سياسة إسرائيل المرتبكة بشأن الغاز الطبيعي
تقع الحقول البحرية للغاز خارج ساحل إسرائيل الشمالي، وأبعدها حقل «ليفياثان» الذي اكتشف في 2010 بمياه عمقها عدة آلاف من الأقدام، وحقل «تمار» الذي اكتشف عام 2009 وبدأ تشغيله العام الماضي، ويُستخدم الغاز الذي ينتجه حالياً لتوليد ما يقرب من نصف الطاقة الكهربائية في إسرائيل.
![معهد واشنطن](https://storage.googleapis.com/jarida-cdn/images/1586968111105233200/1586968124000/1280x960.jpg)
ولن يتم اتخاذ قرار نهائي من "مفوض مكافحة الاحتكار" ديفيد غيلو، إلا بعد عقد جلسة استماع يرجح عقدها في الأسبوع القادم، إلا أن التأثير المباشر هو التشكيك في الوقت الذي سيتم فيه تطوير حقل "ليفياثان"، إذا تم ذلك أصلاً.ويُقدر أن تكلفة المرحلة الأولى من المشروع، التي تشمل إنشاء نظم الإنتاج في قاع البحر ومد خط أنابيب إلى الشاطئ، ستصل إلى 6.5 مليارات دولار، وتعمل كل من "نوبل" و"ديليك" على جمع الأموال، ومن الزبائن المحتملين لشراء الغاز الإسرائيلي محطة جديدة لتوليد الكهرباء في مدينة جنين في الضفة الغربية، وشركة الكهرباء الأردنية التي تملكها الدولة، ومنشأة للغاز الطبيعي المسال غير مستخدمة بالقدر الكافي، تقع على ساحل دلتا النيل في مصر وتملكها شركة إسبانية، وتؤيد الحكومة الأميركية بقوة هذه الاتفاقات المحتملة، حيث تراها تجارية من الناحية المنطقية، فضلاً عن أنها تساعد على ضمان السلام الإقليمي، وإذا ما تم إلغاؤها، فقد يكون تأثيرها كبيراً، على الأقل على الاقتصاد الأردني.وإذا صدر قرار الحكم ضد "نوبل" و"ديليك"، وجاء ذلك على خلفية أنّهما تعملان ككارتل اتحاد احتكاري للمنتجين، فيتعين بيع حقل "ليفياثان" على ما يبدو، بحيث يكون المالك الجديد مسؤولاً عن تمويل الحوض وتطويره وتأمين التوصل إلى اتفاقات جديدة مع العملاء المحتملين.ومن المقرر إجراء الانتخابات المقبلة في إسرائيل في مارس، حيث سينشط النقاش العام المتزايد المتعلق بالغاز الطبيعي بصورة أكثر، وقد تم بالفعل التطرق إلى الاستياء الكبير القائم حول الأرباح التي قد تعود في النهاية إلى "مجموعة ديليك"، التي يملكها الملياردير العصامي إسحق تشوفا، الذي يجسّد في شخصيته بعض حالات عدم المساواة في المجتمع الإسرائيلي، ولكن القضية المركزية هي الثمن الذي تدفعه "شركة الكهرباء الإسرائيلية" إلى اتحاد الشركات "نوبل"-"ديليك"" عن ثمن غاز "تمار"، وليس هناك سعر للغاز في السوق العالمي. وتدفع "شركة الكهرباء الإسرائيلية" 5.5 دولارات لكل مليون وحدة حرارية بريطانية، وهي أقل من 70 في المئة مما دفعه الاتحاد الأوروبي، وأقل من نصف ما دفعته اليابان عن ثمن الغاز في نوفمبر، لكنه أعلى بنسبة 25 في المئة من سعر "هنري هاب" في الولايات المتحدة للشهر نفسه، ومع ذلك من الصعب رؤية كيف أن فرض بيع حقل "ليفياثان" نظرياً سيخفض السعر: إن قدر المجازفة الأكبر الذي سيتطلب من المستثمر الجديد سيؤدي على الأرجح إلى رفع التكاليف، ويغمر أي فائدة متواضعة من وجود منتِجَيْن بدلاً من منتج واحد.والسؤال المهم هو فيما إذا كانت شركة "نوبل إنرجي" ستقلل من التزامها بتطوير الغاز الإسرائيلي في هذه الظروف؟ لقد أعرب رئيسها التنفيذي المنتهية ولايته، تشارلز ديفيدسون، عن شعوره بالإحباط من النظام التنظيمي في إسرائيل، في مقابلة أجراها في سبتمبر، حيث قال: "لا يسعني سوى التعبير عن مفاجأتي بعدم القدرة على اتخاذ الحكومة وكبار القيادات التنظيمية في إسرائيل قرارا. إن ذلك غير معقول ويخلق جوا من عدم اليقين المستمر". وفي 23 ديسمبر قال متحدث باسم "نوبل" إن القرار "سوف يؤثر على استمرار الاستثمار الذي تقوم به نوبل إنرجي"ـ و"نوبل" هي شركة النفط والغاز الأجنبية الكبرى الوحيدة العاملة في إسرائيل، وستبقى هناك حتى بعد قيام الحكومة بتغيير الشروط الضريبية المتعلقة بشركات الطاقة، وفي ظل هذه الظروف من الممكن ألا يتم العثور بتاتاً على مشتر لحقل "ليفياثان"، كما أن واقع العثور على مشتر سيشكل تحدياً إذا ما تم وضع حقل "تمار" للبيع، بدلاً من "ليفياثان"،وبغض النظر عن الاتجاه الذي ستسير فيه الأمور، لا يزال بالإمكان الطعن أمام المحاكم في القرار الصادر عن "مفوض مكافحة الاحتكار"، كما أن نائب المستشار القانوني للحكومة قد اقترح للتو اتباع نهج جديد لتنظيم قطاع الغاز الطبيعي، على الرغم من أنه من المرجح أن تكون النتيجة الفورية هي تشكيل لجنة لمناقشة هذه المسألة، إلا إذا تدخل رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، الذي يعتبر الغاز الذي تستخرجه إسرائيل ورقة جيوسياسية هامة. وفي 23 ديسمبر أمر رئيس المجلس الاقتصادي الوطني الأستاذ الجامعي يوجين كانديل، بإجراء تحقيق لمعرفة التداعيات المترتبة على الإجراءات التي اتخذها "مفوض مكافحة الاحتكار"، ولتجنب اتخاذ قرار قد يعوق السياسة الأميركية في المستقبل، بغض النظر عن العطل المخطط لها في الولايات المتحدة، على المسؤولين الأميركيين تنبيه نظرائهم الإسرائيليين بسرعة إلى العواقب السلبية المحتملة من تعريض الاتفاق للخطر.سايمون هندرسون | Simon Henderson