هل تنقذ الهواتف الذكية الأغنية من براثن القراصنة؟
إلى أي مدى يسهم الاعتماد على تطبيقات على الهواتف المحمولة وأجهزة الكمبيوتر التي تحمّل الأغاني، في حماية الأخيرة من القرصنة الإلكترونية؟ سؤال يطرح نفسه بعدما تعاقد وكلاء هذه التطبيقات مع شركات الإنتاج الموسيقية في العالم العربي وأصبح لديهم الحق في تسويق هذه الأعمال بشكل قانوني وبيعها.
مرت صناعة الموسيقى بمراحل، فبدأت بأسطوانات تقليدية ضخمة الحجم ثم الكاسيت فالأسطوانات المدمجة، وصولا إلى الملفات الصوتية الرقمية التي يتم تحميلها من الإنترنت في وقت ضئيل.من هذه التطبيقات ما هو مجاني ومنها ما هو بمقابل مادي ضئيل، على رأسها {ساوندكلاود}، شبكة تواصل تتيح للمشترك تحميل مقاطع موسيقيّة عبر حسابه ومشاركة مقاطع مع آخرين. أما تطبيق {أنغامي} فيتيح الاستماع إلى أغانٍ عربية وعالمية بصوت رائع وجودة عالية، وتحميلها على الهاتف المحمول، ويخصم التطبيق مبلغاً مالياً ضئيلاً نظير هذا التحميل بطريقة معينة يعرفها المستخدم أثناء تثبيت التطبيق على جهازه، فضلا عن تطبيقات مثل {آي كلاود} و{سبوتيفي} وغيرها...
تفاعل مطربون عرب مع هذه التكنولوجيا وطرحوا أغانيهم المنفردة وألبوماتهم عليها لا سيما {أنغامي}، من بينها: ألبوما {حبيب ضحكاتي}، لراغب علامة، {عايش بعيوني} ليارا، وأغنيتا {ولا بحبك} لنوال الزغبي، و{أوبا أوبا} لهيفاء وهبي.جودة وتفوقأبدت كارمن سليمان سعادتها بتحقيق أغنيتها «حبيبي مش حبيبي} المركز الأول في {أنغامي}، فئة {توب الموسيقى العربية}، وبتردادها من الجمهور، لا سيما أن هذا التفوق يأتي عبر تطبيق إلكتروني متطور هو{أنغامي}، وأن هذه التطبيقات استحوذت على اهتمام الجميع وأصبحت مقياساً للنجاح نظراً إلى إقبال الشباب عليها.تضيف: {لا شك في أن هذه التطبيقات والمواقع الإلكترونية تشكل تطوراً طبيعياً للتكنولوجيا التي تحيط بنا، ذلك أن الهواتف المحمولة أصبحت في متناول الجميع، ومن شأن توافر أغانٍ فيها بنقاء وجودة عاليين أن يعيد إلى الغناء مجده الذي انتزع منه، بسبب القرصنة وسرقة الأعمال، فإذا اعتاد الجمهور جودة معينة سيكون من الصعب التنازل عنها، وإذا اعتاد دفع مقابل مادي لما يتم تنزيله، فنكون بذلك قطعنا شوطاً في محاربة القرصنة الإلكترونية}.بدوره، يرحب الناقد الموسيقي أشرف عبدالمنعم بهذه التجربة وبالخدمات التي تقدمها لصانعي الموسيقى وللمستمعين، مؤكداً أنها مميزة وتمهد لمزيد من استقرار الفن العربي الذي أوشك على الانقراض، بسبب القرصنة التي تملأ حياتنا، لافتاً إلى أن الدول الأجنبية تعتمد على هذه التطبيقات والوسائط في تداول الأغاني والكليبات والأفلام أيضاً.يطالب عبدالمنعم الحكومات العربية بتطبيق القوانين وتفعيلها وتضافر الجهود، باعتبار أن هذه التطبيقات لن تستطيع بمفردها حل الأزمة. يضيف أن أبرز ما تقدم هذه التطبيقات الإلكترونية الاستماع إلى الموسيقى بجودة عالية وصوت نقي، وهذه أمور لا تهم قطاعاً من المستمعين الذين اعتادوا الاستماع إلى أغاني المهرجانات التي تُسجّل في أستديوهات {بير السلم} بأجهزة رديئة، في أجواء من الضوضاء والزحام، لذا لا يفرقون بين نقاء الصوت من عدمه.يتابع: {تراجع المطربون العرب بسبب السطو على أعمالهم، وراحوا يتسولون الحفلات وأعياد الميلاد والأفراح، لأنها متنفسهم الوحيد لجني الأموال والأرباح، وبند أساسي في عقودهم مع المنتجين، للتراجع الكبير في بيع الأسطوانات المدمجة والألبومات بعدما فتح الإنترنت الباب أمام التنزيل المجاني للأعمال الفنية.استعادة الحقوقيرى فوزي إبراهيم، أمين صندوق جمعية {الملحنين والمؤلفين الموسيقيين}، أن هذه التطبيقات خطوة جيدة في طريق عودة الحقوق إلى أهلها متسائلاً: {هل ستدفع هذه التطبيقات حقوق الأداء العلني للفنانين المشاركين في الأعمال التي تبث عن طريقهم مثل المؤلف والملحن والموزع، أم سيقتصر اتفاقها مع المنتج مثلما يحدث في أغلب الأحوال؟}يضيف: {إذا لم تحل أزمة حق الأداء العلني لن يحصل الفنانون على حقوقهم}، ضارباً المثل بالدول الأجنبية التي يعيش الفنانون فيها من تحصيلهم لهذه الأموال ما يكفل لهم حياة كريمة مطمئنة غير خائفين على مستقبلهم المادي، فما يتقاضونه شهرياً لقاء حق الأداء العلني يؤمن لهم حياتهم ويدفعهم إلى تقديم أعمال فنية جيدة.بدوره يعتبر الشاعر أمير طعيمة أن هذه التطبيقات لن تمنع القرصنة على المنتجات الفنية خصوصاً الأغنية متسائلا: {كم شخص سيدخل هذه التطبيقات المحترمة وينزّل هذه الأغاني بجودة صوت عالية؟}.يضيف: {المستفيد الأكبر من هذه التطبيقات هو المنتج الذي يبيع الأغنية لوكلاء هذه التطبيقات ويقبض ثمنها ولا يبالي بحق الأداء العلني الذي هو حق لكل من شارك في صناعة الأغنية}.يتابع أن الأساس في أرباح الأغاني يأتي من عائد بيع الأسطوانات كما يحدث في الغرب، لأن قرصنة الأغاني تتم بمجرد طرحها على التطبيقات الإلكترونية وبالتالي لن يجد أشخاص كثر مشكلة في تحميلها مجاناً والتغاضي عن رداءة الصوت وعن عملية السطو، علاوة على أن كثراً ممن يقومون بالتحميل المجاني لا يعرفون خطورة ما يحدث وأنه سطو على حقوق الغير.