اليمن مهدد بالتفكك بعد الحرب الأهلية
في ظل رغبة الميليشيات الحوثية بفرض هيمنتها العسكرية على جميع المحافظات، بات بقاء اليمن موحداً بعد انتهاء الحرب أمراً في غاية الصعوبة.ونتيجة لأحداث الصراع، الذي دخل شهره الثالث، تفاقمت مشاكل داخلية قديمة لكنها تكتسب طابعا دينيا متزايدا في بلد كانت وحدته دائما هشة.
وتتزايد المشاعر الانفصالية في الجنوب نتيجة للضرر الذي لحق بعدن ومدن أخرى في الجنوب في هجمات نفذها المقاتلون الحوثيون، وتسببت في تدمير أحياء سكنية وتجارية بأكملها.ويخوض مقاتلو الجنوب المعارك تحت راية دولتهم المستقلة السابقة، ويرفض السكان فكرة الانضمام مجددا إلى الذين يعتبرونهم غزاة من الشمال.وشعر كثيرون في جنوب اليمن، حيث توجد معظم منشآت النفط اليمنية، بأن الشماليين يغتصبون مواردهم ويحرمونهم هويتهم وحقوقهم السياسية. وسعى الجنوب إلى الانفصال عام 1994، لكن علي صالح أعاد توحيد البلاد بالقوة. وزاد السخط منذ الوحدة وتفاقم في ظل الحرب الجارية ليكتسب بعدا دينيا.ورغم إطاحة صالح فقد وحد هو وأنصاره في الجيش جهودهم مع الحوثيين مما ساعد في تقدمهم من معاقلهم بالشمال إلى العاصمة صنعاء في سبتمبر 2014 ثم إلى الجنوب. ويقول الحوثيون إن تقدمهم هو جزء من ثورة على المتشددين السنة والمسؤولين الفاسدين، بينما يقول صالح إنه يسعى إلى المصالحة وينفي الاتهامات بأنه يريد تصفية الحسابات القديمة.وقد يعبر تحالف الشماليين ضد حكومة الرئيس المعترف به دوليا عبدربه منصور هادي عن وحدة جديدة على الهدف في الشمال الذي تهيمن عليه القبائل حيث يسود المذهب الشيعي الزيدي الذي ينتمي إليه الحوثيون.ورغم أن فكرة الانفصال تحظى بشعبية، فإن الفراغ الأمني الذي تسبب فيه انقسام الجيش بين موالين ومعارضين للحوثيين قد يجعل قيام دولة جنوبية تتوفر لها مقومات البقاء صعبا. وقد يحقق المتشددون الدينيون المكاسب الأكبر.وبعد أن رحلت القوات الموالية لصالح في أبريل الماضي، صعد مجلس مؤلف من رجال قبائل سنية محافظة ورجال دين لحكم محافظة حضرموت في جنوب شرق البلاد، وهي أكبر محافظة يمنية وبها احتياطيات النفط المتواضعة التي تحول دون انهيار الماليات العامة للدولة.ويقول سكان في مدينة المكلا وهي المدينة الرئيسية بالمحافظة إن المجلس أبرم اتفاقا مع تنظيم «القاعدة في جزيرة العرب» يسمح لهم بتنظيم تجمعات بهدف تجنيد عناصر وإقامة محاكم إسلامية غير رسمية وحمل أسلحتهم في العلن.(صنعاء - رويترز)