أين تبدأ في تحديد العطب في هذه الدولة! تتوه، ولا تعرف، فمثلاً مع مانشيتات جرائدنا أمس الاثنين أصبح حالنا مثل حال السيد «خراش»، الذي تكاثرت عليه الظباء، فضيّع بوصلة صيده، ولم يصطد ظبياً واحداً، وتكاثرت «مانشيتات» الأخبار الصحافية، التي نقلت حالة  الضياع، فأصبحت خراشاً كويتياً ضائعاً مع ضياع الإدارة للخروج من نفق كارثة أسعار النفط، فمثلاً «الوطن» تنقل عن مصدر حكومي مسؤول (بينما، حقيقة، لا يوجد عندنا مسؤول يتحمل عبء المسؤولية، ولو وجد لما كان مسؤولاً أصلاً في جهاز الدولة) أن الحكومة ستراجع «مخصصات القياديين»، مع ان واقع أزمتنا ليس مخصصاتهم... أزمتنا هي القياديون أنفسهم، فموقع «دروازة» ينقل لنا أن عدداً من القياديين تجاوزت خدمتهم 30 عاماً وأحياناً 43، من بينهم عشرون في الديوان الأميري، وثلاثة عشر في مجلس الوزراء... ومع ذلك مازال «الشباب» القياديون «مجلبين» (متمسكين) بمراكزهم، يعني هم مسمار بلوح، وجبال لا تهزها الرياح.  وبالمناسبة، من منا يذكر وكيل وزارة خدمات تمس طرق الدولة ودوربها المتعرجة، مر عليه وزراء كثيرون، وتشكيلات وزارية عديدة، وقضايا فساد ليس لها أول ولا آخر، ومع ذلك ظل صامداً جبلاً لا تهزه الريح، على ذلك، لماذا يقولون إنه لا توجد جبال في الكويت، إذا لم يكن هؤلاء جبالاً فماذا يكونون إذن؟!

Ad

أما مانشيت «الجريدة» فيتحدث عن فشل اجتماع السلطتين، وكان اجتماعهم غير مثمر...! غريب، أنا كنت أتصور أنها سلطة واحدة بوجهين، حكومي ومجلسي، فكيف تفشل السلطة مع نفسها، ما لم يكن الفشل في تشخيص العلة هي أنفسهم؟، وأكرر من جديد هي القياديون بذواتهم العالية، وهم ليسوا قاصرين على جهاز الإدارة المذكور، بل نجد نماذجهم تتكرر في أعلى المراكز الإدارية والسياسية، وتغير أسماء الوزراء أو الوكلاء لا يعني تغير الفكر المهيمن في إدارة الدولة، فما جدوى منصب «قيادي» إذا كان هو في النهاية موظفاً كبيراً عند موظف أكبر، والأخير بدوره موظف عند آخر أكبر منه... ثم تنعكس صور المرايا للأسفل، ولبقية كل الجهاز الإداري في وظائف الدولة، عطالة وفقدان روح المسؤولية وتواكلية، ومن يلوم الصغار، إذا كان قدوتهم مثل هؤلاء الكبار؟!

   أما «القبس» فنقلت، تقييم البنك الدولي عن ميزانية الدولة وغياب الرؤية الاستراتيجية عنها، وقد أسمع البنك الدولي لو نادى حياً ولكن لا حياة لمن تنادي.

 جريدة الراي، كذلك نقلت عن مصدر «مسؤول» في دولة المسؤولين  تصريحاً يطمئن المواطنين، بأنه لا ضرائب ولا رسوم، وأن سد العجز لن يكون من السحب من الاحتياطي، إنما بالاقتراض الدولي، «خوش حجي»، اقترضوا من الخارج والضمان المالي (الرهن) قد يكون من الاحتياطي.

  قبل «مانشيتات خراش» كنت أقرأ في كتاب رصين عن تجربة دول شرق آسيا، ومثالها الفذ، اليابان، وكوريا، والصين، وسنغافورة، وفيتنام، هي دول قفزت للحداثة والتنمية المستدامة عبر سلم أجهزتها الإدارية، ومن بوابة عنصر «الجدارة» والكفاءة في الوظيفة القيادية، وليس من ثقوب «هذا ولدنا»، ففي اليابان، الأفضل تعليماً، وبعد اختبارات صعبة يتم اختيار الشخص للقيادة في الجهاز الإداري، وقبل التعليم هناك عنصر الإخلاص للوطن والولاء للإمبراطور الذي يسود ولا يحكم، لكن أين نحن من اليابان... هي بلد مصانع تويوتا، ونحن من بلدان مزايين الإبل؟ خراش الياباني لا يتوه، ويصيد كل الظباء دفعة واحدة بمصانع سوني، بينما «خراشنا» مازال يترنم بصوت «مر ظبي سباني» في بلد لم يعد فيه ظباء، فقط تتمدد فيه مرتاحة القطط السمان!