فاليري تريولر تنتقم من هولاند بـ{شكراً لهذه اللحظة}!

نشر في 10-09-2014 | 00:01
آخر تحديث 10-09-2014 | 00:01
في كتابها {شكراً لهذه اللحظة} Merci Pour ce moment تؤكد فاليري تريولر، السيدة الفرنسية الأولى السابقة، عشيقة الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند: {كلّ ما كتبته صحيح. داخل الإليزيه، كنت أشعر أنني أقوم بريبورتاج، وكنت أخاف دائماً من القيام بأي خطأ في أداء دوري}. وفيه تروي يومياتها في القصر الرئاسي إلى جانب الرئيس قبل انفصالها عنه. {الجريدة} اختارت مقتطفات من الكتاب وترجمتها، وتعرضها في ثلاث حلقات.

«لا بد من فتح جميع الملفات}! هكذا أوصاني فيليب لابرو بعد انتخاب فرانسوا هولاند. أكنّ احتراماً فائقاً لذلك الكاتب ورجل الإعلام، لكني لم أستطع تلبية طلبه. لم أستطع أن أتخذ القرار بالكشف عن حقيقتي. ما كان يمكن أن أبين تفاصيل حياتي أو عائلتي أو تاريخي مع الرئيس. بل فعلت العكس. تكتمتُ عن كل شيء وانغلقتُ على ذاتي.

من واجب الصحافيين أن يكتبوا ويتكلموا. لكن من باب الجهل أو سعياً وراء الفضائح أحياناً، بدأوا يصورون امرأة لا تشبهني كثيراً. فصدر أكثر من 20 كتاباً وعشرات العناوين على أغلفة المجلات وآلاف المقالات. يستعملون مرآة مشوّهة وبعيدة عن الواقع ومبنية على التكهنات والإشاعات، أو يمكن أن تقتصر أخبارهم على افتراءات. تلك المرأة كانت تحمل اسمي ووجهي ولكني لم أتعرّف إليها. شعرتُ بأنهم لا يسرقون مني حياتي الخاصة فحسب بل حقيقة ما أنا عليه.

كنت أظن أنني أستطيع مقاومة كل شيء لأنني محصّنة إلى أبعد حدود. لكن كلما زادت حدة الهجوم، كنت أنغلق على ذاتي أكثر فأكثر. شاهد الفرنسيون وجهي الجامد أو المتشنّج أحياناً. لكنهم لم يفهموا. في مرحلة معينة، لم أعد أجرؤ على النزول إلى الشارع أو مواجهة نظرات المارة.

خلال بضع ساعات من يناير 2014، تدمرت حياتي وتحطم مستقبلي. وجدتُ نفسي وحيدة وضائعة ويجتاحني الحزن. بدا لي هذا الوضع دليلاً على أن الطريقة الوحيدة لاستعادة السيطرة على حياتي تقضي بسرد قصة حياتي. عانيتُ الكثير لأن أحداً لم يفهمني ولأن سمعتي تشوهت كثيراً.

لذا قررتُ أن أكسر الحواجز التي بنيتُها وأن أمسك قلمي لكتابة قصتي... قصتي الحقيقية! لم أتوقف عن النضال لحماية حياتي الخاصة، لكن كان عليّ أن أكشف جزءاً منها وأن أطرح بعض التفاصيل الأساسية لأن أحداً لن يفهم شيئاً من دونها. في هذه القصة الجنونية، كل شيء حقيقي. وأنا بحاجة ماسة إلى الحقيقة لتجاوز هذه المحنة والمضي قدماً. أدين بذلك لأولادي وعائلتي ولنفسي. لذا أصبحت الكتابة أساسية. طوال أشهر، ليلاً نهاراً، وسط الصمت المطبق، {فتحتُ ملفاتي»....

وصلتني الرسالة الأولى في صباح يوم الأربعاء. حذرتني إحدى صديقاتي الصحافيات: {ستنشر مجلة {كلوزر} يوم الجمعة صوراً لفرانسوا وغاييه في الصفحة الأولى}. فأجبتُها باقتضاب، من دون أن أتأثر كثيراً. هذه الإشاعة تسمم حياتي منذ أشهر. تختفي وتعود للظهور وتتكرر ولكني لا أستطيع تصديقها. نقلتُ هذه الرسالة إلى فرانسوا من دون أن أعلّق على الخبر. فأجابني فوراً: {من قال لك ذلك؟}، لا أهمية للأمر، بل أريد أن أعرف إذا كان لديك ما تخشاه، أجاب: {لا، لا شيء}. فشعرتُ بالاطمئنان.

