تتمثل المزايا والتسهيلات التي تقدمها الدول للمواطنين في السماح لهم بتملك العقارات وبخيارات متعددة مع اعفائهم من بعض المتطلبات عبر الحصول على الموافقة الأمنية فقط، دون الحاجة إلى موافقات الجهات الأخرى، وتخليص معاملة التملك عبر نافذة واحدة وإعفائهم من تأشيرات الدخول، كما أعفتهم بعض الدول من الضرائب، تشجيعاً لهم على التداول في هذا القطاع الحيوي.

Ad

بالرغم مما يعانيه القطاع العقاري المحلي من مشكلات ومعوقات تبدو في الأفق موجة ركود حادة قادمة للقطاع العقاري مع هجرة المزيد من أموال صغار المستثمرين إلى الخارج، بسبب وجود تسهيلات واعفاءات من بعض الدول الأوربية والعربية للمواطنين الكويتيين للتملك والاستثمار في العقارات.

وبلا شك، ستترك تلك القرارات المشجعة على الاستثمار تأثيرات سلبية على الاقتصاد المحلي، طالما لم تتحرك الحكومة باتخاذها تدابير إصلاحية للاقتصاد والعمل على جذب المستثمر المحلي وتوطين رؤوس الأموال.

وبرزت معضلة هجرة رؤوس الأموال خلال السنتين الماضيتين بينما برزت ظاهر الركود العقاري في الآونة الأخيرة، حيث اتسعت دائرة الركود على الرغم من ارتفاع إجمالي قيمة البيوع، لتطغى على عدد العقارات المنقولة ملكيتها بين البائع والمشتري وعلى مستوى جميع قطاعات العقار وأبرزها القطاع السكني، بالمقارنة مع السنوات القليلة الماضية.

وأسباب الجمود العقاري عديدة ومتنوعة، منها ارتفاع أسعار العقارات ووصولها إلى أرقام فلكية، مما حدّ من قدرة الأشخاص على الشراء، بالإضافة إلى ارتفاع أسعار مواد البناء والأيدي العاملة، كما أن القوانين والضوابط التي وضعتها الجهات الرقابية على القطاع العقاري، وخصوصاً على السكن الخاص بدأت تلقي بظلالها السلبية على السوق، وهي الأسباب ذاتها التي أدت الى هجرة الأموال إلى الخارج مع عدم وجود فرص ومنتجات عقارية متنوعة تلبي متطلبات شرائح المجتمع كافة.

ويتوقع الخبراء العقاريون، موجة ركود وهجرة لرؤوس الأموال خلال الفترة القادمة، في حال استمرار الأسباب التي أدت إلى ذلك دون تغيير، مع وجود الكثير من المغريات الخارجية التي تعمل على جذب المستثمر المحلي، مشيرين إلى أن المشكلة لا تنحصر فقط على المستثمر الصغيرة، بل تصل إلى حتى الشركات العاملة في السوق المحلي،  إذ إنها تفضل العمل في تطوير وتسويق المشاريع العقارية الخارجية، على العمل محلياً ، نظراً لخلو الدول من القوانين المعقدة، مقارنة مع الوضع المحلي الذي يفرض على الشركات قوانين لا تساعدها سواء في مجال البناء أو الاستثمار.

قوانين جاذبة

وأعلن عدد كبير من الدول توفير تسهيلات تامة للمستثمرين والراغبين في شراء العقارات من الكويتيين، مع وضع قوانين جاذبة لهم، حيث وضعت الدول الأوربية والعربية قاعدة صلبة للاستثمار ما أدى إلى شهرتها استثمارياً، وخاصة في العقار.

وتتمثل المزايا والتسهيلات التي تقدمها الدول للمواطنين الكويتيين في السماح لهم بتملّك العقارات وبخيارات متعددة مع اعفائهم من بعض المتطلبات مثل الحصول على الموافقة الأمنية فقط، دون الحاجة لموافقات الجهات الأخرى المعتمدة من قبل الدولة، وتخليص معاملة التملك عبر نافذة واحدة واعفائهم من تأشيرات الدخول، كما قامت البعض باعفائهم من الضرائب، وذلك تشجيعاً منها للتداول في هذا القطاع الحيوي.

وشهد سوق العقارات في الدول التي قامت بتقديم تسهيلات نمواً كبيراً خلال العامين الماضيين وعلى سبيل المثال تركيا حيث شهدت إقبالاً كبيراً من قبل الأجانب على شراء الشقق السكنية، إثر قرار جمهوري قضى بالسماح لمواطني 130 دولة بالتملك بتسهيلات غير مسبوقة، وكانت التسهيلات التي قدمتها الحكومة التركية للراغبين في شراء العقارات مشجعة وجاذبة للمستثمرين.

