السدرة

نشر في 29-12-2014
آخر تحديث 29-12-2014 | 00:01
 فوزية شويش السالم "السدرة من الألم إلى العمل"، هو الإصدار الأول للكاتب حسين علي، وهو من الشباب الذين يعملون في جد وجدية لإثبات الذات وترك بصمة في المجتمع. الكتاب عبارة عن سيرة عبور من الألم، وكيفية التخلص منه والوصول إلى معرفة الذات والنجاح في العمل.

كتابة شاب كويتي في هذا المجال أعتبرها تجربة جديدة في مثل هذا النوع من الكتابة التي تعنى بالنفس البشرية ومحاولة فهمها والكشف عن أسباب مخاوفها وأوجاعها وكل ما يعرقل انسياب حركة وجودها في الحياة، وتشكل معوقات تمنع صاحبها من العيش بشكل طبيعي في المجتمع الذي يوجد به. وتفرد "حسين علي" بشق دربه في هذا النوع من الكتابة، أعتبره نجاحا وتميزا في الاختيار، فأغلب شباب جيله اختاروا الرواية أو الشعر ليكتبوا تجاربهم فيهما، لكنه وحده من اختار هذه النوعية من الكتابة التي تعلم وتهدي وتُرشد للطريق الصحيح، الذي يقود إلى معرفة النفس والاستدلال عليها والأخذ بيدها حتى وصولها إلى بر الأمان والشفاء والنجاح في العمل، عبر عرض التجارب الشخصية التي مر بها الكاتب، واستطاع أن يواجهها ويعالج نفسه، حتى تم له الشفاء منها.

من تجاربه الحياتية المؤلمة التي عرضها بانفتاح ومواجهة مع الغير من دون الخوف من مجتمع عنصري متهكم يجيد السخرية " والطنازة" على كل من يحاول الخروج على نظامه ويعيش خارج عن قوانينه، والذي كان في رأيي أحد مسببات الخوف والفوبيا التي سيطرت على حياته حتى باتت كابوسا يربض على كل قراراته وتجاربه، حتى أعجزته وعوقته عن إتمام دراسته الجامعية، بسبب الرهاب الذي يصيبه بارتفاع دقات القلب والتعرق حين يذهب لقاعة الامتحانات، ما جعله يغير من مواده الدراسية والجامعات، لكنه لم ينجح إلا من بعد مواجهته لنفسه ومحاولته الجادة في خوض معركته معها حتى هزم مخاوفها وانتصر عليها وأكمل دراسته، وقاد نفسه من نجاح إلى نجاح حتى أصبح مدربا معتمدا من البورد الأميركي للتنويم، ومن كلية كمبريدج للتدريب، وممارسا متقدما في العلاج بالطاقة الريكي، وتقنيات العلاج بخط الزمن معتمدا في فن إدارة الحياة من جهات محلية وعالمية مختلفة.

قصة نجاح شاب استطاع التغلب والتخلص من مخاوفه ورهابه الذي عوق حياته وكاد يدمرها بشكل تام لولا إرادته وإصراره لتحدي نفسه وقهر وساوسه والانتصار عليها، حتى ألف هذا الكتاب الذي بين فيه طريق الشفاء والنجاح وبناء الذات، التي ربطها بنمو شجرة "السدرة" بالكويت في المناخ الصحراوي القاتل، تستطيع أن تتكيف معه في كل أطواره القاسية، ما أوجد تشابها ما بينه وبينها في عوامل التحدي والبقاء رغم كل الظروف القاهرة.

كتاب جميل لشاب في مقتبل العمر وتجربة أولى في الكتابة. وأتوقع له مزيدا من التألق والنجاح في مؤلفات أخرى في ذات المجال.

هناك بعض الملاحظات منها الإيجابية والسلبية، وسأبدأ في الجيد منها وهي: فهمه للدين بشكل منفتح متسامح متقبل بسمو ويسر، وهو ما أعجبني في طريقة تفكيره ومنظوره الديني الذي استخلصه من فهمه للدين بتأملاته وتحليلاته الذاتية وليست التلقيدية.

أيضا أعجبتني خلاصات التجارب التي استنتجها من معايشته لها، مثل قوله: "أجعل من وقت التحديات هو وقت اللعب الذي منه تصل لخطوة أعلى في سلم النجاح"، وقوله: "عقلك الباطن كالحقل، فبكل موسم ينظف المزارع حقله من النباتات الدخيلة التي تأخذ حيز النباتات المثمرة، لكن لا يستطيع ترك الحقل خاليا لأنه مع مرور الوقت سوف يمتلئ مرة أخرى بمثل هذه النباتات الدخيلة، إلا إذا استمريت في الاعتناء به، وزرعته بكل النباتات الجميلة المزهرة".

وأيضا قوله :" تعلمت من الصمت الهدوء الداخلي.. تعلمت من الصمت التواصل أكثر مع ثرثاري الداخلي وأصادقه، تعلمت من الصمت أن العطاء ليس كلام ولكن فعل، تعلمت من الصمت أن أبلغ لغة تتواصل فيها مع العالم هي العمل"، وقوله "تعلمت من السدرة أن صمت الأشجار للطبيعة يعطيها هيبة الإنجاز"

 ومن سلبيات الكتاب كثرة الأخطاء اللغوية والطباعية، وكان من الممكن التخلص منها عند المراجعة، وكذلك تكرار بعض الأفكار، ما يدفع القارئ إلى الملل إذا كان نافذ الصبر، وخاصة في ما يتعلق بالسدرة من صفات ومميزات ومقارنتها مع الإنسان.

السدرة كتاب لشاب يعد بالكثير فانتظروه.

back to top