أولاً يجب أن نعترف أن كل فرد فينا له شخصيته وانتماءاته وأفكاره وولاؤه سواء للنفس أو العائلة أو القبيلة أو الطائفة، ومن قال أنا بعيد كل البعد عن هذا فهو كاذب أثيم، حتى المثقف والعلماني حين ينفرد بنفسه ويلتفت يميناً ويساراً ليتأكد أن أحداً لا يسمعه يخرج ما في قلبه تجاه كل من يعارضه في الرأي والقبيلة والمذهب والعائلة، ولو اعترفنا كلنا بكل عيوبنا وكل حقوقنا في الاختيار فإننا نبدأ بداية صحيحة في التقدم خطوة إلى الأمام.  

Ad

الخطوة التالية أن نقر مع كل هذا الاختلاف في الأصول والاعتقادات والمذاهب بأننا كويتيون ننتمى إلى وطن واحد اسمه الكويت، وأمة عربية وإسلامية وعالم أصبح في صغر القرية بين أيدينا أينما ذهبنا، لنقر أن الولاء الأول هو للوطن الكويت، وأن عقائدنا وأصولنا ومذاهبنا واختلافاتنا بالرأي يجب ألا تدخل في حبنا وولائنا لوطننا، تريد أن تكون سنياً أو شيعياً أو قبلياً أو أي شكل أردت فليكن، ولكن في حدود الإيمان بالدولة والإخلاص للوطن والعمل معا من أجل نهضته.

نحن نضيع وقتا في محاولة تغيير الآخرين، وكل طرف يرى أنه الأحق والأصلح، وربما لهذا السبب نتمسك ونتعصب، وهذا ما أخرنا ويؤخرنا وسيقضي علينا إن لم نتوقف وننفذ دستورنا، ونحترم الحريات كلها وبدون حدود، ولا نتدخل بين الإنسان وربه أو بين الإنسان وما يعتقده صالحا لنفسه ما دمنا نعمل من أجل هذا الوطن.

أكرر هذا القول اليوم بقوة لأن ما يحدث حولنا ليس وليد مصادفة ولا ردة فعل لقهر، ولا هو بإرادة شعب، إنما يتم بتخطيط واع ومعرفة بما في نفوسنا، ويتم تأجيج خلافاتنا لإغراق أوطاننا وتمزيقها، فما يخطط له ليس في مصلحة أحد وإن بدا كذلك، فالخبث فيما يطرح أنه يدغدغ مشاعر المظلومين أو من يعتقد أنه مظلوم، وكأن القادم هدية من الله ليعيش أفضل وينعم بخيرات حُرم منها، القادم للأسف أسوأ  للجميع، ولن يهنأ بال لأحد في المنطقة، إنهم يعملون على إشعال حروب بين كل المختلفين، لن تهدأ ولن تقف عند حد، وسنضيع كلنا ونندم بعد فوات الأوان على نعيم الاختلاف الذي بيننا.

من خطّط يقدم الجزرة في يد والسمّ باليد الأخرى، فيغري المظلومين بالخلاص وحين يستجيبون له يدفنهم بنيران حروب لا تنتهي إلا بدمار الجميع؛ لذلك على حكومات المنطقة أن تعي هذا المخطط وتستعد له بالتعاون ونبذ الخلاف، والانتباه إلى أن من يثير الخلاف ويشجع طرفاً على طرف لم ولن يكون هدفه إلا مصلحته هو، وإن التعاون بين دول مجلس التعاون وإيران ومصر والعراق وغيرها من الدول العربية والإسلامية لا بد أن يتم، فقد استخدم المخططون كل أنواع الفزاعات واستنزفوا خيرات المنطقة كلها، فدمروا العراق ونزفوا خيرات إيران وسحبوا أرصدة دول الخليج العربي، ويريدون الآن إفلاسها وتدميرها، وما لم نع المخطط ونعلن وحدة الصف في مواجهته فإنهم سينجحون.

لا بد من إعادة النظر في كل ما يؤجج الخلاف بين الناس، لا بد من احترام حقوق الناس وحرياتهم دون تدخل من أي جهة ما دام الاختلاف لا يمس الأوطان والولاء لها، ولا بدّ أن تقوم علاقات الجوار على الاحترام المتبادل وعدم التدخل في شؤون الغير، ولنوحّد القوة للدفاع عن المنطقة برمتها، ولا بد أن تلعب الدبلوماسية والاقتصاد دورهما في دحر المخربين وتنمية بلداننا جميعاً.

في كل بلد من البلاد العربية والإسلامية هناك تجار حروب يغتنون برائحة الدم والدمار، فلا بد من عزل هؤلاء وتدمير كل وسائلهم الإعلامية والمالية، فهؤلاء لا يهمهم أن تدمر المنطقة برمتها ولا بد أن نتخلص منهم، وإن توحيد موقف الدول العربية والإسلامية مما يخطط له لا بد أن يسمع في الدول المخربة، ولا بد أن نقول كفى نزفاً وتدميراً لاقتصادنا، وكفى عبثاً في إشعال الفتن، وكفى تلاعبا في مقدراتنا، ولا بد أن يعرفوا أن العلاقة معهم أساسها الاحترام المتبادل والتعاون في مجالات التنمية وليس الحروب والدمار.

هل لدى حكوماتنا الشجاعة لنبذ عقد الماضي والدخول في معاهدات جديدة تخدم أمتنا العربية والإسلامية بعيداً عن أوامر وتدخلات مخططي الشرق الأوسط الجديد؟