تأديب المسؤولين!
من المؤكد أن تخصيص المجلس جلسة لمناقشة تقارير ديوان المحاسبة الخاصة بالحسابات الختامية للوزارات والهيئات الحكومية، ولأول مرة في تاريخ مجلس الأمة، يأتي ليضيف أسلوباً رقابياً جديداً يصب في مصلحة التفاعل البرلماني المهني تجاه مسألة المال العام.
أول العمود: لماذا لا يرعى مسؤول رفيع شعلة لشهداء الكويت في الحروب والغزو العراقي الغاشم ويضع إكليلاً من الزهور في مكان ثابت بمناسبة ذكرى الاستقلال والتحرير؟!
***في جلسة مجلس الأمة بتاريخ 12 فبراير الماضي أعيدت إلى ديوان المحاسبة صلاحية تأديب مسؤولي وموظفي الدولة المتسببين في هدر المال العام وفقاً لتعديل تشريعي نال 45 صوتاً، ليضيف فقرة جديدة إلى المادة 36 من المرسوم 15 لسنة 1979 بشأن الخدمة المدنية. ويعد هذا التعديل المهم بمنزلة إعادة ذراع رقابية تعطلت بعد صدور قانون الخدمة المدنية الذي تضمن مسألة التأديب وتوقف على إثره دور ديوان المحاسبة في هذا الشأن رغم تفصيله لأنواع المخالفات المالية في المادة 52 من قانون إنشائه عام 1964، وكانت حجة ديوان الخدمة صعوبة الفصل بين المخالفات المالية والإدارية على الرغم من أن قانونه لم ينص على طبيعة وشكل المخالفات المالية التي تعد مراقبتها حقاً أصيلاً لديوان المحاسبة ومدونة في قانون إنشائه كما أسلفنا.هذا التعديل الناجز لا يقل أهمية عن التقدم التشريعي الذي أحرزه مجلس الأمة في دور الانعقاد السابق بشأن حق لجوء المواطن بالطعن المباشر على القوانين أمام المحكمة الدستورية المنشأة بالقانون رقم 14 لسنة 1973، فالأول يصب في اتجاه ترشيد القوانين ورفع درجة جودة التشريع وفرض رقابة سياسية فعالة، والثاني يساهم بدرجة عالية في حماية الجهاز الإداري للدولة من آفة الهدر المالي والمخالفات والتهاون في تحصيل ملايين الدنانير لخزينة الدولة عبر إحالة القياديين إلى مجالس التأديب، ويقود لاحقاً إلى المساءلة السياسية للوزراء، فرئيس لجنة الميزانيات والحساب الختامي البرلمانية النائب المخضرم عدنان عبدالصمد كان قد أكد خسارة الدولة 85 ألف قضية كبدت الخزينة 692 مليون دينار، وهو بلا شك نتيجة تقاعس وتراخي المسؤولين الحكوميين في المتابعة القانونية والإدارية المهنية... وهذا مثال عابر.وبالتأكيد فإن تخصيص المجلس جلسة لمناقشة تقارير ديوان المحاسبة الخاصة بالحسابات الختامية للوزارات والهيئات الحكومية ولأول مرة في تاريخ مجلس الأمة يأتي ليضيف أسلوباً رقابياً جديداً يصب في مصلحة التفاعل البرلماني المهني تجاه مسألة المال العام، وستكون جلسة العاشر من مارس مخصصة لرد الوزراء على الملاحظات المثارة ضد وزاراتهم من واقع تقارير الديوان التي نوقشت في الجلسة الأخيرة بحضور طاقم مسؤولي ديوان المحاسبة.ملاحظة أخيرة هنا، كلنا يعلم ويتلمس التفاعل الشعبي مع أي عملية نهب واختلاس أو الحصول على منفعة بغير وجه حق من المسؤولين في الدولة، وهو تفاعل طبيعي في ظل نشر معلومة واضحة عن اسم لشخصية وحجم المبلغ، لكن هذا التجاوب يقل بدرجات عندما تدون آلاف المخالفات المالية والإدارية في تقارير ديوان المحاسبة ضد بعض موظفي الدولة وتكبد الدولة ملايين الدنانير سنوياً، ولذلك أسباب عديدة، إعلامية وسياسية وخلافهما. فتقارير الديوان لا تتاح للجمهور كما هي أخبار الاختلاسات التي تأتي من رقابة الوسط السياسي والشعبي، كما أن المخالفات المالية والإدارية الكثيرة في تقارير الديوان عن مؤسسات الدولة تبدو هينة إذا ما نظر إليها بشكل منعزل وفردي، وربما كانت قيمتها المالية لا تتعدى بضعة آلاف من الدنانير، لكنها حتماً ستتحول إلى ملايين وربما مليارات، بتراكم السنوات إذا نظر إليها في سياق مجموع مؤسسات الدولة، وهنا الفرق في مسألة التفاعل.