سلامك الداخلي
حقيقة "الجزاء من جنس العمل"، والكون عبارة عن ترددات وذبذبات، فما تعتقد به عن نفسك وتؤمن به ينتقل عبر موجاتك التي تصدرها دون وعي ليؤكد لمن حولك أن هذا ما تستحقه، فتنقلب عليك معاملتك التي استقبحها أو استهجنها الآخرون منك، ثم تسأل كيف حصل لي ذلك؟ لذا فمنذ البداية لا ترسل عن نفسك إلا كل خير، وهذا يتطلب أن تحب روحك بل تغرم بها، فلمَ لا؟ فهي النفخة الإلهية فاحفظها بما أراد الله لها، وثق تماما بأنك متى ما أكرمتها فسيرتد عليك ذلك، وترى من حولك يكرمونك ويقدرونك ويضعونك موضع الحب والاحترام. فعليك إذاً أن تغير أفكارك عن نفسك، وتثق أنه لا ظروف تتحكم بك، بل أنت المسيطر على ظروفك، وبيدك أن تغير مجرى حياتك متى ما أمسكت بلجام تفكيرك عن ذاتك، ووجهته بانشغالك فيما تريد لا فيما لا تريد، فهذا لا يتأتى إلا بارتدائك نظارة وردية ليتسنى لك رؤية روحك الندية، التي تدعوك إلى اختيار كل ما يسعدك ويبهجك وتغني لك الحياة.
ففي الواقع لن تكون في منأى عن الشر والمآسي والآلام، إلا أنه سيختفي عن عالمك شيئا فشيئا، كما أنك ستجذب إليك أشخاصا سعداء وإيجابيين وسيتولى عنك الأشقياء والتعساء، فكل منا يسعى إلى تحقيق السلام الداخلي وهذا لا يتم ما لم تتخلص من جميع القيود المكبل بها من مثل: أهداف كثيرة غير محققة، وواجبات وأعمال غير منتهية، ومتعلقات زائدة على الحاجة تخلص منها، كل هذا سيجعل من روحك خفيفة وطاقتها عالية لتلتحم بالأهداف السامية التي تريدها أن تتحقق فعلا. فكل إنسان على هذه الحياة من الضروري أن يكون له أهداف، إلا أن كثرة الإلحاح عليها والرغبة المفرطة في تلبيتها تخلق فجوة كبيرة في تأخرها؛ لذا ما عليك إلا أن تنوي، ثم أودعها للخالق يحققها متى ما أراد، ومتى ما توافقت طاقتك مع ذلك تجلى الهدف في الوقت المناسب، وأيضا ما يعيق تحقيقها: قلقك، غضبك، خوفك؛ مما يمنع حدوث سلام داخلي لديك، فبكل بساطة سامح واغفر وابتعد عن المقاومة، ودع الحياة تأخذك بعملك وتحركك المملوء بالتوكل والتسليم المطلق لمدبر الأمر.