«داعش» و«الحلفاء»: شكوك وتساؤلات!
غير متوقع على الإطلاق التغلب على تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام "داعش" ما دامت دول التحالف بقيادة الولايات المتحدة مستمرة في التَّهيُّب من استخدام قوات برية، سواء من هذه الدول كلها أو من بعضها، ومادامت الأوضاع في العراق، التي أدَّت إلى إحساس فئة رئيسية، أي السُّنة العرب، أنها مستهدفة حتى في وجودها بوطنها، لم تُعالَج المعالجة الصحيحة حتى الآن، ومادامت هناك ميليشيات طائفية ومذهبية تسرح وتمرح وتواصل تعدياتها على هذه الفئة من الشعب العراقي والدولة، حتى في عهد هذه الحكومة، تقف عاجزة وغير قادرة على إثبات وجودها كدولة.إنه أمرٌ مضحك فعلاً... فهل يعقل أن تحالفاً عسكرياً يضم أربعين دولة على رأسه الولايات المتحدة بكل قوتها وجبروتها ويستند إلى حلف شمال الأطلسي، الذي أُعِدَّ لمواجهة الاتحاد السوفياتي، يوم كان هناك اتحاد سوفياتي، لا يستطيع أن يتقدم ولو بمقدار بضعة أمتار في بلدة صغيرة كـ"كوباني" عين العرب التي يحتل "داعش" جزءاً منها ويسيطر بالنيران على أجزاء أخرى... بينما يتوالى القصف الجوي على مدى أكثر من أربعين يوماً بدون أي إنجاز حقيقي لا على الأرض ولا في السماء!
إن هناك لغزاً ستكشفه الأيام المقبلة بالتأكيد، فلماذا تحوّلت "كوباني" عين العرب إلى ما يشبه قاعدة "خيسانه" خلال الحرب الفيتنامية الشهيرة، التي خرجت منها الولايات المتحدة بأكبر هزيمة لحقت بها منذ إنشائها حتى الآن، وبقيت، أي كوباني، المسرح الرئيسي للقتال المحتدم في هذه المنطقة بين "داعش" والتحالف الدولي الذي يسانده أكراد شمال العراق والجيش العراقي، الذي لا يزال كسيحاً ولا تجوز المراهنة عليه، إضافةً إلى أعداد رمزية من الجيش الحر والمعارضة السورية المعتدلة. ما الذي تنتظره الولايات المتحدة ومعها التحالف الذي تترأسه وقوامه أكثر من أربعين دولة؟! لماذا يترك الأميركيون "داعش" ليصبح بالنسبة لأهل هذه المنطقة، ومعهم العالم كله، التنظيم المرعب الذي لا يمكن الانتصار عليه؟! لماذا يُتْرَك هذا التنظيم لـ"يُطارِدْ" في العراق كما يشاء، وليسيطر على آبار نفط جديدة في سورية، وليقوم بتسويق هذا النفط كأنه دولة؟! لماذا تُتْرك "النصرة" المصنفة كتنظيم إرهابي تابع لـ"القاعدة" تتمدد في منطقة "إدلب" في سورية بمساندة ودعم نظام بشار الأسد بالطبع..؟ إنها ألغاز محيِّرة، فهل لأنَّ هناك مؤامرة؟! نعم مؤامرة لتسليم هذه المنطقة للتطرف والعنف... ومن المستفيد؟!آخر ما قاله الجنرال جون آلن قائد قوات التحالف إنه سيتم دعم المعارضة السورية والجيش الحر لـ"يدافع عن نفسه ضد داعش والنصرة وضد نظام بشار الأسد"... لقد سمعنا أقوالاً كثيرة كهذه الأقوال منذ بدايات انفجار الأزمة السورية التي غدت لغماً كبيراً يهدد المنطقة كلها، لكننا لم نرَ أفعالاً ولو بالحد الأدنى... فلماذا؟ ولماذا تتقدم الولايات المتحدة ومعها حلفاؤها الأوروبيون خطوة في هذا المجال وتتراجع ألف خطوة إلى الوراء؟... ما الذي يجري؟ وما هو المقصود؟!لقد أصبحت الثقة بالولايات المتحدة بل وبهذا التحالف كله معدومة، وهناك شعور أن هناك مخفياً أعظم، ويقيناً أنه إنْ لمْ يجرِ تدارك الأمور بسرعة ووضع حدٍّ لكل هذا التردد، الذي إن استمر فسيؤدي إلى كوارث كثيرة، فإن الذين مزَّق قلوبهم وهزَّ قناعاتهم ما يفعله الأميركيون وحلفاؤهم سيتجهون إلى عدوهم الذي هو "داعش"، فالناس عندما يصابون بخيبات الأمل وتنسدُّ الآفاق في وجوههم وتتقلص الخيارات أمامهم لا يتورعون من الاتجاه إلى أعدائهم، وهذا يجب أن يدركه الذين يظنون، مخطئين، أن عامل الوقت سيكون لحسابهم في نهاية الأمر!