تجري منطقة (كتالونيا) الاسبانية غدا الاستفتاء الشعبي البديل المثير للجدل على الاستقلال عن اسبانيا وذلك بعد أشهر من الأخذ والرد بين الحكومتين المركزية والاقليمية.

Ad

ويحق لاجمالي 4ر5 مليون مواطن التصويت غدا على الانفصال عن اسبانيا بالاجابة عن سؤالين هما "هل تريد ان تكون كاتالونيا دولة؟" و"هل تريد ان تكون تلك الدولة مستقلة؟" وذلك بما يمثل نسبة 72 في المئة من سكان منطقة (كتالونيا).

ويأتي ذلك رغم اعلان المحكمة الدستورية بالبلاد التعليق الاحترازي الاسبوع الماضي لهذا الاستفتاء الذي تعقده حكومة (كتالونيا) على شكل "استشارة شعبية" وذلك بعد أن كانت علقت أيضا في سبتمبر الماضي الاستفتاء بحلته الاساسية استجابة لطلب من حكومة مدريد التي كانت قدمت طعونا به معتبرة أنه ينتهك الدستور الاسباني.

وكانت دراسة حديثة أجراها مركز أبحاث الرأي الاسباني نشرت نتائجها الاسبوع الماضي أظهرت أن 1ر49 في المئة من مواطني كتالونيا يؤيدون الانفصال عن اسبانيا فيما يؤيد 5ر48 في المئة منهم نظام المناطق ذات الحكم الذاتي الراهن في اسبانيا أو النظام الفيدرالي الذي تؤيده كذلك بعض الأحزاب السياسية في اسبانيا.

وكان رئيس منطقة (كتالونيا) أرتو ماس قال مطلع الاسبوع الماضي ان حكومته عازمة على المضي قدما في اجراء الاستفتاء البديل على شكل "الاستشارة شعبية" رغم طعون المحكمة الدستورية ورغم معارضة حكومة مدريد معتبرا أن في ذلك ضمان للحق أبناء المنطقة بتقرير مصيرهم فيما حث جميع المواطنين في كتالونيا على التصويت "دون خوف للدفاع عن الحق الطبيعي للشعوب".

ولفت إلى انه سيرسل عقب الاستشارة الشعبية خطابا إلى رئيس الوزراء الاسباني ماريانو راخوي "لتقييم نتائج المشاورة الشعبية والمطالبة بإجراء استفتاء شرعي ومتفق عليه على غرار النموذج البريطاني".

ويرى البعض ان ذلك قد يفتح مجالا للحوار بين حكومة ماس والحكومة المركزية بشأن تعزيز صلاحيات (كتالونيا) واتخاذ خطوات جادة بشأن تعديل الدستور وإقامة نظام فيدرالي في اسبانيا.

ويرى البعض الآخر انه وفي ضوء نتائج الاستفتاء فقد تدعو حكومة (كتالونيا) وفي حال استمرار امتناع الحكومة المركزية عن الحوار إلى انتخابات مبكرة على شكل استفتاء في خطوة تتحلى بالشرعية والقانونية لتقرير المصير السياسي المستقبلي للإقليم غير ان تلك الخطوة تشكل الخيار الأخير لكتالونيا.

ولتفادي أي تدخل حكومي أو قانوني في مجريات الاستشارة الشعبية فقد أعلنت حكومة (كتالونيا) أنها ستواصل اشرافها على الاستفتاء لكنها ستترك أمور تنظيمه يوم غد بين أيدي المتطوعين والمنظمات المدنية.

ويأتي ذلك لضمان سير الاستشارة بطريقة طبيعية دون انقطاع حيث ان تفادي حكومة (كتالونيا) التدخل المباشر في تنظيم الاستشارة عبر اشراك الموظفين في الدوائر العامة أو تسخير المباني العامة لاستقبال الراغبين في التصويت سيحرم الحكومة المركزية والمؤسسات القضائية الاسبانية من اتخاذ أي اجراء قانوني لايقاف التصويت بطريقة شرعية.

وكانت حكومة (كتالونيا) أكدت انها اتخذت جميع الخطوات اللوجستية اللازمة لعقد الاستفتاء بمساعدة أكثر من 20 ألف متطوع سيعمل على تنسيق عملية التصويت موضحة أنه سيتم الاعلان عن نتائج الاستفتاء الاثنين المقبل.

واكتسبت مطالب (كتالونيا) بالانفصال عن اسبانيا زخما كبيرا منذ عام 2012 عندما فازت الأحزاب المؤيدة للاستقلال عن اسبانيا بشكل واضح في الانتخابات البرلمانية المحلية في وقت كانت تتجاوز فيها اسبانيا آثار أزمة اقتصادية غير مسبوقة.

وأدى الخلاف الاقتصادي بين الحكومتين المركزية والاقليمية التي تمثل خمس اقتصاد إسبانيا إلى توسيع الهوة بين الجانبين في ضوء مطالبة (كتالونيا) بتوقيع اتفاق ضريبي جديد يضمن للمنطقة حق التصرف بعائدات الضرائب لمواجهة أزمة ديونه كما هو الحال في إقليم (الباسك) ورفض حكومة مدريد للامر.

يذكر ان المحكمة الدستورية الاسبانية كانت علقت الاستفتاء الأساسي على الاستقلال الذي طالبت به (كتالونيا) في نهاية شهر سبتمبر الماضي وذلك بطلب من حكومة مدريد التي اعتبرته انتهاكا للدستور الاسباني (1978) وللسيادة الاسبانية ما دفع بحكومة الإقليم إلى اعلان اقامة استفتاء بديل على شكل "استشارة شعبية" فطعنت به حكومة مدريد مجددا الاسبوع الماضي وعلقته أيضا المحكمة الدستورية.

وتعد (كتالونيا) من أهم المناطق الصناعية في البلاد وهي أكبر إقليم ذات حكم مستقل يساهم في تمويل الدولة الاسبانية حيث يسهم بنحو 8ر18 في المئة من الناتج القومي المحلي فيما يبلغ عدد سكانه 5ر7 مليون نسمة أي ما يمثل 16 في المئة من عدد السكان في اسبانيا.