طوال اليوم، استمرت الإشاعة وبدأت تتضخم. كنت وفرانسوا نتحدث في فترة بعد الظهر وتناولنا العشاء معاً من دون التطرق إلى الموضوع. كانت تلك الإشاعة محور نقاشاتنا سابقاً ولا داعي للاستفاضة في الكلام عنها. في صباح اليوم التالي، تلقيتُ رسالة نصية جديدة من صديق صحافي آخر: {مرحبا يا فال! إشاعة غاييه تتكرر وستصدر في الصفحة الأولى من مجلة {كلوزر} غداً، لكن أفترض أنك سمعتِ بذلك}. فنقلتُ الرسالة مجدداً إلى فرانسوا. لكن هذه المرة، لم يصدر منه أي جواب. كان يتنقل في جوار باريس، وتحديداً في كريل، بالقرب من موقع الجيوش. طلبتُ من أحد أصدقائي الصحافيين القدامى أن يستكشف الموضوع نظراً إلى معارفه في عالم الصحافة. بدأت الاتصالات الواردة تتكاثر في الإليزيه. واجه جميع المستشارين الإعلاميين في مقر الرئاسة أسئلة مُلِحّة من الصحافيين حول تلك التغطية الافتراضية.

مضت فترة الصباح وأنا أتداول مع أشخاص مقربين مني. كنت سأنضم إلى فريق حضانة الإليزيه لتناول وجبة طعام من تحضير طباخ الصغار. أطلقنا هذه المناسبة في السنة الماضية. تهتم نحو 12 امرأة بأولاد الموظفين والمستشارين في مقر الرئاسة. قبل شهر على ذلك، احتفلنا بعيد الميلاد سوياً، مع الأهالي في الحضانة. وزعنا أنا وفرانسوا الهدايا: غادر سريعاً مثل كل مرة وبقيت لفترة طويلة للتحدث مع الحاضرين. كنت سعيدة وسط هذا الجو الهادئ.

أسعدني الغداء ولكني بدأتُ أشعر بالضيق وكأن خطراً وشيكاً يقترب مني. انتظرتنا مديرة الحضانة على الباب، في الجانب الآخر من شارع الإليزيه. رافقني باتريس بيانكون، زميل قديم لي من {راديو فرنسا الدولي} وقد أصبح المتحدث المخلص باسمي. حين وصلنا، سحبتُ من جيبي هاتفين محمولين: أحدهما للعمل والحياة العامة والآخر لفرانسوا وأولادي وعائلتي وأصدقائي المقربين. كانت المائدة مجهزة وكأننا في عيد، وكانت الوجوه سعيدة. أخفيتُ انزعاجي ووضعت هاتفي الخاص خلسةً بالقرب من طبقي. أحضر لنا الطاهي {فريد} أطباقه بينما تنقلت جليسات الأطفال حول المائدة لتبادل الأدوار بالقرب من الصغار.

في عام 2015، ستحتفل حضانة الإليزيه بعيدها الثلاثين. استضافت نحو 600 طفل، من بينهم أولاد الرئيس حين كان مستشاراً في الإليزيه. للاحتفال بالحدث، كنت أنوي جمع الأطفال القدامى الذين كبروا الآن. بما أنني صحافية في مجلة {باري ماتش} منذ 24 سنة، أتخيل الصورة الجميلة التي ستَنتج من التجمع في باحة الإليزيه.

اهتزّ الهاتف. ذهب صديقي الصحافي بحثاً عن {تصيّد المعلومات} وأكد لي أن مجلة {كلوزر} ستنشر صورة فرانسوا في الصفحة الأولى وصورة جولي غاييه في الأسفل. انفطر قلبي. حاولت أن أتماسك. أعطيت هاتفي إلى باتريس بيانكون كي يقرأ الرسالة. لا أخفي عنه أي سر: {انظر، إنها تتعلق بموضوعنا}. كانت نبرة صوتي باهتة جداً. نحن صديقان منذ عشرين سنة تقريباً والنظرة بيننا تكفي لنفهم بعضنا. شعرتُ بالضيق: {سنتحقق من الأمر فوراً».

