ثبت بعد "تحرير" تل أبيض على الحدود السورية – التركية أن تنظيم "داعش"، الذي أصبح ذكره مرعباً ومخيفاً، نمر من ورق بالفعل، فهو في كل المعارك التي خاضها، وهي مجرد معركتين هما معركة عين العرب (كوباني) ومعركة تل أبيض الآنفة الذكر، قد هُزم من دون قتال فعلي، وهذا يؤكد ما قيل مراراً وتكراراً من أن انتصارات هذا التنظيم كلها مجانية، وبخاصة انتصاره في الموصل والرمادي وفي الرقة وتدمر، حيث سُلمت إليه هذه المدن تسليماً.
إن المشكلة مع "داعش" هي أن إيران تريد بقاءه ليبقى العراق بحاجة إليها، وليبقى بعض العراقيين يسكتون على مضض بالنسبة إلى احتلالها لبلادهم، ولهذا فإنه ستثبت الأيام، هذا إذا جرت تحقيقات جدية، أن هناك مؤامرة و"خيانة" وراء سقوط الموصل والأنبار ووقوعهما في قبضة هذا التنظيم، وهذا ينطبق على الرقة وعلى تدمر، وعلى كل ما احتله ما يسمى تنظيم الدولة الإسلامية من الأراضي السورية والعراقية.ولهذا فإنه لابد من التساؤل: هل يعقل يا ترى أنه يهزم هذا الـ"داعش" في تل أبيض، وقبل ذلك في عين العرب (كوباني)، وأيضاً في كل مواجهاته مع الـ "بيشمركة" الكردية، وينتصر في الموصل، التي كانت ترابط فيها أربع فرق عسكرية نظامية هرب قادتها كالقطط المذعورة، ويحتل أيضاً الرمادي والأنبار، ويتقدم نحو الحبانية، وكل هذا من دون قتال جدي ومن دون مواجهات فعلية؟، مما يؤكد أن وراء هذا التنظيم لغزاً كبيراً ستكشفه الأيام المقبلة التي يبدو أنها غدت قريبة.والغريب والمستغرب أن الولايات المتحدة، التي من المفترض أنها تعرف أسرار الكون كله، وتعرف كل شاردة وواردة في هذه المنطقة، مستمرة في الحديث عن أن المعركة مع "داعش" طويلة، ما يعني إما أن الأميركيين متورطون في لعبة على حساب أهل هذه البلاد التي ينغص عيشها هذا التنظيم الإرهابي، أو أنهم ليسوا بالقوة التي تظنها شعوب ودول العالم الثالث.. وربما العالم الأول أيضاً.إن القوة التي طردت "داعش" من تل أبيض هي مجرد "ميليشيات" مقاتلة مشكلة من الأكراد ومن بعض وحدات الجيش السوري الحر، وهذا هو ما كان حدث في عين العرب (كوباني)، وما حدث في المواجهات بين هذا التنظيم و"البيشمركة" الكردية، مما يعني أن الأميركيين يبالغون كثيراً عندما يتحدثون عن حرب طويلة مع ما يسمى "الدولة الإسلامية"، ما يؤكد أنه لو توافرت قوة حتى بمقدار لواء عسكري مدرب ومسلح تسليحاً جيداً لاستطاعت القضاء على هذه المجموعة الإرهابية التي يكمن سر قوتها أولاً في أن هناك مؤامرة، وأن هناك متآمرين، وثانياً في أنها منذ بداية ظهورها قد لجأت إلى زرع الرعب في قلوب أهل المناطق التي هاجمتها، بما في ذلك بعض التشكيلات العسكرية.ولذلك وللمرة الثانية، فإنه لا يمكن تصديق الأميركيين عندما يتحدثون عن أن المعركة مع هذا التنظيم الإرهابي ستكون طويلة، وإنه لا يمكن تصديق أن الجيش العراقي حتى بوضعه الحالي غير قادر على المواجهة والصمود في الرمادي وفي غيرها، ثم إنه لا يمكن تصديق أن بإمكان "داعش"، الذي لم يستطع الصمود أمام تشكيلات "ميليشياوية" في تل أبيض وفي عين العرب (كوباني)، التغلب على قوة عسكرية يتم تشكيلها من بعض دول التحالف الدولي، إن لم تكن هناك إمكانية لتشكيل مثل هذه القوة منها كلها!
أخر كلام
نمرٌ من ورق!
17-06-2015