دعت مصر دول العالم إلى المشاركة في فعاليات مؤتمر دعم الاقتصاد المصري، وكانت نتائج هذا المؤتمر السياسية أكبر من أي مكسب اقتصادي، أظن أن الدولة المصرية كانت تسعى إلى أشياء أخرى لم تكن تقل أهمية عن الوضع الاقتصادي، ومنها استعادة الدور المحوري لمصر كدولة لها مكانتها بين دول العالم، وتتمتع بموقع استراتيجي وجغرافي مهم، وهذا ما أكده الحضور القوي لدول العالم، وخصوصاً العظمى، وحرص العديد منها على تأكيد أن مصر لابد أن تنهض وإن لم تكن النوايا حسنة، إلا أن هذه الدول حرصت ألا تغيب عن المشهد المصري.
الموقف الأميركي "المايع" تجاه مصر والذي لم تحدد سياسته بشكل واضح منذ أيام نظام مبارك لا شك أنه دائماً ما يسعى إلى أهداف خاصة في مصلحة الولايات المتحدة وإسرائيل، وتجلي ذلك في الكلمة الأميركية بأن الجميع لابد أن يعمل من أجل مستقبل إسرائيل، وإن تم الاعتذار عما يعرف بزلة اللسان، إلا أنه عبر عن الأهداف الحقيقية.الرسالة الأكثر أهمية في هذا المؤتمر هي الرسالة العربية، والتي وضحت في كل موقف وقرار اتخذته دول الخليج من حيث المساعدة وقيمة المساعدات ورغبتها جميعاً أن تستمر مصر بهذه السياسة وهذه القيادة لأمن المنطقة، لمحاربة ما يعرف بداعش وغيره من التحديات، وعدم استقرار المنطقة كالوضع في اليمن والعراق وسورية وليبيا، والتحديات التي تواجه أنظمة معظم الدول العربية، ومخاطر كثيرة تؤثر على أمن بعض الدول العربية، فكانت الرسالة العربية بمنزلة تأييد للنظام المصري وضرورة دعمه للتصدي لكل التحديات التي تواجهه.هناك انتقاد وجه إلى مصر لدعوتها بعض الدول الإفريقية كالصومال والسودان للمشاركة، فماذا يمكن أن تقدم تلك الدول الفقيرة من استثمارات لمصر؟! ولكن الإجابة أن مصر نجحت بدعوتها لهذه الدول، حيث إن هناك جانباً سياسياً كان يسير جنبا إلى جنب مع الهدف الاقتصادي، حيث إن مصر تسعى إلى تعزيز علاقاتها بالدول الإفريقية، وتسعى إلى ممارسة دورها بالتواجد ومحاولة تقريب وجهات النظر بعد غياب طويل اتهم نظام مبارك بخلق حالة من اللاوجود للدور المصري في القارة الإفريقية، وهذا ما تجسد في اكبر مشكلة الآن تعانيها مصر وتهدد أمنها المائي المتمثل في سد النهضة، إنني أري أن مصر تحاول أن تلعب دوراً في القارة السمراء بشكل رسمي للحد من بعض المخاطر مثل خطر الأسلحة التي تأتي إلي ليبيا من خلال الحدود السودانية.أما الرسالة الاقتصادية فأظن أن المؤتمر أنقذ مصر من نقص الاحتياطي في البنك المركزي، واستطاع تحقيق نجاح مشروط، حيث إن هذه الاتفاقيات مجال نقاش وفي حاجة إلى بعض القرارات والتشريعات التي تشجع على استمرارها، أظن أن مصر بحاجة إلى مجلس النواب، وفي حاجة إلى الأمن والاستقرار السياسي الذي يسمح بخلق المناخ الاستثماري الآمن، أي إن فرحة فرص الاستثمارات وتوقيع بعض الاتفاقيات يجب ألا تنسينا هذه التحديات وتدعونا إلي حلها، مصر في حاجة إلى الشعب المصري للمشاركة في التمنية والقرارات، ولا يجب أن تتم القرارات بهذه السرعة والمفاجأة، مشاريع كبرى تطرح ويتم التعاقد عليها دون طرحها للنقاش، سواء العلمي أو الشعبي، أظن ذلك مقلقاً... مثل العاصمة الإدارية الجديدة وغيرها من المشاريع حتى يتم لها النجاح.وفي النهاية أتمنى أن يعود للشعب المصري الفقير نصيب من هذه الاستثمارات والمليارات، لأنه في ظل أرقام المليارات التي يسمعها الشعب نجد أسرة في حاجة إلى 50 جنيها وفي حاجة إلى ثمن أسطوانة بوتوجاز... وفي حاجة إلى العلاج وإلى فرصة عمل، وإلى رغيف خبز، وفي حاجة إلى محاربة لصوص نهبوا المال العام، وفي حاجة إلى عدم اتساع الفجوة بين طبقات المجتمع المصري ما بين الغناء الفاحش والفقر المدقع، وإلا فسيقع النظام في فخ نظام مبارك إن لم يكن متهماً بذلك.. بخدمته أصحاب رؤوس الأموال وإضراره بالفقراء... هذه أهم التحديات التي على النظام أن يجد لها حلولاً سريعة إن استطاع.
مقالات
مؤتمر دعم اقتصاد مصر ورسائله
28-03-2015