انتقد الكثيرون في الأيام الماضية قرارات النيابة العامة بحبس النائب السابق صالح الملا على ذمة الوقائع المقدمة ضده من الإدارة العامة لمباحث أمن الدولة، إلا أنني أرى أن من سمح للنيابة العامة باتخاذ مثل هذه القرارات هو قانون الإجراءات، وبالتالي فالملوم برأيي هو القانون لا النيابة العامة، بأن سمح لها ألا تفرق في اتخاذ القرار إن كان المتهم في هذه القضايا صاحب رأي أو متهماً بالقتل، وسمح لها بإطلاق صلاحياتها باتخاذه بحسب ما ترى هي، وما يتوفر لها من دلائل في التحقيق.

Ad

وعندما نسأل، كقانونيين، عن مشروعية القرارات التي تصدرها النيابة العامة، شخصيا أرد بأن القانون هو من أعطى النيابة تلك الصلاحية، وبذات الوقت أعطى المتهم حق التظلم من القرار، ومن يراقب قرارات النيابة العامة في اتخاذ قرارات الحبس هو القضاء، وبالتالي فالأمر مرده في النهاية إلى القانون، وعليه فمعالجة الأمر يجب أن تكون معالجة تشريعية للنصوص، وما عدا ذلك فلن يتغير في الأمر شيء برأيي!

اختلافنا مع قرارات النيابة العامة بحبس صالح الملا يجب أن يكون اختلافا منتجاً، بأن يكون الاختلاف على السلطات الممنوحة لها، وبالتالي فالواجب هو تعديل تلك الصلاحيات تشريعياً بتقييدها أو ضبطها، حتى يكون الاختلاف أو الانتقاد منتجاً، وحتى لا تتهم النيابة العامة في كل عمل تمارسه، وفق ما ترى من صلاحيات منحها لها القانون، بأنها تجامل هنا وتتكالب على شخص هناك!

الحقيقة التي يجب علينا جميعا ان نعيها جيدا أن هناك من يتعامل مع منطق الحرية المطلقة، وهناك من يحاربه بأن هذه الحرية ليست إلا مسؤولة جاء القانون وحددها ووضع أطراً لاستخدامها، وبالتالي فإن كان هناك خلل في مفهوم الحرية فمرده إلى القانون ذاته ويجب التصدي له، وهناك خلل كارثي آخر ينظر إليه بعين الاستغراب كالمادة الرابعة من قانون امن الدولة والتي تستخدم في محاكمة كل صاحب رأي دوّنه في مقال أو ١٤٠ حرفاً في «تويتر» منتقداً تصرفاً أو فعلاً في إحدى الدول، فتعتبر أنه مارس عملاً عدائياً من شأنه قطع العلاقات السياسية، وكأن تلك العلاقات لا ينقصها إلا مقال أو تغريدة لتنقطع وهو ما يستوجب التصدي له تشريعياً!