يؤخذ على القانون الجديد لمكافحة عمليات غسل الأموال وتمويل الإرهاب أنه أحدث نوعاً من الخلط أو الدمج بين مفهوم جرائم غسل الأموال وصور الغسل التي تندرج في مفهوم السلوك أو النشاط الإجرامي.

Ad

أكد مدير مكتب الجرائم المالية والتجارية د. جمال عبدالرحيم أن ترتيب الكويت أصبح 174 من بين 220 دولة مصنفة في غسل الأموال وتمويل الارهاب، لافتا إلى ان غياب ثقافة  المساءلة عن الجهات الرقابية والاشرافية في البلاد أدى الى عدم تطوير أدائها وضعفها، «لذا على هذه الجهات أن تقوم بتطوير مهارات وقدرات موظفيها ليكونوا أكثر تأهيلا للتفتيش على المؤسسات المالية».

ودعا عبدالرحيم، خلال الندوة التي عقدتها لجنة الشؤون الاقتصادية بجمعية المحامين بالتعاون مع مكتب الجرائم المالية والتجارية - الولايات المتحدة مساء أمس الأول في مسرح جمعية المحامين،  والتي جاءت تحت عنوان «إشكالات قانون مكافحة عمليات غسل الاموال وتمويل الارهاب»، إلى إعادة النظر في قانون الحوكمة ليكون أكثر مرونة لتطبقه جميع الشركات، «لأن تكلفة تنفيذ مبادئ الحوكمة تكلف الشركة الواحدة آلاف الدنانير وهو ما لا تستطيعه الكثير من الشركات».

 ولفت إلى ان «القانون الجديد لم يعرّف جريمة غسل الاموال بشكل مباشر، بل عدّد الافعال التي تعد من جرائم غسل الاموال، خلافا لما انتهجه القانون السابق لمكافحة غسل الاموال رقم 35 لسنة 2002».

وأوضح ان «القانون يؤخذ عليه انه احدث نوعا من الخلط أو الدمج بين مفهوم جرائم غسل الأموال وصور الغسل التي تندرج في مفهوم السلوك او النشاط الاجرامي»، مشيرا إلى ان القانون الحالي انتهج  اسلوب الاطلاق في النص على الجريمة مصدر المال الذي يكون محلا لعمليات غسل الاموال، ومؤدى ذلك عدم التحديد المسبق للجرائم الأولية ما يتسع معه نطاق الجرائم ليشمل كل الجرائم التي وردت في القوانين والتشريعات الوطنية.

وأضاف أنه كان من الافضل للمشرع الكويتي الاخذ بأسلوب التقييد أو الحصر كما كان منصوصا عليه في مشروع قانون مكافحة غسل الاموال وتمويل الارهاب لسنة 2007، موضحا ان «اسلوب الاطلاق يمثل اطارا واسعا للتجريم والعقاب، وهو الامر المنتقد، لأن النص القانوني يجب ان يكون واضحا، حيث ان اسلوب الاطلاق يضع الجرائم كلها على قدر من المساواة بينما يجب التمييز بين الجرائم استنادا إلى جسامتها وخطورتها».

وأفاد بان «اسلوب الاطلاق يهدر سرية الحسابات والعملاء من خلال توسع المشرع بالجرائم الأولية، بينما يحقق التقييد والحصر التناسق بين القانون وبين السرية، حيث لا يمكن إهدار السرية الا لمواجهة نوع خطير من الجرائم لا كل الجرائم بالمطلق».

وبين أن «القانون لم يرد فيه ان لموظفي وحدة التحريات المالية صفة الضبطية القضائية كما لموظفي مكتب المكافحة في وزارة التجارة، وموظفي هيئة اسواق المال، علما بانه يجب ابلاغ الوحدة على وجه السرعه بأي معلومات او معاملات تكون لها صلة بغسل الاموال وتمويل الارهاب».

 ولفت إلى أن «الضبطية تمكن موظفي الوحدة من القيام بمرحلة البحث والتحري وجمع الاستدلالات وهي الاجراءات التمهيدية التي تباشر قبل تحريك دعوى الحق العام».

وحول إشكالية الاخطارات قال عبدالرحيم، ان «المادة 12 من القانون الحالي ألزمت المؤسسات المالية  والاعمال والمهن غير المالية المحددة باخطار الوحدة عن اي معاملات او محاولة لإجراء معاملة في حال الاشتباه، حيث تثور الاشكالية في الإجراء القانوني الذي يجب أن يتبع والحال اذا ان الوحدة لم تنشأ وليس لها وجود مادي وهي صاحبة الاختصاص بتلقي الاخطارات».

وتابع «كان يجب على المشرع أن يتوقع هذا الفراغ القانوني وينص على احكام انتقالية تنظم العمل لسد الفراغ كالابقاء على الزام الابلاغ إلى النيابة العامة في حال الاشتباه»، لافتا إلى انه «لا يمكن ان تبقى جرائم غسل الاموال دون ملاحقة بسبب عدم وجود وحدة التحريات المالية».

ثقافة المساءلة

وأوضح عبدالرحيم ان القانون الجديد لسنة 2013 تبنى ثقافة المساءلة، وهو أمر يحسب له، حيث فرض العقوبات والجزاءات على الاشخاص الاعتباريين والطبيعيين بشكل عام، وتشمل اعضاء مجالس الادارات والشخص الاعتباري ومدراءه وموظفيه.

 وأشار إلى ان «التنوع في العقوبات والجزاءات يعبر عن سياسة جزائية سليمة ورادعة تلزم الاشخاص الطبيعيين والاعتباريين باحكام القانون، وهذا يأتي خلافا لقانون 2002 الذي فرض عقوبات جزائية دون الادارية».

وقال ان «الجهات الرقابية تلزم الاشخاص الخاصة بقواعد مثل اعرف عميلك، وكان اجدى بالمشرع فرض مثل تلك القواعد على الجهات الرقابية مثل وزارة التجارة حال قيامها بمعاملات للجمهور في حال قد تنطوي هذه المعاملات على عمليات غسل اموال»، مشيرا إلى أنه «في كثير من الاحيان تؤسس شركات ومؤسسات واجهة لتمرير عمليات غسل الاموال من خلالها».

وأشار عبدالرحيم إلى ان «المسؤولية الجزائية للشخص الاعتباري من المسلمات القانونية في التشريعات الحديثة، الا ان المشرع الكويتي لم يقرها او ينظمها وفق القواعد العامة في قانون الجزاء، وأقرها وفق القوانين الخاصة كما ورد في قانون مكافحة غسل الاموال وتمويل الارهاب لسنة 2013، وحول المخالفات الاخرى التي تترتب عليها مسؤولية جزائية للشخص العتباري كالإخلال بالالتزامات المفروضة فإنه لم ينظم كيفية إسناد الجريمة الى الشخص الاعتباري للتمكن من مساءلته جزائيا».