يتمّيز {المتخيّل الاجتماعي الغربي الحديث} بأشكال ثقافية أساسية ثلاثة، هي الاقتصاد والمجال العام والحكم الذاتي، يتناولها تشارلز تايلر بإسهاب في كتابه Modern Social Imaginaries  حيث يقدّم إطاراً شاملاً وواضحاً لفهم بنية الحياة الغربية الحديثة وأشكال الحداثة المختلفة التي اتّخذتها.

Ad

يضم الكتاب عرضاً مكثفاً وغنيّاً لمجمل مساهمات تايلر اللافتة في مجالات تشكّل الهوية ومنابع الذات، والحداثة وتعددها، والدين والعلمانية. يتناول ذلك كلّه من خلال فكرة {المتخيّل الاجتماعي} التي تشير إلى الطرائق التي يتخيّل بها شعب معيّن وجوده الاجتماعي الجمعيّ.

ويعيد تايلر في كتاب {المتخيلات الاجتماعية الحديثة} رواية تاريخ الحداثة الغربية مقتفياً تطور المتخيّل الاجتماعي الغربي الحديث، والنظام الأخلاقي الذي يقف وراءه ويبعث فيه الحياة، ذلك النظام القائم على المنفعة المتبادلة بين مساهمين يقفون على قدم المساواة.

فهم الفوارق

الكتاب الذي يقع في 254 صفحة من القطع الكبير، يستطلع فرضية مفادها أنّ في وسعنا إلقاء بعض الضوء على المسائل المتعلقة بالحداثة الأصلية والمعاصرة معاً، إن استطعنا التوصّل إلى تعريف أكثر وضوحاً لفهم الذات الذي هو مكوِّنٌ أساس منها. والحداثة الغربية، من وجهة النظر هذه غير قابلة للانفصال عن نوع بعينه من المُتَخَيَّل الاجتماعي؛ كذلك من الواجب فهم الفوارق القائمة بين حداثات زماننا المتعددة من حيث المُتَخَيَّلات الاجتماعية المتباعدة ذات الصلة بالأمر.

ومستنداً إلى كتاب الجماعات المتخيّلة لبندكت أندرسن، والذي سبق أن نشره المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات عام 2014، يحاول المؤلف رسم مخطط مجمل لأشكال المتخيّل الاجتماعي التي وسمت نهوض الحداثة الغربية، أي إنّه يترك صنوفاً من الحداثات البديلة في زماننا هذا من غير أن يمسّها، على أمل أن يكون التوصّل إلى تعريف أكثر قرباً للخصوصية الغربية مفيداً من أجل النظر على نحو أكثر وضوحاً إلى ما هو مشترك بين السبل المختلفة للتحديث المعاصر.

وتشارلز تايلر أحد أبرز الفلاسفة المعاصرين في مجال النظرية السياسية والأخلاقية، ومن أكثرهم شهرةً وأبعدهم أثراً. ولد عام 1931، في مونتريال (كندا)، درّس في كثير من جامعات العالم، وله الكثير من الكتب من بينها؛ {هيغل والمجتمع الحديث}، و{منابع الذات: تكون الهوية الحديثة}، و{عصرٌ علماني}. ومن بين أشهر مقالاته {سياسات الاعتراف».