أطفالكم...لأجل ألا تندموا!
قرأت قبل أيام حادثة اعتداء أحد المرضى على طفلة صغيرة لم تتجاوز الخامسة من العمر، وأطلق هنا لقب "مريض" لأنه من المستحيل أن يكون هناك إنسان سويّ يفعل فعلة كهذه، غير أن هذه للأسف ليست المرة الأولى.أقدم أولاً تعاطفي العميق مع هذه الطفلة فقط، لا مع أحد آخر، لأنني لا ألقي باللائمة الكبرى على هذا المريض الذي يستحق عقوبة حقيقية توقفه وأمثاله عن العبث بحياة وأعراض الأطفال، بل على كل العوائل التي تترك أطفالها عرضة لهؤلاء المجانين المهووسين وما أكثرهم.
نعم ألقي باللائمة على العوائل، حتى لو هاجمني البعض بأنهم في مصيبة، أنا واحدة من أولياء الأمور الذين يلاحظون الأطفال الصغار، وهم يلعبون ببراءة في الشارع، لكنهم يلعبون وحدهم، أطفال في أعمار صغيرة جداً، سنتين أو ثلاث أو أربع، في الشارع أو في مداخل العمارات أو في باحة السيارات وحدهم، أكررها... وحدهم. لا أدري من أين جاء هذا الشعور بالأمان والثقة التي نزلت على قلوب بعض الأهالي ليتركوا أبناءهم وبناتهم الصغار يلعبون في الطريق دون رقيب كأنهم يعيشون في الجنة، غير مدركين أن هناك عيوناً قذرة تراقب أطفالهم ليل نهار! يا سادة هناك عيون تتربص وتنتظر اللحظة المناسبة للانقضاض عليهم، يعرفون الشوارع والعمارات المسكونة بالعائلات، أين يلعب الأطفال، ومتى، ومن معهم؟ فلماذا ينام الآباء والأمهات قريري العين تاركين أطفالهم في الشارع ليعبث بهم مجرم، دون حتى أن يفتحوا شباكاً يطل عليهم؟ لماذا لا يرافقونهم في مكان اللعب، للحفاظ عليهم من المهووسين؟ هل باتت راحتنا أغلى منهم لدينا، هل أتعبنا صداعهم فنخرجهم لنرتاح، ثم تحدث المصيبة، دون أن يستطيع أي منهم الدفاع عن نفسه أو فهم ما يحدث له.أيها الأب أيتها الأم، هناك من يبلغ السلطات عند حدوث كارثة كهذه، وهناك من يبلع لسانه خوفاً من الفضيحة، لكنه لو أحس أن هناك وحشاً في الشارع متنكراً في زي رجل ينتظر لحظة الغفلة ليقتل براءة هذا الطفل لفكّر ألف مرة قبل أن يسمح لأطفاله باللعب خارجاً. لدينا في كل بيت، إلا القليل، خادمة، فلمَ لا تذهب تلك الخادمة مع الأطفال تراقبهم فقط حتى لو من بعيد إذا كان الأهل مشغولين.أيها الآباء والأمهات، على الأقل، علموا أطفالكم ما معنى كلمة "تحرش" علموهم ألا يلعبوا وحدهم، ألا يذهبوا إلى أماكن مظلمة أو مهجورة، علموهم أن جسدهم مقدس لا ينبغي أن يلمسه أحد، علموهم كيف يحمون أنفسهم، كيف يصرخون، كيف يهربون، ألا يتحدثوا مع الغرباء، ألا يذهبوا مع أحد لا يعرفونه، تيقظوا! دمتم وأطفالكم بخير وأمان وحفظ من الرحمن.