الجائزة مرة أخرى
يرى كل من يتقدم الى جائزة أدبية أفضلية عمله وأحقيته بالفوز بالجائزة مقارنة بزملائه المشاركين في الجائزة، وهو حق طبيعي لا ننكره عليه. وقد يرى كثير من المتابعين والمهتمين بالشأن الثقافي ذلك ويختلف آخرون بذات الدرجة من أحقيته في الفوز، ومن هؤلاء اللجنة المحكمة التي اختيرت لفرز الأعمال، وترشيح عمل واحد من بين هذه الأعمال، وحكمها هو ذائقة أدبية قد تجد معارضة هنا وهناك، وذلك أيضا أمر طبيعي وعلينا أن نتقبله.المحصلة النهائية لنتائج الفوز قد تظلم أدباء لهم دور كبير في اثراء الساحة الأدبية، وتأتي باسم قد لا يكتب في حياته سوى عمله الوحيد الفائز، وذلك يحدث في جائزة مثل البوكر العربية حيث تنظر الى العمل لا الى الروائي وسيرته الأدبية، وهو ما أتفق معه وأعتقد أنه يمنح العدالة للأعمال حين تتغاضى اللجنة عن الاسم ولا تتأثر به وتنصف عملا ليس لصاحبه مشوار أدبي طويل.
يحدث ذلك أيضا في جوائز أدبية عالمية كبرى مرورا بالبوكر وانتهاء بنوبل الأشهر، فنوبل لا تمنح دائما للأفضل مع أن كثيرا من عمالقة الأدب العالمي نالوا الجائزة، لكنها منحت أيضا لأسماء لا وجود لها على خارطة النقد والدراسة ورفض كثيرون عنصريتها وتحكم اللوبي الصهيوني ولا أقول اليهودي بها.ليس للكاتب الحق في أن يحتج على نتيجة مسابقة اشترك بها لعدم فوزه بعد أن قبل الاشتراك بها وهو يعرف آليتها وطرق تحكيمها، فهذه ليست الجائزة الأولى التي تمنحها الجهة القائمة على البوكر ولجان تحكيمها المثيرة للريبة والشفقة أحيانا.فوجود لجنة تحكيمية لا تضم سوى شخص وحيد من النقاد الأكاديميين ومنح رئاستها لرجل لا تربطه والرواية علاقة من قريب أو بعيد هو أمر اعتادت عليه الجهة المنظمة لأكثر من دورة سابقة، وقبل المشترك بذلك واشترك بعمله وهو على دراية مسبقة به، أما صراخه بعد استبعاد عمله فهو عمل مفتعل ما كنا سنسمعه لو أن اللجنة التي يحتج عليها الآن لم تستبعد عمله. الزميل الروائي الجزائري سمير قسيمي والزميل الشاب عبدالوهاب حمادي يشتعلان غضبا من نتائج الجائزة ومخرجاتها التي تم فيها استبعاد أعمالهما منها، وان كان الحمادي أخف وطأة في هجومه عليها، فالأول يبدو منفعلاً أكثر ويطالب بمقاطعتها لأنها تمويل "خليجي" كما يقول، وكأنه لم يكن يعرف ذلك حين رشح عمله للقائمة الطويلة ذات يوم.ويهاجم قسيمي الشاعرة بروين حبيب عضو لجنة المسابقة سابقا، ويقدم نصائح جادة لاصلاح الجائزة ونتفق معه في الثانية ونختلف في الهجوم على الشاعرة بروين حبيب ليس لأنها خليجية، ولكن لأنها غير مسؤولة عن ترشيحها لعضوية لجنة تحكيم رواية لا تمارس كتابتها ولا نقدها، ولا نعرف علاقتها بها.المشكلة ليست في وجود بروين حبيب الشاعرة أو علي فرزات الرسام الشهير أو رئاسة جلال أمين، ولكن المشكلة في سبب وجود هؤلاء المحكمين والعالم العربي لديه عمالقة في النقد وعمالقة في الرواية.وتلك مهمة اللجنة المنظمة للجائزة اذا أرادت أن تصلح الجائزة وتعيد لها احترامها حتى لا تفقد مصداقيتها ونحن أكثر حرصا من الزميل الروائي على الجائزة ونتمنى فعلا اصلاحها واعادة النظر في هيكلها.أما مسألة التمويل "الخليجي" فهذه مشكلة أزلية للعالم العربي. ان قدم الخليج أموالا للجائزة غضبوا وان امتنع عن ذلك غضبوا أكثر. وأستطيع أن أكون عنصريا وأطالب بلجنة خليجية ونحن نمتلك المقدرة على ذلك ولكنني لن أفعل، وأطالب بلجنة عربية متزنة ومقبولة.