يسقط القمر في الوحل!

نشر في 13-11-2014
آخر تحديث 13-11-2014 | 00:01
 مسفر الدوسري أكثر نقاط ضعفنا فظاعة كعشاق أننا غالباً لا نتقن صنع النهايات عند أفول شمس العاطفة!

نبتكر أساليب، ونحاول بشتى الطرق رسم البدايات، نسخّر كل طاقتنا لأجل ذلك، إلا أن أصابعنا ترتجف بشكل مريع حتى لا تكاد تستطع كتابة الكلمة الأخيرة، نعجز عن إيجاد نافذة صغيرة تتسع لمرور قلوبنا من جنّة كانت بالأمس لنا، وقد أصبحت أثراً بعد عين!

ليست البدايات هي المعضلة في قصص عشقنا، فكل ما نحتاجه حينها هو "البذرة"، ومن ثم نسعى جاهدين لاستصلاح أرض لها، بكل ما أوتينا من إصرار، ونستمر بكتابة الرسائل الزرقاء للمطر كل يوم ليُرضعها، ونتوسل الغيم أن ينسج لها من ثوبه مهاداً، ولا ندّخر دعوة صالحة إلا ورتلناها بين يدي الضوء ليرعاها، إلى أن تكبر وتصبح شجرة ضخمة يصعب اقتلاعها من قلوبنا حتى بعد أن يتساقط ورقها، وتتعرى من خضرتها، ويهجرها الماء والحمام والحياة!

النهايات هي المعضلة الحقة غالباً، لا نحسن صياغتها بالشكل الذي تستحقه إنسانيتنا وإنسانية الطرف الآخر في قصة الحب، وإذا كانت الأعمال بخواتيمها، فنحن كثيراً ما نضع أسوأ الخواتيم في علاقاتنا العاطفية،

البعض يفضّل الهرب فجأة، بدون حتى رسالة اعتذار تحمل أسفا ولو كاذباً يستر فيه عورة فعل دنيء وخسيس،

البعض الآخر يقتله جبنه فلا يستطيع أن يصارح الطرف الآخر بأن شعوره تجاهه قد توقف بالسكتة القلبية، أو أن عاطفته ماتت بفعل الملل، ويظل يردد كلمات جف ماؤها في قلبه وفي لسانه، موهماً الشريك بأنه مازال ذلك المحب الممتلئ بالمشاعر المتقدة والعاطفة الحيّة، إنه أجبن من أن يقول ببساطة وداعاً ويرحل!

وفينا من يبدأ بافتعال الأسباب من أتفه المواقف، واقتناص الفرص ليحمّل الآخر وزر الفراق، وكأنما هو قادر على خداع ذاته أيضاً، أملاً باستخراج شهادة مزورة للطهارة من ضميره الغائب!

إن أكثر الأسباب التي تدفعنا الى خيانة من نحب، هو عدم قدرتنا على أن نكون صادقين عندما يتوقف حبه عن سكنى قلوبنا، نفضل أن يكتشف هو ذلك بنفسه مع الوقت، على أن نكشف له نحن عن حقيقة مشاعرنا،

أما أسوأ أعذارنا في فعل ذلك، هو الخوف ألاّ نجرح مشاعره! نرتضي أن نجرح إنسانيته بالخيانة، على أن نجرح مشاعره بالصدق!

نحاول إظهار صبغة من الحنان على ظلمنا المبين دون أن تندى جباهنا خجلاً من وقاحة العذر، ووضاعة الحجة.

لماذا لا يسهل علينا أن نعترف لمن أحببنا يوماً، أننا لم نعد نكنّ له نفس الشعور الآن احتراما لإنسانيته أولاً، ولقداسة ما جمعنا به ثانياً؟!

لماذا نحرمه حرية اتخاذ القرار حتى وإن كان مؤلماً؟!

لماذا نحيك حول أعناقنا حبال خدعة يصعب علينا التخلص منها؟!

لماذا تنطفئ الشمس بكذبة، ويسقط القمر في الوحل؟!

لا سببا منطقيا يدفعنا لذلك سوى جبننا، وربما أنانيتنا القبيحة التي تشوه كثيرا من قصص حبنا.

back to top