الأغلبية الصامتة: أركان الملك
بطانة الخليفة الوليد بن عبدالملك زينت له أعماله بدعوى أن الله إذا استرعى عبداً كتب له الحسنات ولم يكتب السيئات، ولما استفتى الوليد، مؤدبه الزهري عن هذا الكلام، أجابه ببطلان ذلك، فالله سبحانه يخاطب نبيه داوود: «يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى».
![إبراهيم المليفي](https://storage.googleapis.com/jarida-cdn/images/1612377050504273100/1612377064000/1280x960.jpg)
وضرب المقال عدة أمثلة على بطانة السوء وشرورها، وتوقف أولاً عند بطانة الخليفة الوليد بن عبدالملك وكيف زينت له أعماله بدعوى أن الله إذا استرعى عبداً كتب له الحسنات ولم يكتب السيئات، ولما استفتى الوليد، مؤدبه الزهري عن هذا الكلام، أجابه ببطلان ذلك، فالله سبحانه يخاطب نبيه الخليفة داوود بقوله: "يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ". (سورة ص، آية 26).المثال الثاني لبطانة السوء كان من نصيب الخليفة المستعصم آخر خليفة عباسي في بغداد، وقد وصفها كاتب المقال، أي بطانة المستعصم، بأنها "الأنموذج الأعلى في الفساد وخلط الأمور وسوء نظرها، فالوزير خائر العزيمة، والحاجب الخاص جاهل"، أما الأخير فهو عبدالغني بن الدرنوس، كان يعمل حمالاً في بغداد، وفي أيام الخليفة المستنصر أصبح "براجاً" في بعض أبراج الخليفة، وأبلى في ذلك العمل البلاء الحسن، وعندما ارتقى المستعصم إلى منصب الخليفة اختص ابن الدرنوس وغير اسمه ليصبح "نجم الدين الخاص"، وعلت مكانته حتى كان يتدخل في تعيين الوزير، فكثيراً ما عزل وعين حتى تلاقى مع الوزير ابن العلقمي "سبة التاريخ الإسلامي" فأحرقا الدولة بشظايا نصائحهما المحرقة، وشهدا معاً نهاية الخلافة العباسية بسوء فعلهما وتدبيرهما.خاتمة مقال د. محمد عيسى صالحية كانت جداً مؤثرة، وفيها تحدث عن صراخ الخليفة المنصور في طلب الأعوان، إذ قال: "ما كان أحوجني أن يكون على بابي أربعة نفر، لا يكون على بابي أعف منهم، هم أركان الملك لا يصلح إلا بهم، أما أحدهم فقاضٍ لا تأخذه في الله لومة لائم، والآخر صاحب شرطة ينصف الضعيف من القوي، والثالث صاحب خراج يستقصي لي ولا يظلم الرعية، فإني عن ظلمها غني، وأخيراً عض على إصبعه السبابة ثلاثاً، وهو يصرخ، آه، آه، فسأله من حوله من حوله، ومن الرابع يا أمير المؤمنين؟ قال: صاحب بريد يكتب بخبر هؤلاء على الصحة".