أهم خطوة فلسطينية منذ عام 1948
في ازدحام الأحداث غير السارة بمعظمها يأتي نبأ من فلسطين المحتلة منذ عام النكبة الكبرى عام 1948، يزف البشرى بأن العرب هناك، مسلمين ومسيحيين شيوعيين وإسلاميين، قد اتفقوا على خوض انتخابات "الكنيست" الإسرائيلي، التي من المقرر إجراؤها في 17 مارس المقبل، والتي سيخوضها هؤلاء الفلسطينيون الذين يقدر عددهم بنحو مليون ونصف المليون نسمة، للمرة الأولى، بقائمة واحدة، وهذا يدل على مدى إدراكهم لخطورة تحول المجتمع الإسرائيلي عموماً نحو التطرف، واحتمال إفراز حكومة جديدة أكثر يمينية وعنصرية من بنيامين نتنياهو، الذي من قبيل المزيد من التحدي والاستفزاز دعاه "الجمهوريون" لزيارة واشنطن، عشية هذه الانتخابات، وإلقاء خطبة في الكونغرس الأميركي.إنه تطور هام أن تدفع التحديات الإسرائيلية، وأخطرها السعي إلى تحويل هذه الدولة رسمياً إلى دولة يهودية خالصة ولليهود وحدهم، عرب 48 بكل توجهاتهم السياسية، مسلميهم ومسيحييهم وإسلاموييهم وشيوعييهم، إلى تغليب الأساسي على الجانبية، وتجنب الخلافات الثانوية، ومواجهة ما أعلنه بنيامين نتنياهو، وما يسعى إليه اليمين الإسرائيلي بموقف من المنتظر أن يساهم في ترجيح الكفَّة في الكنيست المقبل لمصلحة العقلانيين الإسرائيليين الذين يرفضون تحويل دولتهم إلى نسخة أخرى من الدولة النازية التي أفرزها "الرايخ" الثالث الألماني.
وهذا يجب أن تفهمه حركة حماس، التي دفعها الاستقواء بإيران وحزب الله اللبناني وهذا النظام السوري والتنظيم الدولي للإخوان المسلمين، الذي هو مرجعيتها السياسية، والذي لا قرار فوق قراره، إلى القيام بذلك الانقلاب الدموي في عام 2007 على منظمة التحرير وعلى السلطة الوطنية وعلى "فتح" والرئيس محمود عباس (أبو مازن)، هذا الانقلاب الذي أفرز تمزقا فلسطينيا في الوقت الذي بات هذا الشعب المكافح بأشد الحاجة إلى الوحدة الوطنية وإلى النأي بنفسه وبقضيته عن الأمزجة التنظيمية الضيقة وعن التمحورات العربية والإقليمية.والغريب والمستغرب أن هذه الحركة، التي من المفترض أنها حركة وطنية للفلسطينيين كلهم، وأن من مصلحتها ومصلحة شعبها أن تنأى بنفسها وبهذا الشعب عن تمحورات هذا الإقليم وهذه المنطقة، ورغم كل ما حصل في مصر، التي هي حاضنة غزة، وفي مقدمة العرب الداعمين للقضية الفلسطينية، لاتزال تصر على أنها فرع الإخوان المسلمين الفلسطيني، بل والأنكى أنها قد أدارت ظهرها في الفترة الأخيرة إلى الوجدان العربي في العراق وسورية ولبنان واليمن، وحقيقة في كل مكان، وعادت عودة ذليلة إلى بيت الطاعة الإيراني، ما يعني أنه غير مستبعد أن تنضم "قواتها" إلى الفيالق المذهبية والطائفية المستوردة من كل حدب وصوب للقتال إلى جانب نظام بشار الأسد ضد الشعب السوري الذي هو المُحتضن الأول للثورة الفلسطينية المعاصرة.لا بأس... "وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون"، فالمطلوب الآن حتى عربياً أن يكون هناك دعم معنوي على الأقل لهذه الخطوة الهامة جداً التي أقدم عليها أهل الأرض الفلسطينية المحتلة منذ عام 1948، والتي يدل على مدى أهميتها أن وزير الخارجية الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان، هذا الأرعن، قد قال فيها إنَّ الأحزاب العربية المتحدة تكشف علناً ما كانوا يحاولون إخفاءه في السابق... انكشف علناً اليوم أنه لا يهم إن كنت شيوعيا أو إسلامياً أو جهادياً، ففي نهاية المطاف لهم هدف واحد هو إنهاء وتدمير الدولة "اليهودية"! وهذا ما يوحدهم.