فنان لبناني من أصل فلسطيني، ولد علاء منياوي في بيروت وترعرع فيها. تابع دروساً في علوم الكمبيوتر في الجامعة اللبنانية- الأميركية، إلا أنه سرعان ما انتقل إلى التخصص في الإخراج. بعد ذلك، عمل في مجال المسرح، واكتشف في ذاته عشقاً للأداء المباشر، وتخصص في هندسة الإضاءة وكرس نفسه لها ابتداء من 2006. عام 2010 اكتشف، من خلال أبحاثه، أن مهمة الضوء تتعدى إضفاء أجواء جميلة، ويوازي حضوره، بالنسبة إليه، حضور الشخصيات على المسرح، ويتفاعل مع العناصر الأخرى المحيطة به. ومنذ سنتين نمت لديه رغبة في ابتكار تجهيز يكون الضوء فيه العنصر الأساس، وهذه التجربة مستمرة لغاية اليوم. هكذا أصبح النشاط الفني أحد أسس حياته اليومية، ويستحيل أن يمضي النهار من دون أن يترك أفكاره ومخيلته تسبحان في فضاء الابتكار.
حضور تجريديفي بحثه الفني، يصف علاء منياوي الضوء كعنصر يقع بين التجريد والحضور الشكلي. لا يمكن رؤيته ,لكن بالإمكان الإحساس بدفئه مثلاً. يقول: {حاولوا تخيل الحياة في الضوء، لا نرى أحداً ولا شيئاً، وسوف يتغيّر تصورنا لبيئتنا جذرياً. في {أسطورة الكهف} يصف أفلاطون تماماً هذه الظاهرة، وتتمحور حول أشخاص ثبتوا بسلاسل داخل الكهف، وهم يديرون ظهورهم للمدخل ولا يرون سوى الظلال تلعب حولهم. عندما يكسرون السلاسل ويتركون الكهف، يعميهم نور الشمس ويكتشفون الحقيقة للمرة الأولى}.بالنسبة إلى الفنان، ما نتصوره في حياتنا هو في الواقع انعكاس الضوء على الأشياء، وليست الأشياء بحد ذاتها. وإذا كنا نفهم تأثير الضوء علينا وعلى العناصر التي تحيط بنا، يمكننا إدراك المعنى الحقيقي للأشياء والآخرين بدلا من مجرد التفكير فيها.في التجهيز، يقدم علاء ستة أشخاص في حركة دائمة، تتجلى في أشكال نقية وخطوط نظيفة، لا تظهر سوى الأساسي، وقوة الرسالة، وتحفيز المتفرج على نقل تفسيره الخاص للمشروع. يمثل التجهيز أسرة مكونة من ستة أفراد: الأب، الأم، العمة، الجد وطفلان. لكل شخصية تاريخها والأسباب التي دفعتها لترى نفسها، في نهاية المطاف، في هذه الحالة من المنفى، مع الآلام التي انطبعت فيها، لاقتناع أفرادها بأنه لم يعد ثمة أمل. خمسة من هذه الشخصيات تمشي محنية الرأس، باستثناء الابن الأصغر الذي يبقي رأسه عاليا، وكأن شيئا ما استرعى انتباهه. ولو استدار الآخرون وشاهدوه لأدركوا أن الأمل ما زال موجوداً.توهج التاريخاستقى علاء منياوي جذور مشروعه من معايشته عائلات اللاجئين السوريين والعراقيين والسودانيين. وقد قادته هذه التجربة إلى فهم المأساة التي دفعت الأسر إلى المنفى وتقييم تطلعاتها المستقبلية. التقى علاء أكثر من ألف لاجئ، ولاحظ توهجاً في أعينهم ووجوههم. وتوصل إلى خلاصة مفادها أن هؤلاء مروا بتجارب إلى درجة أن التاريخ يحتاج إلى اختراق مسام جلدهم ليظهر إلى العالم.يعترف الفنان بأن المشروع يتوجه في المقام الأول إلى اللاجئين أنفسهم، لا سيما الذين استقبلتهم العاصمة الهولندية واستقروا فيها. بالنسبة إلى علاء، من المهم أن يعرف اللاجئون أن المجتمع يدرك همومهم، ويأمل خلال فترة المعرض أن يوقظ ضمير المارة.عندما يجبر الناس على ترك مدنهم، لا يتركون منازلهم وممتلكاتهم ومدارسهم والألعاب المفضلة لديهم، والأصدقاء والجيران فحسب، بل ذكرياتهم. يصبحون خطوطاً مضاءة، يمشون وهم يرددون عبارة: نوري هو نورك...}.
توابل - ثقافات
«تجهيز» علاء منياوي في «مهرجان أمستردام للضوء}
21-12-2014