أعلن التحالف العربي الذي يشن منذ سبعة أسابيع بقيادة السعودية غارات جوية ضد المتمردين الحوثيين في اليمن بدء سريان هدنة انسانية ليل الثلاثاء لمدة خمسة أيام قابلة للتجديد، لكنه حذّر المتمردين من أنه سيرد على أي انتهاك من جانبهم.

Ad

وقال المتحدث باسم التحالف العميد الركن احمد عسيري رداً على سؤال لوكالة فرانس برس عما إذا دخلت الهدنة حيز التنفيذ في الموعد المقرر لها في الساعة مأر23,00 (20,00 ت غ)، "بالتأكيد، (لقد بدأت) في الساعة الحادية عشرة".

ولكن العميد عسيري حذر الحوثيين من أن التحالف سيستأنف غاراته الجوية في حال انتهكوا الهدنة التي تم إعلانها الجمعة وستستمر لخمسة أيام قابلة للتجديد.

وأضاف الضابط السعودي "نحن نتعهد احترامها"، مشدداً في الوقت نفسه على أن التحالف سيواصل عمليات "الاستخبارات والاستطلاع والمراقبة" تحسباً لأي انتهاك محتمل.

وتابع عسيري في تصريحه لفرانس برس "سنكون جاهزين للرد على أي انتهاك للهدنة"، مضيفاً "نحن واضحون جداً: إذا لم يحترموا (الهدنة) سنواصل" غاراتنا التي بدأت في 26 مارس لمنع المتمردين الحوثيين وحلفائهم من القوات الموالية للرئيس السابق علي عبدالله صالح من السيطرة على اليمن بأسره بعدما سيطروا على مناطق واسعة بينها العاصمة صنعاء.

وبعيد دخول الهدنة حيز التنفيذ ساد هدوء نسبي في كل من عدن ولحج وأبين (جنوب) في حين عمد المتمردون إلى عملية إعادة تموضع لتعزيز مواقعهم ولا سيما في مأرب القريبة من صنعاء وفي الضالع، بحسب ما أفاد شهود عيان.

ولكن الهدوء لم يكن سيد الموقف في كل الجبهات، إذ استمرت المواجهات المسلحة في مدينة الضالع بين القوات الموالية للرئيس هادي من جهة والحوثيين وحلفائهم من جهة ثانية، وذلك في الأطراف الشمالية والشرقية للمدينة، بحسب ما أفاد متحدث باسم "المقاومة الشعبية الجنوبية" الموالية لهادي.

وقال المتحدث ناصر الشعيبي لوكالة فرانس برس أنه "قبل وأثناء دخول الهدنة حيّز التنفيذ كانت المواجهات مستمرة في الضالع بين الطرفين"، مضيفاً أنه "بعد دخول الهدنة حيّز التنفيذ بدأت ميليشيات الحوثي وصالح بقصف أحياء سكنية بمختلف الأسلحة بما في ذلك الدبابات".

وفي مأرب، أفادت مصادر في "المقاومة الشعبية" وكالة فرنس برس أنه "في أول ساعة من الهدنة قصفت ميليشيات الحوثي مواقع المقاومة الشعبية بقذائف الهاون والأسلحة الثقيلة في منطقة صرواح بمحافظة مأرب".

وقتل العشرات من الحوثيين ومناصري هادي خلال الساعات الـ24 الماضية في معارك عنيفة في محافظتي الضالع وشبوة الجنوبيتين، وفق مصادر محلية.

بالمقابل وبعد ساعة تقريباً من بدء سريان الهدنة كان الوضع هادئاً في العاصمة صنعاء التي وصل إليها قبل ساعات من ذلك مبعوث الأمم المتحدة الجديد اسماعيل ولد شيخ أحمد في محاولة لاستئناف مفاوضات السلام.

وقال ستيفان دو جاريك المتحدث باسم الأمم المتحدة في نيويورك للصحافيين أن شيخ أحمد سيجري مباحثات مع الحوثيين في صنعاء، كما سيعقد "على الأرجح" اجتماعات أخرى، قد تكون في ايران، في وقت لاحق، بحسب المصدر.

وأضاف المتحدث " لا نستعد لإعلان موعد للمحادثات، لكن هذا يبقى هدفنا"، مضيفاً أن "حقيقة وصوله إلى صنعاء والتقاء الحوثيين اليوم يعتبر مؤشراً إلى السير في الطريق الصحيح".

ويأمل مبعوث الأمم المتحدة أن يتمكن من تنظيم مؤتمر دولي بمشاركة جميع أطراف النزاع في اليمن للتوصل إلى تسوية.

وقال دبلوماسيون من الأمم المتحدة أن من المتوقع أن يعقد المؤتمر في جنيف.

