حرية مسؤولة خير من حرية بلا قيود

نشر في 15-05-2015
آخر تحديث 15-05-2015 | 00:01
غياب الوعي يظل مسؤولية الدولة، والتنبيه على مغبة خطورة الكتابة أو التعبير بما يشكل خطراً على المجتمع يجب أن يوازيه حملة تثقيفية، فالقوانين وجدت من أجل حماية المجتمع من ضرر التطرف الفكري والعقائدي والأخلاقي، ومن أجل ذلك يظل القانون هو مسطرة العدل يطبق على الجميع بمسافة واحدة.
 أ. د. فيصل الشريفي عرف السيد جون ستيوارت ميل "السبب الوحيد الذي يجعل الإنسانية أو (جزءا منها) تتدخل في حرية أحد أعضائها أو تصرفه هو حماية النفس فقط، وإن السبب الوحيد الذي يعطي الحق لمجتمع حضاري في التدخل في إرادة عضو من أعضائه هو حماية الآخرين من أضرار ذلك التصرف".  

هذا التعريف في نظري غطى الجانب الأهم لمفهوم الحرية، وأظن المشرع الكويتي ذهب إلى ما هو أبعد من ذلك عند كتابته نصوص الدستور؛ حماية منه للحريات بشتى أنماطها، ومن أجل ذلك أورد مجموعة من المواد تناولت هذا المفهوم وهي كالتالي:

- "العدل والحرية والمساواة دعامات المجتمع، والتعاون والتراحم صلة وثقى بين المواطنين". (7).

- "الناس سواسية في الكرامة الإنسانية، وهم متساوون لدى القانون في الحقوق والواجبات العامة، لا تمييز بينهم في ذلك بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين". (29).

- "الحرية الشخصية مكفولة". (30).

- "حرية الاعتقاد مطلقة، وتحمي الدولة حرية القيام بشعائر الأديان طبقا للعادات المرعية، على ألا يخل ذلك بالنظام العام أو ينافي الآداب". (35).

- "حرية الرأي والبحث العلمي مكفولة، ولكل إنسان حق التعبير عن رأيه ونشره بالقول أو الكتابة أو غيرهما، وذلك وفقا للشروط والأوضاع التي يبينها القانون". (36).

- "حرية الصحافة والطباعة والنشر مكفولة وفقا للشروط والأوضاع التي يبينها القانون". (37).

- "حرية المراسلة البريدية والبرقية والهاتفية مصونة، وسريتها مكفولة، فلا يجوز مراقبة الرسائل، أو إفشاء سريتها إلا في الأحوال المبينة في القانون وبالإجراءات المنصوص عليها فيه". (39).

- "حرية تكوين الجمعيات والنقابات على أسس وطنية وبوسائل سلمية مكفولة وفقا للشروط والأوضاع التي يبينها القانون، ولا يجوز إجبار أحد على الانضمام إلى أي جمعية أو نقابة". (43).

اليوم نحن أمام مفترق طرق بوجود قانون المرئي والمسموع، وقانون الوحدة الوطنية من جانب آخر، يقابله كم كبير من وسائل التعبير الاجتماعي التي سمحت للجميع بالتعبير عن آرائهم بواسطة هواتفهم النقالة، في حين في الماضي القريب كانت محصورة بمجموعة محددة من النخب والكتّاب.

جل القضايا المرفوعة اليوم أمام المحاكم شخوصها من الشباب بسبب تغريدة أو مدونة كتبت عن قصد أو دون قصد وجدت ضالتها عند من يبحث عن الشهرة؛ طمعاً بالحصول على المزيد من الأصوات دون مراعاة لمبدأ التسامح والنصح، حتى لو أدى ذلك إلى ضياع مستقبل هذا الشاب أو إنهاء حياته.

غياب الوعي يظل مسؤولية الدولة، والتنبيه على مغبة خطورة الكتابة أو التعبير بما يشكل خطراً على المجتمع يجب أن يوازيه حملة تثقيفية، فالقوانين وجدت من أجل حماية المجتمع من ضرر التطرف الفكري والعقائدي والأخلاقي، ومن أجل ذلك يظل القانون هو مسطرة العدل يطبق على الجميع بمسافة واحدة.

ودمتم سالمين.

back to top