انتهت محكمة التمييز إلى بطلان إجراءات القبض والتفتيش على متهمين اثنين، وبطلان عينات البول التي أثبتت التحاليل أن بها مواد مخدرة، بسبب بطلان التفتيش والقبض عليهما، ولأن ما بني على باطل فهو باطل.

Ad

ذكرت محكمة التمييز أنه "رغم ثبوت وجود المواد المخدرة في بول المتهمين فإنه لا يضير العدالة إفلات مجرم من العقاب بقدر ما يضيرها الافتئات على حريات الناس"، بعدما انتهت إلى بطلان القبض عليهما وتفتيشهما والعينات التي عثرت في عينات البول، استنادا إلى قاعدة "ما بني على باطل فهو باطل".

وأكدت المحكمة، في حكم بارز، أن "أي قيد على الحرية الشخصية سواء كان قبضا أو تفتيشا لا يجوز إلا في حالات الجرائم المشهودة، او بإذن من النيابة العامة، او في إحدى الحالات التي وردت في القانون على سبيل الحصر، وهو ما تنص عليه المادتان 43 و44 من المواد الـ57 من قانون الإجراءات والمحاكمات الجزائية".

جريمة مشهودة

وقالت المحكمة، في حيثيات حكمها، إنه "وكان ما اورده الحكم المطعون فيه عند بيانه واقعة الدعوى، وفي معرض رده على ما دفع به الطاعنان (المتهمان) ببطلان القبض والتفتيش لا يدل على أنهما لحظة القبض عليهما وتفتيشهما قد ارتكبا جريمة مشهودة، او ساهما في ارتكابها".

وأضافت: "إن مجرد وجود الطاعنين رفقة المتهم الأول بسيارته التي يقوم هو بقيادتها لا ينبئ او يفيد بأنهما ساهما في ارتكاب الجريمة المسندة اليهما أو مخالفات قانون المرور التي لاحظها الضابط، وقام باستيقاف السيارة من أجلها ما دام لم يصدر منهما ثمة فعل قبل القبض عليهما يكشف عن مساهمتهما مع المتهم الاول في أي من هذه الجرائم بأي فعل من الافعال التي عددتها المادتان 47 و48 من قانون الجزاء".

وزادت: "وأخيرا فإن لم تتوافر في حق الطاعنين إحدى الحالات التي حددها القانون على سبيل الحصر، والتي تجيز القبض ومن ثم التفتيش، بما يكون معه هذان الإجراءان في حق الطاعنين دون المتهم الاول باطلين".

إجراءات باطلة

واردفت المحكمة: "ولما كانت القاعدة في القانون ان ما بني على باطل فهو باطل فإن هذا البطلان يستطيل الى الدليل المستمد منهما، والمتمثل في أقوال ضابط الواقعة، فلا يعتد بشهادته عما أجراه من إجراءات باطلة، وما أسفرت عنه تلك الإجراءات من أدلة قبل الطاعنين وأخصها الدليل المستمد من تحليل العينتين المأخوذتين من بول الطاعنين، لأنه متفرع من القبض الذي وقع باطلا ولم يكن ليوجد لولا إجراء القبض الباطل، لاسيما وقد أنكر الطاعنان (المتهمان) ما نسب إليهما".

وأشارت إلى أنه "وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر لحين إطراحه لهذا الدفع، وفي مقام تسويفه لإجراءات القبض على الطاعنين وتفتيشهما فإنه يكون معيبا فوق فساده في الاستدلال بالخطأ في تطبيق القانون، بما يوجب تمييزه بغير حاجة لبحث باقي أوجه الطعن".

وتابعت انه "لما كان ما تقدم، وقد خلت أوراق الدعوى من ثمة دليل صحيح تطمئن معه المحكمة للتعويل عليه في إدانة المتهمين عن تهمة إحراز مادتين مخدرتين (حشيش ومورفين) بقصد التعاطي، وفقا للتأصيل القانوني المار بيانه، وكان من المقرر أنه لا يضير العدالة إفلات مجرم من العقاب، بقدر ما يضيرها الافتئات على حريات الناس والقبض عليهم دون حق فإن المحكمة تقضي ببراءة المتهمين من التهمة المار بيانها".

إلغاء الحكم

واوضحت المحكمة انه "وإذ خالف الحكم المستأنف هذا النظر فإنه يكون حريا بالالغاء مع مصادرة المخدر المضبوط، ومن حيث إن هذه المحكمة قضت على ما سلف بيانه ببراءة المتهمين سالفي الذكر مما نسب اليهما، ومن ثم فإن استئناف النيابة العامة في هذا الخصوص يكون غير ذي موضوع، الأمر الذي يتعين معه رفضه".

وكانت محكمة الجنايات انتهت في حكمها بانقضاء الدعوى الجزائية على المتهم الاول لوفاته في القضية، وفي تقرير الامتناع عن النطق بعقاب المتهمين الثاني والثالث، والزمتهما بدفع كفالة مالية قدرها 100 دينار، على أن يلتزما حسن السير والسلوك مدة سنة، بعدما وجهت اليهما النيابة العامة تهم إحراز مادتين مخدرتين (حشيش ومورفين) بقصد التعاطي دون أن يثبتا أنه قد رخص لهما بذلك قانونا، كما وجهت النيابة للمتهم الاول "الذي توفي أثناء نظر الدعوى" أنه قاد مركبته وهو تحت تأثير المخدر.

وكانت تحريات الضابط دلت على أن تحريات دلت على أن المتهمين كانوا يستقلون مركبة أثناء قيامه بعمله لتفقد الحالة الامنية، وشاهد الضابط المتهم الأول قائد المركبة يقود سيارته، والتي تصدر منها أصوات مزعجة، وعليها آثار حادث مروري، وبرفقته الطاعنان (المتهمان)، وباستيقافه السيارة للتأكد من شخصيتهم تبين أنهم بحالة غير طبيعية ونطقهم ثقيل وعيونهم في حالة احمرار فقام بالقبض عليهم.