أجبرتُ نفسي على متابعة الحديث مع أعضاء الحضانة لكن كانت الأفكار تتخبط في داخلي. كنا نتحدث عن وباء جدري الماء. رحت أحرك رأسي فيما أعلمتُ فرانسوا في رسالة نصية عن المعلومة بشأن مجلة {كلوزر}. لم تعد المسألة مجرد إشاعة بل واقعاً ملموساً.

- فأجابني فوراً: {لنتقابل في الساعة الثالثة في الشقة}. إنه وقت عطلة مديرة الحضانة. كل ما يجب فعله هو قطع شارع واحد، شارع صغير جداً. إنها أخطر طريق في حياتي كلها. صحيح أن أي سيارة لا تستطيع المرور من هناك بلا إذن، لكني شعرت بأنني أعبر الطريق السريع مغمضة العينين. صعدتُ السلالم التي تقود إلى الشقة الخاصة بسرعة. كان فرانسوا موجوداً في الغرفة حيث تطل النوافذ العالية على الأشجار القديمة في الحديقة. جلسنا على السرير، كلٌّ منا على الجهة التي اعتاد النوم فيها. لم أتلفظ إلا بكلمة:

    - إذاً؟

    - أجاب: {إذاً هذا صحيح».

    - ما هو الأمر الصحيح؟ هل تنام مع هذه الفتاة؟

    -  فاعترف وهو شبه مستلقٍ ويستند إلى ساعده: {نعم!}. كنا متقاربين جداً على ذلك السرير الكبير. لم أستطع فهم نظرته التي كانت تهرب مني. فتلاحقت الأسئلة:

    - كيف حصل ذلك؟ لماذا؟ منذ متى؟

    -  قال: {منذ شهر}. حافظتُ على هدوئي. لم أغضب أو أصرخ. ولم أكسر أي أطباق كما قالت الإشاعات لاحقاً ونسبت لي أضراراً وهمية بقيمة ملايين اليورو. لم أكن أدرك بعد الزلزال الذي ينتظرني. هل يمكن أن يدعي أنه ذهب لتناول العشاء معها بكل بساطة؟ اقترحتُ ذلك عليه. لكن كان ذلك مستحيلاً، فهو يعلم أن الصورة التُقطت في صباح الليلة التي أمضاها معها في شارع {سيرك}. ما الذي يمنع تطبيق سيناريو على طريقة عائلة كلينتون؟ أعذار علنية، التزام بعدم مقابلتها مجدداً... أو يمكن الانطلاق من أسس أخرى. لم أكن مستعدة كي أخسره. سرعان ما انكشفت أكاذيبه وبدأت الحقيقة تفرض نفسها تدريجاً. اعترف بأن العلاقة أقدم من ذلك. فبعد أن قال إنه متورط معها منذ شهر، عاد واعترف بأن العلاقة تعود إلى ثلاثة أشهر ثم ستة أشهر ثم تسعة أشهر وأخيراً سنة.

    - قال لي: {لن ننجح في فعل ذلك. لن تتمكني يوماً من مسامحتي}. ثم دخل إلى مكتبه لمقابلة شخص جاء لرؤيته. أنا لم أستطع استقبال ضيفي، فطلبتُ من باتريس بيانكون أن يستقبله بدلاً مني. بقيتُ في عزلة طوال فترة بعد الظهر داخل الغرفة. حاولتُ تخيل ما سيحصل ورحت أتحقق من هاتفي المحمول باستمرار وأراقب على تويتر أي معلومات عن السبق الصحفي المنتظر. حاولتُ معرفة المزيد عن لهجة {التقرير}. تبادلتُ الرسائل النصية مع أقرب أصدقائي وأبلغت كل واحد من أولادي ووالدتي بما سيحصل. لم أشأ أن يعلموا بالفضيحة من الصحف. يجب أن يستعدوا لذلك. عاد فرانسوا لتناول العشاء. تواجدنا في الغرفة مجدداً. بدا مرهقاً أكثر مني. فاجأتُه حين وجدني راكعة على السرير. فأمسك رأسه بين يديه. كان في حالة ذهول:

    - سألني: {ماذا سنفعل؟}. هو استعمل صيغة الجمع للتحدث عن قصة لا مكان لي فيها. إنها المرة الأخيرة التي يحصل فيها ذلك. من الآن فصاعداً لن أهتم إلا بنفسي. ثم حاولنا تناول العشاء في الصالون، على طاولة منخفضة، كما كنا نفعل حين نبحث عن جو حميم أو نريد تناول عشاء قصير.

