يشارك الفيلم المصري «باب الوداع» للمخرج الشاب كريم الحنفي في مسابقة مهرجان القاهرة السينمائي الرسمية، والدولية أيضاً، فيما تُعرض أربعة أفلام أخرى خارج المسابقة الرسمية، وهي «حائط البطولات» للمخرج محمد راضي، و{ديكور» للمخرج أحمد عبد الله السيد اللذين سيتم عرضهما في قسم العروض الخاصة، فيما يُعرض «زي عود الكبريت» وهو أول إخراج للفنان الراحل حسين الإمام في قسم أفلام عن السينما. وضمن المعرض الذي يقيمه المهرجان للمخرج الراحل بركات يُعرض فيلم «الحرام».

Ad

طُرحت تساؤلات عدة حول سبب وجود فيلم مصري واحد في مسابقة المهرجان الرسمية، فهل الأمر يرجع إلى قلة الأعمال السينمائية التي ترقى إلى المشاركة فيه؟ أم أن صانعي السينما يفضلون المشاركة في مهرجانات أخرى لجوائزها المادية السخية، أم أن الإدارة اكتفت بـ{باب الوداع» ليمثل مصر في المسابقات الرسمية في المهرجان؟ ولم تفضل اختيار أفلام معروفة؟

عضو لجنة المشاهدة في مهرجان القاهرة السينمائي الدولي الناقدة صفاء الليثي قالت لـ{الجريدة» إن عدد الأفلام العربية المشاركة في المهرجان 16 فيلماً، وعادة الدولة المنظمة لأي مهرجان لا تشارك بأكثر من فيلمين في المسابقة الرسمية، وتابعت: «ولكن قياساً لحجم الإنتاج المصري فإنه تم قبول فيلم واحد في المسابقة، وكناقدة سينمائية أرى أن هذا الأمر طبيعي ومنطقي للغاية، خصوصاً أن المسابقة الرسمية في العام الماضي شارك فيها 18 فيلماً، وفي المقابل يشارك في الدورة 36 التي ستبدأ خلال أيام 16 فيلماً، وبالطبع هذا الانخفاض أثر على عدد الأفلام المشاركة».

الليثي تابعت أن قناعة إدارة المهرجان باختيار فيلم مصري واحد ليمثل مصر في مسابقته يرجع إلى أنها تثق في نفسها وقدرات مواهبها، لذا اختارت «باب الوداع»، وأضافت: «وكون مخرج الفيلم شاب جديد، ولم يسمع الكثير عن هذا العمل السينمائي فهذا لا يقلل منه، فكل المخرجين الكبار أمثال محمد خان ورأفت الميهي وخيري بشارة يوماً ما كانوا شباباً يحتاجون إلى المساعدة حينما كانوا يقدمون سينما جديدة ومختلفة، وأرى أن اختيار «باب الوداع» للمشاركة في المسابقة الدولية شهادة مبدئية له تؤكد جودة مستواه الفني، كما تعد تشجيعا للمواهب الشابة».

بدوره قال الناقد السينمائي نادر عدلي إن مهرجان القاهرة السينمائي الدولي يعاني منذ فترة طويلة حالة ركود في ما يتعلق بالأفلام المصرية التي تستحق المشاركة في مسابقاته الرسمية، ودائماً يواجه القيمون عليه مشكلة في اختيار فيلم أو فيلمين فقط لهذا السبب، لافتاً إلى أنه ما دام مهرجان القاهرة اختار «باب الوداع» ليمثل مصر في مسابقته الرسمية فهذا يشير إلى أنه جيد.

