أثار حكم أصدرته "المحكمة الإدارية العليا" أمس الأول بإحالة موظفين عموميين إلى المعاش بسبب إقدامهم على الإضراب عن العمل، موجة غضب عمالي وحقوقي حادة، يتوقع أن تتسع خلال الأيام المقبلة، في ظل تجدد موجة إضرابات عمالية تستبق عيد العمال الذي يوافق يوم غد.

Ad

المحامي العمالي في "المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية"، مالك عدلي، وصف الحكم بـ"السابقة في تاريخ القضاء المصري"، قائلاً: "هذه أول مرة تقرر المحكمة الإدارية العليا ليّ عنق القانون، وتفسّره لصالح السلطة، على حساب الحقوق البديهية للمواطنين، نظراً إلى أن الإضراب عن العمل، حق قانوني كفله الدستور المصري في المادة رقم 15، إضافة إلى إقراره فى المواثيق والاتفاقيات الدولية"، وأضاف عدلي لـ"الجريدة": "ندرس حيثيات الحكم الآن، لاتخاذ الإجراءات اللازمة ضده".

بدوره، قال عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان، صلاح سالم لـ"الجريدة" إن "الحكم يشوبه عدد كبير من المشكلات، ليس أقلها الاستناد إلى القانون 34 لسنة 2011، والذي ينص على أنه سار فقط وقت تطبيق حالة الطوارئ، فضلاً عن مخالفته للاتفاقات الدولية، التي يقر الدستور المصري أنها في قوة القوانين حال توقيع مصر عليها".

وأضاف سالم ان الرئيس الأسبق أنور السادات وضع شرطاً لتنفيذ الاتفاقية الدولية للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، هو "مع الأخذ في الاعتبار أحكام الشريعة الإسلامية وعدم تعارضها معها"، الأمر الذي استندت إليه المحكمة، كما أن تحفظات الدولة عادة تأتي في شأن الحريات الجنسية أو حرية المرأة، "لكننا لم نسمع من قبل عن اعتبار الاضراب أو الاعتصام يتعارضان مع أحكام الشريعة".

وكانت أجواء احتجاجية قد خيَّمت على المشهد العمَّالي خلال الأسابيع السابقة حيث لم تنقطع الاحتجاجات طوال الأشهر الستة الماضية، وتنامت بشكل ملحوظ منذ بداية العام الجاري، وبينما تمّ فض إضراب بعض الشركات مثل "الحديد والصلب" الحكومية، واصلت أخرى إضرابها على مدار أربعة أسابيع، ولم تتوقف حتى الآن، مثل شركتي "غاز مصر" و"أسمنت طرة".

وشملت الاحتجاجات أيضاً عمالاً في عدة محافظات، طالبوا فيها بحقوق أصيلة، بينها صرف أجور متأخرة، وإقالة مسؤولي إدارات شركاتهم الخاسرة، بينما أشار تقرير أصدره "مؤشر الديمقراطية" الحقوقي، مطلع أبريل الجاري، إلى بلوغ الاحتجاجات العمالية خلال الربع الأول من العام الجاري، 71 في المئة من جملة الاحتجاجات التي شهدتها البلاد، بواقع 562 احتجاجاً خلال يناير الماضي، و390 احتجاجاً خلال فبراير، و401 احتجاج خلال مارس.