لم أستطع ابتلاع شيء. حاولتُ معرفة المزيد. رحت أحلل التداعيات السياسية لذلك الحدث. أين هو الرئيس النموذجي؟ الرئيس الفعلي لا يخوض حربين ثم يهرب حين يستطيع للانضمام إلى ممثلة في الشارع المجاور. الرئيس الفعلي لا يتصرف بهذه الطريقة حين تقفل المصانع وترتفع نسبة البطالة وتتراجع شعبيته لأدنى المستويات. في هذه اللحظة بالذات، شعرتُ بحجم الكارثة السياسية والفشل الشخصي في آن. لا شك في أنني تمسكتُ بالأمل لإنقاذ علاقتنا. طلب مني فرانسوا أن أتوقف عن تعداد هذه العواقب الكارثية. يعرفها جيداً. ابتلع بضع قضمات وعاد إلى مكتبه.

ها قد أصبحتُ مجدداً وحيدة مع عذابي فيما دعا الرئيس لعقد اجتماع لا أعرف أمراً عنه. سيتكلمون عن مصيري من دون أن أعرف هوية المجتمعين وموضوع النقاش. سرعان ما عاد في العاشرة والنصف مساءً. لم يعد يجيب عن أسئلتي. بدا ضائعاً ومرتبكاً. قررتُ أن أذهب لمقابلة بيار رينيه ليماس، أمين عام الإليزيه، بعد أن أبلغته بمجيئي عبر الهاتف. سألني فرانسوا عن ما أريده منه.

- لا أدري. أحتاج إلى مقابلة أحد. حان دوري الآن لأستعمل هذا الممر السري الصغير الذي يربط الشقة الخاصة بالطابق الرئاسي. حين وصلت، فتح لي بيار رينيه ذراعيه. فاختبأتُ في أحضانه. للمرة الأولى، ذرفتُ الدموع على كتفه. لم يفهم مثلي كيف يمكن أن يتورط فرانسوا في قصة مماثلة. على عكس مستشارين كثيرين، لطالما كان بيار رينيه يهتم بمصلحة الجميع. منذ سنتين تقريباً، يتحمّل تداعيات مزاج فرانسوا السيئ خلال النهار. في المساء، جاء دوري كي أستوعب مزاجه. كنا ندعم بعضنا البعض. تبادلنا بضع كلمات. شرحتُ له أنني مستعدة لمسامحته. لكني علمتُ لاحقاً أن بيان الانفصال كان جزءاً من النقاش خلال الاجتماع الأول. أصبح مصيري معروفاً ولكني لم أكن أعلم به بعد. عدتُ إلى الغرفة وبدأت ليلة طويلة من الأرق. راودتني الأسئلة نفسها مراراً وتكراراً. ابتلع فرانسوا حبة منوّمة لتجنب هذا الجحيم ونام لبضع ساعات على الطرف الآخر من السرير. بالكاد نمتُ لساعة ونهضتُ في الخامسة فجراً لمشاهدة قنوات الأخبار في الصالون. تناولت بضع قضمات من بقايا العشاء البارد الذي بقي على الطاولة المنخفضة وبدأت أسمع الإذاعات. كانت تلك {المعلومة} النبأ الأول في النشرات الصباحية. أصبحت الأحداث ملموسة فجأةً. كان كل شيء يبدو لي غير واقعي حتى الأمس. استيقظ فرانسوا. شعرتُ بأنني لن أتحمل ما سيحصل. انهرتُ ولم أستطع سماع تلك الأخبار فدخلت مسرعة إلى الحمّام. أمسكت بالكيس البلاستيكي الصغير الذي كان مخبّئاً في درج بين مستحضرات التجميل الخاصة بي. يحتوي على أدوية منومة من أنواع مختلفة، على شكل سوائل أو أقراص. تبعني فرانسوا إلى الحمّام وحاول انتزاع الكيس مني. فركضت إلى الغرفة. أمسك بالكيس فتمزق. وقعت أقراص على السرير والأرض فتمكنتُ من التقاط عدد منها.

ابتلعتُ ما أستطيع. أريد أن أنام. لا أريد أن أعيش الساعات المقبلة. شعرت بالعاصفة التي ستنزل عليّ ولم أكن أتحلى بالقوة لمقاومتها. أريد أن أهرب بطريقة أو بأخرى. فقدتُ وعيي. لم أكن أستطع أن أطلب أكثر من ذلك.

