{هي}... لوحات مائية تحتفي بالمرأة المصرية

نشر في 10-12-2014 | 00:02
آخر تحديث 10-12-2014 | 00:02
32 عملاً تصويرياً في فضاء التجريب والمغامرة

برعاية وزير الثقافة المصري جابر عصفور، افتتح رئيس قطاع الفنون التشكيلية أحمد عبدالغني، معرض {هي} للفنان محمد الطراوي، في قاعة {الباب} في متحف الفن الحديث في القاهرة، ضم مجموعة لوحات تحتفي بالمرأة المصرية في الريف والمدينة، بحضور نقاد وجمهور من محبي الفنون الجميلة.
ضم معرض {هي} للفنان محمد الطراوي 32 عملاً تصويرياً بخامات الأكلريليك والألوان المائية، جسَّدت الأسلوب الفني المتميز للفنان الطراوي ما بين الاختزالي والتعبيري في آنٍ، ورصد ملامح نساء من البيئة المصرية الريفية والسيناوية والبدوية.

جسد «هي» إضافة إبداعية لأعمال الطراوي السابقة، وإعادة تأويل مشاهده في البيئة المصرية، وميله إلى التكثيف اللوني، والتفاعل بين الفكرة وبين جماليات التشكيل، والحضور الإنساني والفراغات المحيطة، واستحضار ذاكرة المكان على خلفية زمنية توثق الصلة بين الماضي وبين الحاضر.   

لفت د. أحمد عبد الغني إلى أن الطراوي أحد أهم فناني المائيات، ولوحاته تجسد مغامرة فنية من ناحية الوسيط اللوني «الأكريليك»، وتحتفي بملامح نساء من البيئة المصرية، بلمسات من الألوان الساخنة والباردة، وتناغمها على أسطح كثيفة الطاقة، واختزال التفاصيل والزخرف التجميلي.

وأشار عبد الغني إلى أن معرض «هي» إضافة فنية تتسق مع روح التجريب والمغامرة في معارض الطراوي السابقة، وتتجلى في تشكيل تلك العلاقات الحميمة في بؤرة لوحاته، وتجلي الضوء في مواجهة الظلمة، وإضفاء زخم جمالي وتعبيري إلى المساحات اللونية، إضافة إلى تشابك المفردات ومحاور الحركة الأفقية والرأسية ودرامية الألوان المركبة، وتنويعات التقنية العفوية والقصدية.   

تحولات جمالية   

من جهته قال الناقد عز الدين نجيب إن «هي» يعكس تحولات جمالية وتقنية وموضوعية فارقة للفنان محمد الطراوي، وارتياد آفاق أرحب في عالم اللوحة من ملامح الواقع والبيئة إلى مشارف التجريد والمجهول، ومن مناظر الطبيعة على شواطئ النيل وتخوم الصحراء إلى تكوينات للمرأة وأخواتها مسربلات في العباءات السود والبيض.

وأوضح نجيب أن الطراوي انتقل من الألوان الأكريليك بشاعريتها وشفافيتها إلى الألوان بكثافتها ودراميتها، محملةً بأبعاد رمزية وميتافيزيقية، ومواجهة تحديات اللحظة المضطربة التي يمر بها الوطن، وإشكالات الحداثة، واقتفاء أجيال من الفنانين أثار الحركات الفنية في الغرب.  

بدت المرأة في لوحات «هي» كبنيان راسخ، وتناغمت الألوان بين رمزية الخصوبة والنماء، وفضاء موصول بمفردات البيئة الريفية والسيناوية، وضوء مشع بومضات خاطفة، وشظايا متفرقة في الخلفية، وتحول المشهد من الواقعي إلى الأسطوري.   

 جسدت اللوحات شغف الطراوي بإيقاعات مصرية، وفيض عاطفي في إطلالة ملامح المرأة «الطيف» في انفلاتها من الجاذبية الأرضية بلون أبيض وسط ظلام تتخلله بقع ضوئية، ووجوه بشرية تائهة الملامح، وإيماءات بيئية نلمحها في الأزياء السيناوية والريفية.

رموز وأطياف

أشاد الحضور بلوحات «هي» وتفاعلها مع خصوصية البيئة المصرية، وتجسيد ملامح المرأة الريفية، وإضفاء أجواء بهيجة في جدلية الضوء والظلمة، وتناغم العناصر بين المضمون وبين جماليات التعبير، ومقاربة الواقع، وإعادة تشكيله على نحو غائم بين الحقيقة والخيال.

لفت الناقد حسن عثمان إلى أن الطراوي لا ينقل واقعا بعينه، بل يتيح قدرا كبيرا للعنصر الإنساني، كمحور أساسي للإبداع الفني، وغاية للتعبير عن أفكار وشحنات انفعالية، وتفاعل مع معطيات اللحظة الحاضرة.

تشكلت اللوحات من خلال ألوان قليلة، يغلب عليها اللون الأزرق بدرجاته وتنوعاته، مما أكسبها أبعاداً رمزية، وقدرة تعبيرية عن واقع إنساني، واستلهام خصوصية البيئة المصرية في صورتها البسيطة، ودلالة التماسك بين الأفراد، وترابط التكوين الكلي بين ثيمة «امرأتان وثلاث نساء» وخلفية موحية بتفاصيل المكان.    

من جهته، ذكر الفنان محمد الطراوي أن لوحات «هي» عالم متنوع بين الواقع وبين الخيال، وأن مقاييس الجمال التي يراها الرجل في المرأة لم تعد الفتاة المبهرة الجمال، ولكنها أصبحت ذلك الحلم الرقيق والطيف والرمز.

أوضح الطراوي أن «هي» يجسد ملامح حياة زاخرة للنساء الساعيات إلى القوت والحرية والحب، ويغرسن أقدامهن في طين الأرض، ويرفعن هامتهن ليطلقن العنان لخيالهن، ويأخذهن إلى حيث يشاء، فحينما نسجت خيوط روح الرجل كانت في رحم امرأة، وحينما تصالح مع العشق والحب كان في قلب امرأة.

يذكر أن الفنان محمد الطراوي أحد التشكيليين البارزين في مصر، وله كثير من المعارض الخاصة والمشاركات في معارض جماعية، من بينها معرض الصالون الأول للبورتريه «الوجه الإنساني» في قاعة أفق في القاهرة 1992، ومعرض المركز الثقافي في باريس 2009.

نال الطراوي كثيراً من المنح والجوائز، من بينها درجة الدكتوراه الفخرية من الأكاديمية الفنية في طشقند، وميدالية البخاري الذهبية في أوزبكستان 2006، وجائزة الحفر الأولى في دبي الثقافي 2013، واقتني الكثير من أعماله داخل مصر وخارجها.

back to top