قد يكون اختلاق الأعذار مناورة واهية، سواء كنا نتحجج بسبب تافه للقيادة بسرعة 100 كلم/ساعة في منطقة يجب ألا تتجاوز السرعة فيها الثمانين أو نلوم السير على تأخرنا مرة أخرى، إلا أننا نلجأ إليها في مطلق الأحوال، أحياناً على الأقل، لنتجنب بعض اللوم نتيجة هفواتنا. ولكن هل تستحق محاولة تبرير أفعالنا هذه العناء؟ ومتى يكون من الأفضل تحمل كامل المسؤولية؟

Ad

تكشف الأبحاث أن الأعذار تنجح في بعض الحالات. فيشير تحليل أجراه كريستوفر ب. بارليت من جامعة غيتيسبرغ إلى أننا إذا قمنا بأمر أزعج شخصاً ما، يمكن لعذر جيد، مثل "أعتذر لأنني أشعر ببعض الاستياء اليوم”، أن يجبنا رد فعله. كذلك أظهرت دراسة أخرى أن الشركات، عند تعاطيها مع الشكاوى، تستطيع جعل مشكلة تبدو أقل فداحة في نظر العملاء باللجوء إلى الأعذار.

لكن الإفراط في اللجوء إلى الأعذار ينطوي على بعض المخاطر. فقد برهنت دراسة حديثة أن السلوك المعيق الذي يسبق أداء ما ويهدف إلى تبرير أي نتائج سلبية محتملة (لم يتسنَّ لي دراسة الرياضيات إلا مساء أمس) يرتبط بتدني الحوافز والإنجازات عند الطالب. وإذا حاول المحترفون غالباً التملص من مسؤولياتهم بطرح الأعذار، فقد يخسر زملاؤهم ثقتهم بهم. تُظهر دراسة أجراها باحثون في جامعة ولاية أيوا أنه عندما يسعى الموظف إلى تفادي الحكم على أدائه بالإشارة إلى بعض العوامل المعوّقة (مثل ضآلة الموارد والمهل الضيقة)، تفقد مبرراته مصداقيتها في المرة التالية التي يلجأ فيها إلى مناورة مماثلة.

تحقق أكثر الأعذار فاعلية أمراً من اثنين: إما تعبّر بلباقة عن مسؤولية صاحبها وتقدم ضمانات على أن هذه الهفوة لن تتكرر، أو تبرر أن الوضع خرج عن السيطرة. كذلك تعكس تفهماً للمشكلة الناشئة، فضلاً عن مزاج المستمع.

علاوة على ذلك، من الأفضل التحلي بالصدق. فاللجوء إلى عذر لا يبدو صادقاً أو حقيقياً قد يؤدي إلى رد فعل أقوى مما لو لم يقدم الشخص أي أعذار.