تعاني مجتمعاتنا العربية الآن آفة خطيرة، ألا وهي اﻻنفلات الأخلاقي الذي أصبح يهدد الجميع، ولن يستطيع أحد تجنب آثاره السلبية، ومما يؤسف له أننا نعاني انفلاتا أخلاقيا في أمة قائدها ومعلمها الحبيب محمد- صلى الله عليه وسلم- الذي خاطبه الله عز وجل بأنه على خلق عظيم، وأبلغنا الحبيب بأن الأقرب إليه مجلسا يوم القيامة أحاسننا أخلاقا، ولكن أين نحن الآن من حسن الخلق؟

Ad

 لقد ابتعدنا كثيرا عن أخلاق معلمنا وقدوتنا رسول الله- صلى الله عليه وسلم- الذي قال «إنما بُعِثْتُ لأتمم مكارم الأخلاق»، فهي طريقنا للفلاح في الدنيا والآخرة، لأنها لب الإسلام، وإذا صلحت أخلاق الفرد صلح المجتمع، فلماذا أصبحنا نعاني الانفلات الأخلاقي؟

أول الأسباب الابتعاد عن كتاب الله وسنة رسوله، وضعف دور المؤسسات التعليمية في القيام بدورها التربوي والأخلاقي الذي يعد من أخطر الأدوار في العملية التعليمية، ولكن كيف للمعلم أن يقوم بدوره التربوي والتعليمي ولدى طلابه انفلات أخلاقي، وبما أن لمنظومة التعليم دورا كبيرا في إرساء قيم الأخلاق فمن الضروري أن تدخل الجانب الأخلاقي في كل منحى موجود في التعليم، خصوصا أننا أصبحنا نسمع ونرى أمورا لم تكن موجودة في التعليم من قبل، مثل تطاول بعض الطلاب على المعلمين، ولذلك ﻻبد من رجوع دور الأسرة لمراقبة سلوك الأبناء الذي غاب مع متطلبات الحياة والعمل والمادة، فرب الأسرة مشغول بالعمل الذي قد يتعدى 15 ساعة، والأم تعمل وتركت رسالتها.

إن من أسباب الانفلات الأخلاقي أيضا الحقد والحسد، واﻻبتعاد عن النقد الهادف؛ ليتحول إلى الترصد والنقد الهدام الذي يركز على السلبيات، ويتغافل عن الإيجابيات، الأمر الذي قد يتبعه الكثير من السلبيات على المجتمع، فإذا أردنا أن نقوم بأي إصلاح في المجتمع، ولم نضع في اعتبارنا الجانب الخُلقي، فلن يستقيم الأمر بكل تأكيد.

 والانفلات الأخلاقي الذي نراه الآن هو أكثر ضررا وأوسع انتشارا، إذ يموت العشرات الآن بسوء الخلق، فتفتعل الأزمات والإشاعات بسببه، وكل هذا يؤدي في بعض المواقف إلى اﻻنفلات الأمني، أو بسبب إشاعة، أو تزاحم تفتقد فيه الأخلاق، فأصبح التعامل يفتقد الأسلوب المؤدب، فما أحوجنا أن نقف على أقدام ثابتة، وأن ونضعَ الأخلاق في اعتبارنا، فكما يقول الشاعر:

إنما الأممُ الأخلاقُ ما بقِيَتْ

فإن همُو ذهَبَتْ أخلاقُهم ذهَبوا