لماذا تتكدس ملفات التقاضي (أو الانتقام بالأحرى) في المحاكم، وبشكل يظهر معه حالة من البغض والتوتر الاجتماعي؟ هل ضيعنا لغة الحوار؟ وهل استطعنا كشف الأسباب الحقيقية لسلوكيات جديدة كالكراهية والفرز الاجتماعي؟

Ad

 أول العمود:

جلسة برلمان الطالب التي عقدت في قاعة عبدالله السالم نموذج واعد للتنشئة السياسية السليمة... نتمنى تكرارها سنوياً.

***

شهدت سلوكيات الكويتيين الاجتماعية تغييرات جذرية منذ فترة ما بعد تحرير البلد من الغزو العراقي، فزاد العنف، والرغبة الجامحة في جمع المال بوسائل غير مشروعة، وارتفعت معدلات الطلاق، والتباهي بكسر القوانين، وتنوعت الجرائم. في مقابل ذلك ضعفت قدرات المجتمع على الإصلاح والتقويم الاجتماعي رغم وجود مؤسسات أهلية ذات طابع ديني عرضاً وطولاً.

ظاهرة الانتقام التي أشار إليها رئيس محكمة الاستئناف المستشار محمد بن ناجي في حديث صحافي من خلال اللجوء إلى القضاء لأتفه الأسباب باتت تعبيراً واضحاً عن حالة التوتر الاجتماعي، وهو مؤشر على ضعف مساحات الحوار والتسامح.

وفي رأيي أن المشهد السياسي طوال ربع قرن تلا كارثة الغزو لعب دوراً في شيوع اللامبالاة وأخذ الحق باليد وانتشار ظاهرة علو الصوت بسبب تراجع قدرة المؤسسات على معاقبة من أساؤوا للكويت عبر اعتدائهم على القانون والثروة، وهو ما ولّد مع مرور الزمن حالة من الإحباط العام بين الناس عامة تتلخص في ضعف قدرتهم على التغيير من خلال مجلسهم التشريعي الذي ملوا انتخابه، أضف إلى ذلك تراجع مظاهر وقصص النجاح في الإدراة العامة للدولة.

في الكويت لم ننجح اجتماعياً في كشف مسببات حقيقية للسلوكيات الجديدة الدالة على العنف: كالطلاق، والقتل، وحوادث المرور، والتصنيف والتمييز الاجتماعي، وظواهر أخرى، وإخضاعها للدرس، فلماذا على سبيل المثال تتشجع النساء على الطلاق دون خوف من شعار "أنت مطلقة"؟ ولماذا وصلت النسبة إلى 63 في المئة للجرائم المرتكبة بحق المال العام في عام 2012؟ ولماذا تكون الشتائم وانحدار الذوق في وسائل التواصل الاجتماعي مادة وعنواناً للحوار؟ وهل للمزايا المادية التي تحصل عليها المرأة بعد الطلاق سبب في تفضيل الاستقلالية في العيش (17 مليون دينار قيمة المتحصل قضائياً من 6672 حالة طلاق في عام 2013 من خلال نفقات العدة والمتعة!).

السلوكيات اختلفت عن الماضي... نعم، وهذا حاصل ويعد سُنة الحياة، لكن المشكلة في أن وسائل التصدي لها لا تزال تقليدية ومعظمها يعتمد الزجر والقمع والمواجهة بالقوة طريقاً للمواجهة... وفي أحيان نصمت تجاه قضايا تهدد أمن البلد الاجتماعي كما هو في انتشار المخدرات بين الشباب ومن الجنسين!