ومنذ بدء ضربات التحالف العسكري في 26 مارس، قُتِلَ 828 مدنياً على الأقل وفق الأمم المتحدة، كما فاقم النزاع من الأزمة الإنسانية في بلاد يعاني فيها 12 مليون شخص من انعدام الأمن الغذائي.

وهي المهمة الأولى في اليمن للدبلوماسي الموريتاني الذي حل في نهاية أبريل محل المغربي المستقيل جمال بنعمر في 25 أبريل.

وقبل وصوله إلى صنعاء قام شيخ أحمد بزيارة باريس ثم السعودية التي تقود تحالفاً عربياً يشن حملة عسكرية ضد المتمردين.

وقد التقى الجمعة في الرياض الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي الذي لجأ إلى السعودية في مستهل العملية العسكرية.

واستمرت أعمال العنف في اليمن حتى اللحظة الأخيرة قبل سريان الهدنة، إذ شنت مقاتلات التحالف العسكري غارات جوية جديدة ضد مواقع للحوثيين وحلفائهم في حين استمرت المعارك بين هؤلاء ومناصري الرئيس هادي المعترف به دولياً.

على صعيد آخر، أعلنت منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم (يونيسكو) الثلاثاء أن عمليات قصف "كثيفة" ليل الاثنين-الثلاثاء أوقعت "أضراراً جسيمة" في البلدة القديمة في صنعاء المصنفة ضمن التراث العالمي، داعية مختلف الأطراف إلى "حماية التراث الفريد" لهذا البلد.

وبحسب معلومات جمعتها اليونيسكو فإن بلدة صنعاء القديمة التي تعود منازل الآجر الشهيرة فيها ومساجد وحمامات إلى ما قبل القرن السادس "تعرضت لقصف كثيف ليل 11 مايو 2015 ما تسبب بأضرار جسيمة في العديد من المباني التاريخية".

وأضافت المنظمة أن مدينتي صعدة (شمال) وبراقش (شمال غرب) "أصيبتا أيضاً بأضرار".

وقد استهدفت طائرات التحالف مجدداً صباح الثلاثاء ومساء الأثنين مخزن أسلحة للحوثيين في جبل نقم، وهو مرتفع يشرف على شرق العاصمة، ما أدى إلى سلسلة انفجارات، وفق ما أفاد مراسل لفرانس برس في صنعاء.

قال مسؤول في وزارة الصحة "قُتِلَ 69 شخصاً على الأقل غالبيتهم من المدنيين وأصيب 250 بجروح" وذلك بحسب حصيلة جديدة للانفجارات.

وسبق أن أسفرت غارة سابقة في 21 أبريل على قاعدة يسيطر عليها الحوثيون في صنعاء تم تخزين أسلحة فيها إلى انفجارات غير مسبوقة أدت إلى مقتل 38 مدنياً وإصابة 532 بجروح.

من جهة ثانية قصف المتمردون مجدداً الأراضي السعودية انطلاقاً من مواقعهم في اليمن وذلك بواسطة صواريخ كاتيوشا، ما أسفر عن سقوط جرحى، بحسب ما أفاد العميد عسيري وكالة فرانس برس.

وسبق للمتمردين الحوثيين أن قصفوا مراراً مناطق سعودية حدودية مع اليمن في هجمات أوقعت في حصيلة اجمالية 12 قتيلاً.

من جهة أخرى وتعليقا على سريان الهدنة الإنسانية، قال دبلوماسي غربي لوكالة فرانس برس طالباً عدم نشر اسمه أن هذه الهدنة لا تعني "انتهاء النزاع"، مضيفاً أنه "ستكون هناك مناوشات".

وقالت الأمم المتحدة أنها تستعد للقيام بعملية انسانية واسعة النطاق في اليمن بعد سريان الهدنة، وذلك من خلال مركز استحدثته لهذه الغاية في جيبوتي التي تقع قبالة اليمن.

وأكد برنامج الأغذية العالمي عن استعداده "لتقديم حصص غذائية طارئة لأكثر من 750 ألف شخص في المناطق المتضررة من جراء النزاع".

إلى ذلك، قال مسؤول حكومي محلي في المكلا، كبرى مدن محافظة حضرموت، أن غارة جوية لطائرة بدون طيار "استهدفت مركبة للقاعدة أسفرت عن مقتل أربعة من التنظيم بينهم قياديان"، كما سقط ستة جرحى بحسب قوله.

وقُتِلَ القياديان في التنظيم مأمون حاتم زعيم التنظيم في محافظة إب ومحمد صالح الغرابي وهو قيادي أمني ميداني، وفق المصدر.