... وسقطت رابع عاصمة عربية!

نشر في 25-09-2014
آخر تحديث 25-09-2014 | 00:01
 عبدالمحسن جمعة ماذا يحدث في المنطقة؟... سؤال من أربع كلمات، ولكن إجاباته تحتاج إلى كتب لنشر تفاصيل ما يجري، المستجد المهم هو سقوط صنعاء في أيدي الحوثيين، وهو ما يراه بعض المراقبين حقيقةً سقوط رابع عاصمة عربية بعد بغداد وبيروت ودمشق في حضن إيران، في وقت تعد جامعة الدول العربية بيانات تجييش العالم لمحاربة "داعش"، ووزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي يبحثون سبل تسديد حصتهم من التكاليف المالية للتحالف الدولي لمحاربة تنظيم الدولة الإسلامية الذي تملأ الدنيا أخباره، بينما قيام قوة متمردة بغزو عاصمة اليمن وقصف مرافقها الحيوية أمر عادي، عند واشنطن، في اليمن، ولكنه مرفوض في أوكرانيا!

التحالفات المعلنة والمخبأة في المنطقة أصبحت مكشوفة، والتحليلات عن أن الحوثيين حركة تمرد قبلية ضد التهميش الحكومي لهم، ولا علاقة لها بإيران، هي لغو بلا معنى، فالأدلة مثبتة على تهريب السلاح والأموال إليهم من طهران ومعسكرات التدريب بإشراف الحرس الثوري، وهو ما يثبت التحالف الأميركي- الإيراني الواضح، والذي لا يخفيه تمويه تصريحات القادة الإيرانيين الدعائية ضد أميركا، والعرب مغيبون، وأنظمتنا مرعوبة من الحركات السُّنية السلفية التي أنشأتها، ومازالت متحالفة معها في مؤسساتنا التعليمية والإعلام ووزارات الأوقاف، بينما تحاربها في الميدان! في ما يشبه حالة الشيزوفرينيا.

الوضع في المنطقة يشبه الأوضاع والأحداث التي سبقت سلب فلسطين، فمصر مشغولة بنفسها وخرجت من المعادلة، والأنظمة الخليجية بين سندان السلفيين الجهادين الذين يهددون حكمها، ومطرقة أميركا التي قررت إعادة تشكيل المنطقة وعقاب السُّنة على ما فعلوه في 11 سبتمبر 2001.

 ووسط كل ذلك تتعامل أنظمتنا بـ"براءة الأطفال" مع الذكاء والمهارة الإيرانية التي تفوق قدراتها، والتي يوظفها الإيرانيون في كل مكان وفقاً لقراءة ذكية لطبيعته، فطهران تفهم تفاصيل لبنان الذي أصبح قاعدتها على البحر المتوسط عبر القوة الضاربة لـ"القمصان السود" التي تخضع بيروت وما جاورها، ويفهم الإيرانيون تماماً تركيبة العراق، التي بموجبها أعادوه إلى "ولاية الحيرة" التابعة للإمبراطورية الفارسية، بينما اقتنصوا تعطُّش فئة من "عَلَويِّي" سورية للحكم، فعينوهم وكلاءَ لهم في الشام على نهج الحجاج بن يوسف الثقفي، فضلاً عن فهمهم الدقيق لفسيفساء القبائل والطوائف اليمنية التي أخرجت منها "الحوثيين"، وهي توشك أن تسيطر من خلالهم على اليمن السعيد رغم القراءات السطحية لبعض الخليجيين والعرب بأن الحوثيين سيكونون رأس حربة لمقاتلة "القاعدة" في اليمن، وبعد انتهاء مهمتهم ستعود الأمور إلى ما كانت عليه!

 ***

المحزن أنه رغم كل ما يحدث فإن هناك مَن هو سعيد بأن "الإخوان المسلمين" فازوا في انتخابات جامعة الكويت للسنة (...) على التوالي، فالعدد لم يعد مهماً، بل النتائج الكارثية التي وصلنا إليها اليوم من تحالف العالم لضرب المسلمين خصوصاً العرب السُّنة الذين أصبحت واجهتهم "داعش" مهما حاولنا أن نعزل أنفسنا أو نرفض ذلك، هذا هو حالنا اليوم وخيبتنا الكبرى الناتجة عن تصدر الإسلام السياسي السني لواجهات المجتمعات العربية، فمتى سيفهم العرب السُّنة أن الدين والسياسة هما غاية مطالب أعدائنا والقوميين المتطرفين المتربصين بنا، فالعدو الإسرائيلي يعتبر خطابنا الديني- السياسي أهم أداة لتشويهنا وجمع الأصدقاء له حول العالم، وصاحب المشروع القومي الفارسي يعتبره أثمن سلعة في يده لعقد التحالفات مع الغرب والشرق، والتي ستمكنه من السيطرة على المنطقة أو اقتسامها مع الكبار الآخرين! ومتى سيدرك أنه لن تقوم لنا قائمة ولن نهزم كل المتربصين بنا إلا بالدولة المدنية الحديثة الديمقراطية العادلة.

 ***

العلامة الإسلامي الشيعي المثقف والمنفتح السيد هاني فحص، الذي انتقل إلى رحمة الله منذ أسبوع، علّق على سبب تركه إيران والعودة إلى لبنان، قائلاً: "لم أحتمل النفَس القومي الطاغي هناك".

 ***

يا ترى ما هي آخر أخبار المسلسل "المكسيكي- التركي" المكون من آلاف الحلقات المسمى بمفاوضات "الملف النووي الإيراني" وأبطاله الأوروبيين والأميركان الذين يستعرضون فيه مهاراتهم التمثيلية على العالم منذ سنوات... فمتى سينتهي المسلسل بنهاية سعيدة بزواج الحبيب من حبيبته؟!

back to top