هكذا يقتلع «داعش»!!
ضروري جداً أن تعلن الولايات المتحدة حالة الاستنفار القصوى، وأن تدعو إلى تحالف دولي، مقدمته حلف شمال الأطلسي الـ"ناتو"، لمواجهة تنظيم "داعش" والقضاء عليه، لكن في الوقت نفسه فإنه على واشنطن أن تتذكر أنها استمرت في شن حرب لا هوادة فيها على "القاعدة" منذ نحو أربعة عشر عاماً، ولكن ها هو شيخ الإرهابيين أيمن الظواهري يعلن أنه دشَّن فرعاً جديداً لـ"قاعدته"!! في شبه القارة الهندية، وها هي التنظيمات الإرهابية تضرب في ليبيا، ومصر، والعراق، وسورية، ولبنان، وفي كل مكان من الشرق الأوسط والعالم.يجب أن يكون هناك عمل عسكري سريع لمواجهة "داعش" قبل أن يواصل تمدده أكثر وأكثر، لكن في الوقت نفسه فإنه على الولايات المتحدة ومعها الغرب كله أن تدرك أن عليها، إلى جانب القوة العسكرية، أن تسعى فعلياً وجدياً إلى تجفيف منابع الإرهاب، ومنابع الإرهاب هي كل هذا الذي يجري في سورية، والعراق، واليمن، وقبل ذلك هذا الذي يجري في فلسطين، حيث بقيت إسرائيل بحماية أميركية تعربد كل هذه العربدة منذ إنشائها حتى الآن.
عندما يرفع "ورثة" بول بريمر شعار: اجتثاث "حزب البعث" ويقومون باجتثاث العرب السنة مَنْ كان مع صدام حسين، سواء كان برضاه أو "غصباً" عنه، أو كان ضده، فإنه يجب على الأميركيين وعلى غيرهم ألّا يسألوا ويتساءلوا: "من أين جاء "داعش" هذا، ولماذا أصبح على هذا النحو من القوة والقدرة. إن عليهم أن يسألوا أنفسهم لماذا سلَّمت أربع فرق عسكرية عراقية أسلحتها وصواريخها إلى هذا التنظيم بدون إطلاق ولا رصاصة واحدة؟"، أليس المفترض أنْ تسأل الولايات المتحدة نفسها ويسأل الذين حلّوا محل نوري المالكي أنفسهم عن أسباب تسليم هذه الفرق العسكرية أسلحتها كتبرع عن طيب خاطر لتنظيم يغوص في الدماء حتى عنقه، ويتصرف كأنه في العصور الوسطى لا في القرن الحادي والعشرين؟! عندما يواصل نظام بشار الأسد إبادة أهل السّنة على هذا النحو الهمجي بمساعدة إيرانية و"حزب الله" على أسس مذهبية وطائفية، فلماذا تستغرب أميركا ويستغرب الغرب كله ظهور ألف "داعش" و"داعش"... وظهور "النصرة" وبقاء أيمن الظواهري حتى الآن، وإعلانه تدشين فرع لـ"قاعدته" في القارة الهندية؟!إنَّ كل هذه التنظيمات الإرهابية التي غدت تتكاثر تكاثراً "بكتيرياً" تبرر ما تقوم به بضرورة مواجهة البطش الإسرائيلي بالشعب الفلسطيني، والسعي إلى تحرير الأراضي العربية والفلسطينية، وبالطبع فإن هذا كذب وغير صحيح، لكن هل يعقل أن الولايات المتحدة التي، بعدما اكتوت بنيران "القاعدة" أكثر من مرة، ترفع راية مقاومة الإرهاب والقضاء على "داعش"، وهي في الوقت نفسه تحمي الاحتلال الإسرائيلي في الضفة الغربية، وتحمي الحرب الإسرائيلية على غزة، و"تُطنِّش" عمَّا يفعله بشار الأسد بشعب من المفترض أنه شعبه، وعن مساندة إيران، من منطلقات طائفية لهذا النظام، وعن كل هذه المذابح التي يرتكبها "حزب الله" بدوافع مذهبية في سورية؟!إنه من الضروري الاستعجال في مواجهة "داعش" عسكرياً قبل أن يتمدد أكثر وأكثر، وقبل أن ينتقل من الشرق إلى الغرب إلى أوروبا والولايات المتحدة، لكن يجب أن يدرك الأميركيون والأوروبيون أن هذه المنطقة ستبقى "مفرخة" إرهابية مادام هناك احتلال إسرائيلي تحميه الولايات المتحدة، ومادامت إيران مستمرة في السيطرة على العراق وسورية ولبنان واليمن، وبالنتيجة مادام بشار الأسد يبطش كل هذا البطش بالسُّنة، ومادام المتذهبون في بلاد الرافدين يرفعون شعار: "اجتثاث البعث" ولكنهم يجتثون السّنة العرب... إن هذا هو واقع الحال، لذلك يجب أن يدرك الأميركيون أن القوة العسكرية وحدها لو كانت قادرة على اقتلاع الإرهاب من جذوره لكانوا قضوا على "القاعدة" منذ أكثر من عشرة أعوام.