الكويتيون في الصدارة

وتصدر المواطنون الكويتيين قائمة الأكثر تملكاً للعقارات خلال العام الماضي، في كل من سلطنة عمان والمملكة الأردنية الهاشمية وتركيا، وفتحت الأسعار والقوانين شهية المستثمرين الكويتيين من الأفراد والشركات، خصوصاً مع انعدام الفرص الاستثمارية في الكويت.

وتأتي في مقدمة الدول الأكثر إقبالاً من قبل المواطنين كل من المملكة المتحدة والبوسنة والهرسك وتركيا ولبنان والمملكة العربية السعودية وعمان والأردن والإمارات إضافة الى الولايات المتحدة الأميركية.

ويعتبر الاستثمار في العقار الدولي مجزياً وذا عوائد جيدة  تتراوح ما بين ٨ و١٠ في المئة وترتفع هذا النسبة في بعض البلدان وخلال فترات معينة من السنة، ولا شك أنه عائد جيد في ظل تدني فوائد البنوك وتذبذب سوق الكويت للأوراق المالية وارتفاع أسعار العقارات وعدم توافر فرص استثمارية لصغار المستثمرين، كما أن أسعار الأراضي تشكل نسبة تتراوح مابين ٢٠ و٢٥ في المئة من سعر العقار بينما تشكل في الكويت نسبة تفوق ال ٧٥ في المئة.

التسويق للعقارات

من جانبه آخر، أوضح عدد من العقاريين أن تدفقات الأموال المحلية للاستثمار في العقارات الدولية ارتفعت بنسبة تجاوزت ٢٠ في المئة خلال العام الماضي، متوقعين ارتفاعها خلال العام الحالي، لأن الاستثمار في العقارات الدولية أخذ صداه الواسع في السوق المحلية خاصة مع وجود عدد كبير من المعارض العقارية تجاوز عددها 15 معرضاً في السنة الواحدة، وذلك للإعلان عن المشاريع العقارية الدولية.

وطالب العقاريون الجهات الرقابية بضبط المعارض، إذ أن إقامة عدد كبير من المعارض في السنة الواحدة لا تخدم الصالح العام سواء للمشتري والمستثمر في هذا القطاع أو للشركات العقارية، فهي تقوم على تشتيت العميل وترهق الشركات وتجعلها لا تقدم الأجود.

ويحتضن السوق المحلي عدداً كبيراً من الشركات العاملة في مجال تسويق العقارات الخارجية، فالبعض لديه حق التسويق الحصري في السوق المحلي لشركات عقارية عالمية، تعمل على توفير طلب المستثمر الصغير بضمانات عالية وبعوائد مجزية وبأسعار مناسبة.

صغار المستثمرين

وأبدى العقاريون خشيتهم من استمرار هجرة الأموال إلى الخارج مع استمرار الركود في السوق المحلي العقاري، في ظل عدم تحرك الحكومة لإيجاد حلول لمشكلات القطاع، والعمل على جذب صغار المستثمرين الذين يشكلون نسبة تفوق الـ٨٠ في المئة.

وأكدوا أن الاستثمار في العقار المحلي أفضل وآمن أكثر من الخارج ولكن في ظل الأسعار الحالية وبلوغها أرقاماً جنونية من الصعوبة على المستثمر الصغير والمتوسط الشراء، حيث أن الإقبال في العقار المحلي ينحصر في شقق التمليك التي تشهد طلباً متزايد من قبل عدد ليس بالقليل من المواطنين.

وتكمن الحلول بحسب رأي بعض العقاريين في أن تقوم الحكومة بتحرير الأراضي المحتكرة لديها إذ تسيطر على أكثر من ٩٠ في المئة من أراضي الدولة، وهذا السبب الرئيسي في ارتفاع الأسعار فأصبحت المساحات المتاحة للاستثمار قليلة على الرغم من ارتفاع الطلب على الأراضي والعقارات، ويجب على الحكومة أيضاً إفساح المجال أمام القطاع الخاص للعمل في بناء المساكن الخاصة وتطويرها.

وذكر العقاريون أنه على الحكومة والمجلس تعديل القوانين التي تعرقل حركة الشركات العقارية، حيث أن القانون الذي منع تمويل العقار السكني من قبل البنوك التقليدية ومنع المتاجرة في العقار السكني كان الهدف من ذلك تخفيض أسعار العقار السكني لكن الواقع أثبت أن الأثر عكسي ولم تنخفض الأسعار ولم تحل مشكلة السكن، وعليهما أيضاً تأسيس قواعد الاستثمار الأجنبي في القطاع العقاري، لتكون منظومة تشريعية حقيقية تحمي المستثمرين.

وشددوا على حاجة القطاع العقاري إلى قوانين جديدة تقوم على مبادئ وآليات تنفيذ واضحة وكذلك تأسيس مؤسسات مالية خاصة لتمويل المشروعات، وإنهاء البيروقراطية والروتين الحكومي الممل، كما أن السوق المحلي بحاجة إلى منتجات عقارية متنوعة تلبي احتياجات جميع شرائح المستثمرين.