسماً غامضاً ومريباً هو «مهرجان الشرق الأوسط السينمائي» بمثابة تكريس للتواجد الإسرائيلي في المهرجان، ووسيلة لفرض مشاركة السينما الإسرائيلية في دوراته، ونجحت الحملة، وتراجعت إدارة المهرجان عن عرض الفيلم الإسرائيلي، وهي التي أنكرت في البداية أنها وجهت الدعوة لصانعيه!  

  حدث هذا إبان إدارة الإعلامية نشوة الرويني لمهرجان أبوظبي السينمائي غير أن شيئاً لم يتغير مع اختيار بيتر سكارليت لمنصب مدير المهرجان، ففي الدورة الرابعة التي أقيمت عام 2010 تسببت المنتجة ليسلي وودوين، التي ولدت في إسرائيل عام 1957، وتحمل الجنسيتين البريطانية والإسرائيلية، في أزمة عنيفة داخل أروقة المهرجان، بعدما انتهزت فرصة منحها جائزة «الجمهور»، وقدرها 30 ألف دولار، عن فيلمها «الغرب هو الغرب»، وتعمدت القول إنها تفخر لكونها إسرائيلية، ما تسبب في إثارة جدل لم ينته دفع الناقد الفلسطيني بشار إبراهيم إلى القول إن «ما حدث يمثل تواطؤاً من قِبَل إدارة المهرجان، ومجرد كتابة قائمة بأسماء فريق بيتر سكارليت الذي يدير المهرجان، وخلفياتهم ودياناتهم وجنسياتهم، تكشف الكثير من الأمور. وتؤكد أن المهرجان في قبضة فريق أميركي يهودي»!

  بعد هذه الأزمات، ومع قرار الإطاحة بالسيد بيتر سكارليت، وتولى الإماراتي علي الجابري إدارة المهرجان، التي أصبحت عربية خالصة من الألف إلى الياء، وانتقلت تبعيتها من هيئة أبوظبي للثقافة والتراث إلى twofour54، عاد المهرجان إلى الحضن العربي،  وتحول إلى عرس سينمائي حقيقي من دون توجهات سياسية ، وسعى جاهداً إلى تحقيق هدفه الطامح إلى تشجيع وتعزيز نمو صناعة السينما في العالم العربي، وأداة مهمة للتواصل مع أحدث النتاجات العالمية، فضلاً عن كونه واحداً من أهم الأحداث الثقافية في المنطقة الخليجية والعربية، ومع إطلاق مبادرة صندوق التمويل السينمائي {سند}، الذي وفر لصانعي الأفلام في العالم العربي دعماً داخلياً يعينهم على تطوير أو استكمال أفلامهم الروائية والوثائقية الطويلة، اكتملت أهداف المهرجان بدرجة كبيرة.

 في هذه اللحظة التي اقترب فيها اكتمال الحلم الجميل جاء القرار الصادم بإلغاء المهرجان، والذي لم يبرره تأكيد نورة الكعبي، الرئيس التنفيذي لهيئة المنطقة الإعلامية، أن {دولة الإمارات حاضرة على خارطة مهرجانات السينما العالمية من خلال مهرجاني دبي السينمائي الدولي، ومهرجان الشارقة السينمائي الدولي للطفل}، وأنها {نجحت في بناء قاعدة متينة ومستدامة لصناعة السينما والتلفزيون، التي حققت قفزات مدهشة، ومكاسب استثمارية كبيرة، أسهمت في زيادة الاعتماد على صناعة السينما والبنية التحتية في المنطقة، وخلقت فرصاً كبيرة للمواهب المحلية}، فالمكاسب تتضاءل كثيراً أمام استمرار مهرجان {كان} بمثابة نافذة مهمة للاطلاع على ثقافات العالم، وعندما أقول هذا يشهد الجميع أنني لم، ولا، استهدف مكسباً أو مغنماً، إذ إنني لم أكن ضيفاً على المهرجان في دوراته الأخيرة، لكنها الحسرة على مهرجان يموت في الثامنة من عمره!

back to top