لا أعرف كم من الوقت نمت. هل نحن في النهار أم في الليل؟ ما الذي حصل؟ شعرتُ بأحد يوقظني. علمتُ لاحقاً أن فترة الصباح انتهت. رأيت فوقي وجه شخصين من أفضل أصدقائي، بريجيت وفرانسوا. شرحت لي بريجيت أنني أستطيع دخول المستشفى وأنها حضّرت حقيبتي. في الغرفة المجاورة، كان ينتظرني طبيبان.

طلبتُ رؤية فرانسوا قبل مغادرتي ولكن عارض أحد الطبيبين طلبي. استعدتُ القوة لأقول إنني لن أرحل من دون مقابلته. فذهبوا لمناداته. حين جاء، تلقيتُ صدمة جديدة. خانتني ساقاي وانهرتُ بالكامل. مجرد رؤيته أعادت لي ذكرى خيانته. باتت الصدمة أعنف مما كانت عليه بالأمس. تسارعت جميع الأحداث. اتُخذ القرار باصطحابي فوراً.

بدأوا يعتنون بي منذ وصولي ووجدت نفسي خلال فترة قصيرة في سرير المستشفى. لكن أي كابوس جلبني إلى هنا وجعلني أرتدي قميص نوم خاص بمستشفى عام؟ غرقتُ في نوم عميق. كم من الوقت؟ يوم أو يومان؟ لا أعلم. فقدتُ كل إحساس بالوقت. أول ما فعلته حين استيقظت هو التوجه إلى هاتفيّ المحمولَين. لكني لم أجدهما. شرح لي الطبيب أنهم صادروهما {لحمايتي من العالم الخارجي}. طالبتُ باستعادتهما وهددت بالرحيل. أمام موقفي المتعنّت، وافق الأطباء على إعادتهما لي.

شاهدتُ في غرفتي ضابط الأمن الذي يرافقني منذ انتخاب الرئيس وكان يرتدي كنزة بيضاء. حفاظاً على أقصى درجات التكتم، جلس على كرسي في مدخل غرفتي وهو يرتدي زي ممرّض. هو من يحدد الزيارات المسموح بها وتلك الممنوعة. كانت الزيارات نادرة. لم أكن أعرف أن كل شيء بات تحت المراقبة وخارج سيطرتي. يتم التعامل مع هذه القضية الشخصية وكأنها مسألة أمن دولة. أصبحتُ مجرد ملف.

أكدتُ لأحد الصحافيين معلومة دخولي إلى المستشفى. شعرتُ بحدوث شيء كبير من طرف الإليزيه. سرعان ما تأكدتُ من انطباعي. بعد انتشار الخبر، {هم} يريدون إخراجي من هناك. وجود السيدة الأولى في المستشفى لا يفيد صورة الرئيس. لا شيء يفيد صورته أصلاً، لا سيما تلك الصورة التي التُقطت له في شارع {سيرك} وهو يضع خوذة على رأسه. لكني رفضت هذه المرة وقلت للطبيب إنني أريد البقاء لبضعة أيام إضافية. أين سأذهب؟ هل أعود إلى شارع كوشي، إلى منزلي، أو منزلنا؟ كنت منهارة لدرجة أنني لم أكن أستطيع الوقوف. تراجع ضغطي واقتصر معدله على ستة. وقد انخفض في أحد الأيام لدرجة أن الأطباء لم يستطيعوا قياسه.

تناقش الأطباء حول إمكان إرسالي إلى مركز للراحة. كانت ذكرياتي مبهمة. رأيت الممرضات اللواتي يحضرن لقياس ضغطي بانتظام، حتى خلال الليل حين أستيقظ. لا أتذكر جميع الزيارات، إلا زيارة أولادي طبعاً، وكانوا يجلبون لي يومياً الأزهار والشوكولا، فضلاً عن زيارة أمي التي أتت على عجلة من أمرها. وكان صديقي المقرب فرانسوا يأتي لرؤيتي أيضاً كل يوم. أما بريجيت، فهي كانت صلة الوصل مع الإليزيه. أخبرتني بأنها صُدِمت من قلة الإنسانية التي شاهدتها، فشعرت وكأنها تقف أمام جدار!

back to top