سجل الروبل الروسي أكبر خسارة له في يوم واحد منذ الانهيار المالي عام 1998، بسبب التراجع الحاد في سعر النفط، وهو ما يزيد من القلق على الاقتصاد الروسي.

Ad

ومع تزايد القلق حول مستقبل اقتصاد روسيا التي تعاني العقوبات، طلب أعضاء البرلمان من النيابة التحقيق مع البنك المركزي بشأن قراره تعويم الروبل.

وانخفض سعر الروبل بنسبة تقارب 9 في المئة، في وقت من الأوقات امس الاول حيث وصل الى 53.9 روبلا للدولار و67 روبلا لليورو.

انخفاض أسعار النفط

واستعاد الروبل بعضا من خسائره حيث عاد وسجل 52 روبلا للدولار و65 روبلا لليورو، أي بانخفاض بنسبة 4 في المئة لليوم بأكمله.

وبهذا تكون قيمة الروبل قد انخفضت بنسبة 60 في المئة، مقابل الدولار منذ بداية هذا العام بسبب انهيار أسعار النفط والعقوبات التي يفرضها الغرب على روسيا بسبب دعمها للانفصاليين في شرق أوكرانيا.

وأثر انخفاض سعر النفط في الأيام الأخيرة إلى أدنى مستوى له خلال 5 سنوات، بشكل كبير على الاقتصاد الروسي الذي تشكل صادرات الغاز والنفط المصدر الرئيسي لدخل الميزانية الفدرالية، وأدى إلى هبوط سعر الروبل بشكل كبير.

انتقادات شديدة

وينتقد العديد من المحللين تردد السلطات في تغيير نهجها بشأن الأزمة في أوكرانيا وسط انحدار اقتصاد البلاد نحو الركود.

وقالت الينا دروزدوفا (39 عاما) وهي أم لطفلين، لوكالة فرانس برس: "هذه صدمة مرعبة" في إشارة الى انخفاض سعر الروبل. وأضافت: "حياتنا أصبحت مكلفة للغاية بسبب ارتفاع سعر الدولار واليورو".

وأظهر استطلاع نشره مركز ليفادا المستقل أن 50 في المئة، من الروس قالوا إن انخفاض سعر الروبل يؤثر على حياتهم، معربين عن خوفهم من ارتفاع الأسعار والتضخم.

وقال أحد المشاركين في الاستطلاع: "الأسعار ترتفع بشكل كبير".

وظهرت مؤشرات على حالة من الفزع في الأسابيع الاخيرة حيث بدأ العديد من الروس في تخزين القمح، الذي يعد واحدا من الأساسيات في روسيا.

تدخلات يومية مباشرة

وفي وقت سابق من هذا العام شهد انخفاض الروبل تباطؤا بعد تدخلات يومية مباشرة من البنك المركزي، الا أن البنك قام بتعويم الروبل الشهر الماضي.

إلا أن سلسلة الانخفاضات في سعر الروبل في الأيام الأخيرة جددت الضغوط على البنك المركزي لاستخدام احتياطيه من العملات الأجنبية لدعم الروبل.

وقال مكتب النائب العام إن العديد من أعضاء البرلمان طلبوا رسميا منه إجراء تحقيق مع البنك المركزي حول سياساته، مضيفا انه تجري حاليا دراسة طلبهم.

وفي مؤشر جديد على أن الكرملين يستعد لمعركة سياسية طويلة مع الغرب، دعا رئيس هيئة الأركان سيرغي ايفانوف المسؤولين إلى وضع خطط لاستبدال الواردات في جميع الصناعات.

ويتوقع أن تسجل روسيا هروبا قياسيا لرؤوس الأموال يبلغ 130 مليار دولار مع تحويل الروس أموالهم الى عملات أجنبية خشية مزيد من الهبوط في العملة الوطنية.

موجة هجرة

وذكر وزير المالية انتون سيلوانوف الاسبوع الماضي ان روسيا تفقد نحو 140 مليار دولار (112 مليار يورو) سنويا بسبب العقوبات الغربية وانخفاض اسعار النفط.

وبدأت فرص الاعمال تجف وأخذ العديد من أصحاب المشاريع الروس يبيعون أعمالهم والانتقال إلى خارج البلاد، بحسب مستشارين.

وقال يفغيني نادروشين كبير الاقتصاديين في شركة سيستما إنه يتوقع إفلاس العديد من الشركات.

وأضاف: "إذا بقيت أسعار النفط عند مستواها الحالي أي نحو 70 دولارا للبرميل، فمن المرجح جدا أن يطول الركود لأكثر من عام".

إفلاس شركات

وتابع: "أتوقع أن أرى إفلاس عدد من الشركات خاصة في قطاعي البناء والمالية".

ويرى خبراء اجتماع أن غالبية الروس لم يدركوا بعد العلاقة بين الوضع الاقتصادي المتدهور وبين قرارات الكرملين السياسية.

وقالت ليودميلا بريسنياكوفا خبيرة الاجتماع في مركز الاستطلاعات: "بعض الناس يقولون إن الغرب هو الذي يضر بالبلاد، والبعض الآخر يقولون نحن من وضعنا أنفسنا في هذا الوضع". وتابعت: "لا توجد إجابة سهلة". من جانبه، يرى بنك سيبربنك الاستثماري -ومقره موسكو- أن الأسواق الروسية ستظل على المديين القصير والمتوسط "ضحية لقرار منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) بعدم خفض إنتاجها، ولن تستقر هذه الأسواق والروبل قبل أن يستقر سعر النفط".

وقال مدير مكتب الجزيرة في موسكو زاور شوج إن الأوساط الاقتصادية والمالية المحلية تتوقع المزيد من الهبوط للعملة، وأضاف أن الأخيرة تراجعت امس أمام اليورو بثلاثة روبلات.

وأضاف أن انخفاض العملة راجع إلى ركود الاقتصاد الروسي بسبب العقوبات الغربية وهبوط أسعار النفط وهروب رؤوس أموال هذا العام قدرت بنحو 150 مليار دولار، ويضاف إلى عوامل هبوط الروبل سياسة البنك المركزي بالامتناع عن التدخل في سوق الصرف لمنع المزيد من انهيار الروبل.

البنك المركزي

وأشار المراسل إلى أن المركزي الروسي مجبر على عدم التدخل بسبب تناقص الاحتياطي من النقد الأجنبي، إذ انخفض 30 في المئة في شهور قليلة، إلى جانب أنه يتعمد عدم التدخل في سوق العملات لمحاربة سماسرة أسواق المال.

ويشكل هبوط الروبل عبئا اقتصاديا على روسيا يتجلى في تقلص إيرادات الخزينة وارتفاع كلفة استيراد السلع، مما يؤدي إلى ارتفاع أسعارها في الأسواق المحلية، ويتوقع البنك المركزي الروسي أن يصعد معدل التضخم بنهاية 2014 إلى 10 في المئة.

(أ ف ب، الجزيرة نت)