وأضاف: «الأفلام العربية الأخرى التي يتم عرضها في المهرجان ولم تشارك في المسابقة الرسمية اختار صانعوها أن يتم عرضها الأول في مهرجانات أخرى قبل القاهرة السينمائي الدولي، ومن بينها «ديكور» الذي فضل صانعوه عرضه في مهرجان لندن السينمائي، وهو ما يجعله خارج نطاق الشروط التي وضعتها إدارة المهرجان للمشاركة في المسابقة الرسمية؛ إذ تنص على ضرورة أن يكون العرض فيه هو الأول له، وكان من الممكن أن يدخل في مسابقة الأفلام العربية ضمن البرنامج الموازي الذي تنظمه نقابة المهن السينمائية.

من ناحية أخرى، أعرب الناقد محمود قاسم عن استيائه من تمثيل مصر في المسابقة الرسمية من مهرجان القاهرة السينمائي بفيلم واحد، قائلًا: «يوضح هذا الأمر أن مصر تستحق أن تكون بلد العجائب لأنه في ظل إقامة مهرجانات سينمائية عدة خلال أسبوع واحد لا نجد أفلاماً تُعرض فيها، وهذا الأمر ليس بحديث بل نشهده منذ سنوات، إضافة إلى أن السينما المصرية تجارية في المقام الأول ومن مصلحتها عدم المشاركة في المهرجان كي لا تخجلنا بمستواها الضعيف.

وأوضح أنه من الأفضل صناعة أفلام ذات مستوى فني جيد وتوفير النفقات التي يتم وضعها في المهرجانات السينمائية ودعوة الضيوف إلى حضورها، تحت ادعاء تطوير صناعة السينما والاحتفاء بها، وتابع: «من ضمن الكوارث اللافتة أيضاً أن ثمة 22 مهرجان سينما أطفال، وفي الوقت نفسه نحن لا نملك فيلماً واحداً تحت مسمى «سينما الطفل»، إذ نهتم بالاحتفاليات أكثر من وجود منتج سينمائي جيد، ما يوضح اختيار الأفلام القديمة في مهرجان القاهرة مثل «حائط البطولات» الذي يجمعه بالقوات المسلحة مشكلات كثيرة، وهو أمر يثير السخرية وأشبه بشراء أب لطفل يتيم.

قاسم أوضح أنه يجب على الدولة تقديم أفلام جيدة، ودعمها أيضاً، وعدم الاكتفاء بتوفير الدعم مثلما حدث مع «المسافر» الذي تكلف 22 مليون جنيه، ولم يحقق إيرادات مرتفعة، وهي بذلك تكون فشلت في تقديم أفلام جيدة في ظل إنفاق الكثير على مهرجانات بدعوى تنشيط السياحة، بدلًا من أن نجعل الدول الأخرى توفر هذه المعونات مثلما قدمت أبو ظبي لفيلم «فتاة المصنع» لمخرجه محمد خان.

فيما قالت الناقدة حنان شومان إن مهرجان القاهرة السينمائي الدولي يعاني منذ سنوات من عملية اختيار أفلام تمثل مصر في مسابقاته الرسمية لأن أصحاب الأفلام المتميزة يفضلون المشاركة بأفلامهم في مهرجانات أخرى، وهو ما ترتبت عليه إصابته بالوهن والضعف في هذا الجانب، وأضافت: «لم نعد نجد مصر في هذا المهرجان، ويضطر القيمون إلى الاختيار لأجل شرف التمثيل، وهذا يرجع إلى أن السينما المصرية أصبحت فقيرة من ناحية عدد الأفلام، والإنتاج فيها محدود، ولا يقدم سوى أعمال تجارية بحتة لأجل دورة رأس المال، ومن ثم يتم عرضها في الفضائيات».

شومان قالت إن المشكلة لدى وسائل الإعلام أنها تظن أن المهرجان عليه إنتاج أفلام رغم أنه لا يتعدى كونه مجرد وسيلة عارضة للمنتج، مشيرة إلى أنه يمكن الاعتراض على المستوى العمل السينمائي وليس على عدد الأعمال المعروضة، وترى أن من الأفضل ألا يتم تمثيل مصر من أن يتم التمثيل بها.