يرى الشاعر الكبير سيد حجاب أن كتابات الشاعر الراحل أحمد فؤاد نجم ستظل خالدة طوال العمر في ذاكرة الأجيال، فهو كان نموذجاً للمثقف الواعي الذي يخلط بين الفكر والسياسة بأشعار معبرة عن الشعب المصري وطبقاته الكادحة، فقد كان بمثابة ضمير الشعب الذي تغنى بأشعاره وحفظها عن ظهر قلب، مؤكداً أن الفاجومي كان يحلم بمصر خالية من التعصب مليئة بالوسطية.

Ad

يتابع حجاب: {ظهرت أعمال نجم واضحة أثناء ثورة يناير. على الرغم من كتابتها منذ عشرات السنين فإن الشباب تغنوا بها مثل قصيدة {الورد اللي فتح في جناين مصر}، مؤكداً أن الراحل العظيم كان مؤرخاً وأملاً كبيراً للعرب عموماً والمصريين خصوصاً، وعلى الرغم من وفاته سيظل حاضراً بأعماله وكلماته وإبداعاته وأشعاره. صحيح أن الأدب العربي خسر كثيراً بفقدان الفاجومي لكن العزاء الوحيد أن كلماته لن تموت}.

أما الشاعر عبدالرحيم طايع فيشير إلى أن أحمد فؤاد نجم كان يحمل جينات العبقرية والإبداع، موضحاً أن أعماله ستظل موجودة بيننا لأسباب عدة، أهمها أن آليات القهر العربي مستمرةذ  منذ خمسينيات القرن الماضي وستينياته من دون تغيير، وستظل حتى يشاء الله. ويضيف أن الأزمات التي كانت تحياها الأمة العربية آنذاك وكتب عنها نجم والظروف التي حركته للكتابة التحريضية ما زالت موجودة حتى الآن، فالأدوات القمعية والقهر والتعامل الغبي مع الأزمات  أكسبته خلوداً وسيظل كذلك لفترات طويلة.

يقول طايع: {كان نجم يملك من فنيات الشعر ما يجعل قصيدته أكثر صموداً أمام السنوات والزمن}، ذاكراً لنا جزءا من شعره الذي يراه لن يموت أبداً: {كل يوم في حبك تزيد الممنوعات، وكل يوم بحبك أكتر من اللي فات}، لأنه يعبر من خلال هذه الكلمات القليلة البسيطة جداً عن العلاقة بين فتى وفتاة وأيضاً بين المواطن بوطنه، معتقداً أن هذه الكلمات بالتحديد باقية حتى يوم القيامة، موضحاً أن الشعراء الكبار ما زالوا خالدين مثل المتنبي وامرؤ القيس.

يستكمل طايع كلامه: {من امتلكوا بصمات حقيقية وتفردوا بفنيات شعرية عالية لن يرحلوا، وكان الفاجومي أحد هؤلاء ولم يكن مجرد شاعر تحريضي، أو حاد، أو كما يقول البعض سليط اللسان، فثمة كتاب كثر كانوا يكتبون بمثل هذه الطريقة، ولكن الفارق الكبير بينهم وبينه حسمته موهبته وامتلاكه حالة شعرية حقيقية، والقبض على فنيات اللعبة الأدبية.

طبقات كادحة

الشاعر الشاب سيد العديسي يرى أن أهم ما ميَّز أشعار الفاجومي أنها ناتجة من الشعب، موضحاً أن الراحل كان أحد الشعراء المصريين القليلين الذين غنوا للطبقات الكادحة، وهذا أيضاً أحد أسباب نجاحه وشهرته، بالإضافة إلى قدرته الفائقة على نقد الواقع العربي، فقد كان شاعراً نقدياً شكَّل بمفرده حركة نضالية يومية سواء في مصر أو في العالم العربي عموماً.

يؤكد العديسي أن نجاح اسم أحمد فؤاد نجم مستمد من موهبته وليس لكونه ثائراً أو ذا شخصية مختلفة عن الجميع، فأشعاره كانت تنجح وتلقى الاحتفاء المناسب لها حتى وهو في السجن أو خارج البلاد، بالإضافة إلى نجاح كتاباته الغنائية غير التحريضية مثل الأغاني التي كان يكتبها للمطربين الشباب، مشيراً إلى أن الجيل الجديد من الشعراء أخطأ كثيراً عندما أصبح يتعالى على المتلقي، فذلك أخرج الشعر من دائرة اهتمام القراء الشباب.

الناقد والمحلل الأدبي مؤمن المحمدي يشير إلى أن بساطة أحمد فؤاد نجم في كتاباته ومعاملاته، وعلاقاته الإنسانية هي سبب رئيس في شهرته ونجاحه وبقائه لسنوات طويلة مقبلة، بالإضافة إلى ممارساته السياسية وانتقاده أنظمة الحكم العربية واختياره الوقوف دائماً في صف الثائرين والمطحونين من أبناء وطنه، علاوة على الحالة المتكاملة التي كان يعيشها، فهو ظلَّ لفترات يكتب أشعاراً ولا يعرف عنه أحد حتى انضم إلى ركب التظاهرات والطلبة والجامعات وأصبح نجماً.

يرى المحمدي أن الموهبة وحدها لا تكفي الإنسان كي يحصل على النجاح الذي حصل عليه الفاجومي، فالعبرة بما يقدمه بجوار موهبته مثل عمله في السياسة أو قدراته الشخصية التي تساعده على الوصول إلى الجماهير، وثمة موهوبون كثر لا يعلم عنهم أحد شيئاً. ويتابع: {نجم لم يكن مجدداً أو شاعراً حدثياً لكنه كان يكتب كلمات أقرب إلى الأغاني والزجل}.

يقارن المحمدي بين أحمد فؤاد نجم وبين الشاعر نجيب سرور الذي كان يملك موهبة جبارة ولكنه اتجه إلى الكتابة المسرحية مما أخلى الساحة للفاجومي الذي أصبح أكثر أبناء جيله حضوراً، رافضاً مقارنة نجم بصلاح جاهين لأن مجرد المقارنة، كما يقول، ظلم للاثنين، فجاهين لم يكن يشتغل في السياسة مثل نجم واكتفى بمشروع وطني كمواطن عادي وليس كشاعر يغازل أو يناطح أنظمة الحكم.