اليمن وسيف بن ذي يزن

نشر في 11-11-2014
آخر تحديث 11-11-2014 | 00:01
 يوسف عبدالله العنيزي عشت في ذلك البلد العزيز ما يقارب ثلاث سنوات بين 2000 و2003، حيث كنت أترأس البعثة الدبلوماسية في صنعاء، وذلك بعد عودة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين إثر انقطاع دام نحو عشر سنوات نتيجة للمواقف غير الودية للنظام اليمني السابق تجاه غزو النظام العراقي السابق لدولة الكويت الغالية واحتلالها.

جاء عملي في صنعاء بعد انتهاء فترة عملي في مدينة كراكاس عاصمة جمهورية فنزويلا الصديقة، حيث قضيت ما يقارب الأربع سنوات في الفترة بين 1996 و2000 ومن خلال وجودي في أميركا الجنوبية قمت بزيارة أربعة عشر بلداً، وبعض جزر الكاريبي والباهاما وغابات الأمازون وغابات الكورال البحرية، وكهوف كافاك وبعض قرى الهنود الحمر وغيرها من الأماكن التي لا يمكن وصفها مهما أوتي الإنسان من بلاغة، فهي لوحات رسمها الخالق بقدرته.

في صنعاء العزيزة وعندما تسير في المدينة القديمة تشعر أن الزمن قد عاد بك إلى طفولة التاريخ بتلك المباني الشامخة والشاهقة بأدوارها المتعددة وتصاميمها الرائعة، يستند بعضها إلى بعض في تناسق بديع، يعبر عن حضارة ضاربة في عمق التاريخ، عندما تعبر تلك البوابات القديمة تشعر بعبق الماضي الذي امتزج فيه الواقع مع الخيال، تشعر بعظمة دولة حِمير، وتبع، ومملكة سبأ، والملكة بلقيس وعرشها، والملكة أروى وجبروتها.

 يمن سيف بن ذي يزن وهو يتربع على عرشه في "قصر غمدان" يستقبل وفود القبائل العربية التي جاءت لتقديم التهاني بمناسبة عودة الملك إليه وانحسار نفوذ الأحباش عن اليمن، سيف بن ذي يزن الذي خاطب كسرى الفرس بأنه ليس بحاجة للأموال، فاليمن جباله من ذهب ورماله من فضة، يمن مدينة "شبام" التي شيدت أول ناطحات سحاب في العالم منذ آلاف السنين، يمن سد مأرب الذي كان أهله يرفلون في الرفاهية فكانت ثيابهم من الحرير الخالص.

كم نشعر بالألم عندما نرى هذا الكم الهائل من الأحقاد التي تسود الشارع اليمني، قتل وتدمير وشقاق وخلاف، وغدا الوطن أوطاناً والشعب شعوباً، ولم يعد السلاح والموت يفرقان بين أبناء الوطن، وأصبح القتل هو الشيء الوحيد المتفق عليه بين جميع الأطراف.

هذه حال "يمننا" فإذا ما يممت بنظرك إلى الجهة الأخرى إلى "شامنا" فالوضع لا يقل سوءاً، فيا ترى: هل جاء ذلك مصادفة أم أنه تنفيذ لمخطط شيطاني لن يتوقف عن التمدد حتى يحقق أهدافاً قد تبدو الآن مستحيلة سيكشف عنها القادم من الزمن؟

يقال إن الحكمة "يمانية" فأين الحكمة فيما يحدث الآن في اليمن؟ ويقال "اليمن السعيد" فأين السعادة وقد أسدل الحزن أستاره على أركان الدولة؟ دعاؤنا إلى الله أن يسود العقل وتعود الحكمة إلى أرضها وتزول "الغمة" من سماء يمننا وشامنا، ودعاؤنا إلى العلي القدير أن يحفظ الكويت وقيادتها وأهلها من كل سوء ومكروه.

 وجهة نظر:

بعد عودة الطيور المهاجرة من رحلة الصيف عادت الحياة الاجتماعية للعديد من دواوين البلاد، في الأسبوع الماضي قمت بزيارة أحدها، وما أجمع عليه العائدون أن الكويت تكاد تكون أرخص بلاد الدنيا من حيث تقديم الخدمات العامة؛ مثل الكهرباء والماء والوقود والمواد الغذائية بكل أنواعها، واتفق الجميع على دعوة الحكومة للإسراع بإلغاء الدعم الحكومي، وأيضا فرض الضرائب على المواطنين والمقيمين، وهنا طرح البعض وجهة نظر جديرة بالاهتمام: علامَ سيتم إنفاق ما يتوافر من أموال نتيجة إلغاء الدعم وفرض الضرائب؟ وهل سيجد مثل هذا التوجه دعماً أو عدم معارضة من مجلس الأمة؟ وهنا أيضاً طرحت وجهة نظر تفيد بأن أغلب مشاكل البلاد تأتي من بعض أعضاء المجلس، يعني "لا خيرهم ولا كفاية شرهم".

back to top