تضمنت كلمة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله، للأمة الإسلامية، من مشعر منى، جملة من القضايا الهامة، أبرزها:
1- تأكيد العزم على المضي قدماً في محاربة التطرف والغلو واستئصال الإرهاب– بلا هوادة– حماية للشباب من الأفكار المتطرفة.2- أهمية الحوار وقبول الآخر: إذ لا سبيل إلى التعايش في هذه الدنيا إلا بالحوار، فبالحوار تحقن الدماء وتنبذ الفرقة والجهل والغلو ويسود السلام في عالمنا، ويصبح الحوار والنقاش أساس التعامل بين الأمم والشعوب.3- أهمية تكامل أدوار البيت والمدرسة والجامع والإعلام: فالأم بعظم رسالتها هي "المدرسة الأولى" لأبنائها، فإن أحسنت الرعاية، أينع غرسها وأثمر، ديننا دين محبة والتحاور والتعايش، لا دين نبذ وبغض، وقد أعطانا المصطفى صلى الله عليه وسلم، وصفة إسلامية في الحياة، حين قال: والذين نفس محمد بيده لا تؤمنوا حتى تحابوا، أفلا أنبئكم بشيء إذا فعلتموه تحاببتم... أفشوا السلام بينكم، والمدرس والمربي في المدرسة، عليه تهيئة أبنائه الطلبة وتعويدهم على الحوار والمناقشة والجدال بالذي هو أحسن، وتدريبهم على قبول الآخر، وأن الخلاف مهما كان يحل بالنقاش والحوار، كما أن على العلماء والدعاة وأصحاب الفكر، وهم قدوة للشباب، إعطاء الشباب النموذج الأمثل في الحوار والتعامل، وأن يبينوا ما ينطوي عليه ديننا من سماحة ووسطية.كيف نحقق هذه الرؤية الحضارية؟ الحقيقة أن هذه كلمات مهمة، يتطلب تحقيقها وترجمتها على أرض الواقع، وضع استراتيجية وطنية شاملة تتعاون فيها كل مؤسسات المجتمع والدولة، بهدف غرس ونشر "ثقافة قبول الآخر" ومن ركائز هذه الاستراتيجية:1- الإيمان بأن اختلاف البشر، حقيقة إنسانية وكونية ثابتة، وأن الحياة تقوم على التعددية، وأن الكون خلق على قانون الاختلاف، وأننا يجب أن نتقبل الآخر بما هو عليه لا بما نريده ونهواه، فلا يضرني كمسلم كون اليهودي على يهوديته والمسيحي على مسيحيته والبوذي على بوذيته، لكن المطلوب مني أن أتعايش معه وأتعاون معه من أجل تحقيق الأهداف الخيرة والمنافع المشتركة، والله سبحانه وتعالى هو وحده الذي يحاسب البشر يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون.2- إحياء البعد الإنساني وتكريسه في الخطاب التعليمي والديني والإعلامي والتشريعي والثقافي العام.3- تنقية المناهج من الإرث التبعي والتمييزي ضد الآخر الديني والمذهبي والمرأة وتخصيبها بأفكار المجددين.4- تثقيف الأئمة والخطباء بمناهج الحوار وقبول التعددية والتسامح.5- تدريس المفاهيم الدينية: الجهاد، الولاء والبراء، التشبه بالكفار، البدعة، الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، من منطلق حضاري إنساني تنموي.6- معالجة التشريعات الوطنية لتخليصها مما قد يشوبها من ثغرات تمييزية ضد الأقليات والمرأة.7- التركيز على القواسم المشتركة بين الأديان والمذاهب، من منطلق "نتعاون فيما اتفقنا ويعذر بعضنا بعضاً فيما اختلفنا".8- تبني المنهج النقدي في الخطاب التعليمي والديني والإعلامي، وترسيخ ثقافة نقد الذات في الخطاب الثقافي العام.9- الكف عن ثقافة تمجيد الذات وتضخيم الهوية والتغني المستمر بالمآثر والأمجاد الماضية.10- الكف عن ثقافة لوم الآخر وتحميله مسؤولية تخلف الأوضاع وتصويره بالمتآمر المتربص بنا دائماً.11- الإقلاع عن نظرية المؤامرة كتفسير للصراعات الدولية وبيان أن تلك الصراعات يحكمها منطق المصالح لا المؤامرة.12- تفنيد مقولات "الغزو الثقافي" بالمعنى العدائي، فذلك عملية مستحيلة، ترى ما الذي يفعله بك من يغزوك ثقافياً؟! إنه يقدم لك كتاباً أو صحيفة أو فيلماً أو خطاباً، عارضاً عليك وجهة نظر في أمر من الأمور، وهو في النهاية غير قادر على إجبارك، ولك أن ترفض أو تقبل، وهذا لا يستدعي عسكرة مجتمعاتنا وتعليمنا وثقافتنا بذريعة هواجس الغزو الغربي لنا!13- شجاعة تحمل مسؤولية الأخطاء والاعتراف بها وتقبل ثقافة الاعتذار عنها، والإفادة من التجارب والدروس الخاطئة.14- تعزيز "قيم المواطنة" باعتبارها الرابط الجامع لأبناء المجتمع الواحد الذي يعلو كل الانتماءات والروابط الأخرى، بتفعيلها في الساحة المجتمعية فعلاً وواقعاً، حتى لا تظل قيماً فوقية سابحة في الفضاء المجتمعي!15- تجريم "التخوين" و"التكفير" و"التشكيك" في معتقدات الآخرين، والتحريض على العنف.16- تجريم استخدام منابر المساجد في غير أهدافها المشروعة، بترويج أجندة سياسية معينة أو دعوة جزبية أو أيديولوجية أو للدعاء على الآخرين، ولعنهم وتكفيرهم والتشهير بهم، فمنابر بيوت الله للهداية والنور والسكينة وليست محلاً للخلافات السياسية والطائفية.17- مراقبة المواقع الإلكترونية المتطرفة التي تبث الفكر التكفيري وتحرض على قتل المفكرين والصحافيين والفنانين والعلماء الذين يخالفون توجهاتها التكفيرية.18- تدريس "تاريخ الأديان المقارن" وفق المنهجيات الحديثة.19- العمل على تفعيل الضمانات الدستورية لحرية التعبير عبر منظمات المجتمع وصحفه وإعلامه.20- التوسع في إنشاء مراكز بحثية تعنى بحوار الحضارات والثقافات والأديان والمذاهب، تكون جسوراً للتواصل المعرفي والثقافي والديني.* كاتب قطري
مقالات
قبول الآخر
13-10-2014